الأسهم الأمريكية وحالة ترقب حذر قبل قرار الفيدرالي يهبط بالمؤشرات الرئيسية

شهدت الأسهم الأمريكية تراجعاً طفيفاً يوم الثلاثاء، في تحركات اتسمت بالترقب الحذر، حيث انخرط المستثمرون في عمليات جني أرباح، بينما تترقب الأسواق نتائج اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي المرتقب. ورغم أن مؤشر “S&P 500” كان قد سجل رقماً قياسياً جديداً في وقت سابق من الجلسة، إلا أنه أغلق متراجعاً بنسبة 0.1%، في حين استقر مؤشر “ناسداك المركب” قرب مستويات التعادل، بينما خسر مؤشر “داو جونز الصناعي” 185 نقطة، أي ما يعادل 0.4%. هذه التراجعات الطفيفة تُظهر حالة من عدم اليقين التي تسيطر على المستثمرين، الذين يفضلون اتخاذ موقف الانتظار والترقب قبل الإعلان عن أي قرارات قد تغير مسار السوق.
قادة الأسهم الأمريكية يتراجعون وترقب مصير السياسة النقدية
لم تكن المؤشرات الرئيسية وحدها هي التي شهدت تراجعاً، بل امتد الهبوط ليشمل عدداً من الأسهم القيادية في السوق الصاعدة، مما يعكس مزاجاً عاماً من الحذر. فقد انخفضت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى مثل “إنفيديا” بأكثر من 1.5%، كما تراجعت أسهم كل من “بالانتير” و”مايكروسوفت” و”ألفابت” (الشركة الأم لجوجل). هذه الشركات، التي تُعد محركات النمو الرئيسية في السوق خلال الفترة الماضية، غالباً ما تكون الأكثر حساسية لأخبار السياسة النقدية، حيث يؤثر أي تغيير في أسعار الفائدة بشكل مباشر على تكاليف الاقتراض وتمويل المشاريع المستقبلية.
ويأتي هذا الأداء المتذبذب مع انطلاق الاجتماع الذي يستمر لمدة يومين لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، والذي من المتوقع أن يسفر عن خفض سعر الفائدة لأول مرة منذ ديسمبر الماضي. وتُظهر عقود مؤشرات الفائدة المستقبلية احتمالية بنسبة 100% لخفض بمقدار 25 نقطة أساس على الأقل، وفقاً لأداة “fedwatch“ التابعة لـ”CME”. هذا التوقع القوي يقلل من عنصر المفاجأة في قرار الفيدرالي، ولكنه يزيد من أهمية المؤتمر الصحفي اللاحق لرئيس الفيدرالي، جيروم باول. سيبحث المتداولون عن أي تلميحات بشأن مسار السياسة النقدية في المستقبل، خاصة فيما يتعلق بوتيرة التخفيضات المحتملة في الاجتماعات القادمة هذا العام والعام المقبل. فالأسواق تسعر بالفعل خفضاً واحداً، لكنها تتوق لمعرفة ما إذا كان الفيدرالي سيعتمد مساراً أكثر تساهلاً في المستقبل.
وفي تعليقها على الوضع، قالت سيما شاه، كبيرة الاستراتيجيين العالميين في “برينسيبال لإدارة الأصول”، إنه على الرغم من تباطؤ الطلب على العمالة، فإن “قضايا المعروض من العمالة لا تزال تعوض هذا الضعف، ومخاطر الركود لا تزال محدودة في الوقت الراهن”. وأضافت أن “أي قرار بخفض بمقدار 50 نقطة أساس في هذه المرحلة سيبدو وكأنه مدفوع بالضغط السياسي أكثر من الضرورة الاقتصادية”، مؤكدة أن “خفضاً مدروساً بمقدار 25 نقطة أساس يظل الاستجابة الأنسب، مما يسمح للفيدرالي بالتحرك قبل التباطؤ دون المبالغة في رد الفعل على الإشارات المبكرة للضغوط”. يعكس هذا الرأي المعتدل الاعتقاد بأن الاقتصاد الأمريكي لا يزال قوياً بما يكفي لتجنب تخفيضات كبيرة في الفائدة، وأن أي تحرك متسرع قد يُنظر إليه على أنه استجابة للضغوط السياسية وليس للبيانات الاقتصادية الموضوعية.
محادثات التجارة وقضية “تيك توك”
إلى جانب السياسة النقدية، يستمر المتداولون أيضاً في متابعة تطورات محادثات التجارة العالمية والتعريفات الجمركية المتبادلة المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في نوفمبر. هذه القضايا التجارية تلعب دوراً حاسماً في معنويات السوق، حيث يمكن لأي تصعيد أو تهدئة أن يؤثر بشكل كبير على الأداء العام للأسهم، خاصةً تلك الشركات التي تعتمد على سلاسل التوريد العالمية.
وأوضح وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسينت، في حديث له مع شبكة “CNBC”، أنه يتوقع حدوث المزيد من المحادثات قبل ذلك الموعد النهائي، وأن “الصينيين يدركون الآن أن التوصل إلى اتفاق تجاري ممكن”، وذلك بعد أن اختتم مسؤولون من البلدين محادثات استمرت يومين يوم الاثنين. وكان الرئيس دونالد ترامب قد وصف المحادثات التجارية بشكل إيجابي يوم الاثنين، مما أدى إلى ارتفاع الأسهم الأمريكية ودفع مؤشر “S&P 500” للإغلاق فوق مستوى 6600 نقطة لأول مرة على الإطلاق.
وفي تطور منفصل ولكنه ذي صلة، توصل المسؤولون الأمريكيون والصينيون إلى “اتفاق إطاري” بشأن تطبيق “تيك توك”، يسمح للتطبيق بمواصلة العمل في الولايات المتحدة. وقد أكدت مصادر لـ”CNBC” يوم الثلاثاء أن شركة “أوراكل” ستكون من بين الشركات التي ستمكن عمل التطبيق، مما دفع بسهمها للارتفاع بشكل طفيف. هذا الاتفاق يُنظر إليه كبادرة حسن نية في العلاقات التجارية، مما قد يمهد الطريق لمزيد من التقدم في القضايا الأوسع نطاقاً.
اقرأ أيضا…