أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تستقر وسط ترقب لمخاطر الإمدادات وقرارات الفيدرالي

استقرت أسعار النفط يوم الثلاثاء مع ترقب الأسواق لمخاطر محتملة قد تطال الإمدادات النفطية الروسية، وذلك في أعقاب الهجمات الأوكرانية بطائرات مسيرة على مصافيها. ويأتي هذا الاستقرار أيضاً في ظل ترقب قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة. واستقرت العقود الآجلة لخام برنت عند 67.24 دولار للبرميل، بينما بلغ خام غرب تكساس الأمريكي 63.11 دولار، مما يعكس حالة من الترقب والحذر في الأسواق. وتعد هذه الحركة السعرية المحدودة مؤشراً على وجود عاملين متنافسين يؤثران على معنويات المستثمرين: الأول هو القلق بشأن جانب العرض بسبب المخاطر الجيوسياسية، والثاني هو التوقعات المتعلقة بالطلب التي ترتبط بالسياسة النقدية.

التوترات الجيوسياسية تضغط على الإمدادات

شهدت البنية التحتية للطاقة في روسيا تصعيداً في الهجمات الأوكرانية، في محاولة لإضعاف قدرات موسكو الحربية. وقد أشار محللون في بنك “جي بي مورجان” إلى أن الهجمات على محطات التصدير، مثل محطة “بريمورسك”، لا تستهدف فقط تعطيل الإنتاج المحلي، بل تهدف أيضاً إلى تقييد قدرة روسيا على تصدير نفطها الخام، مما يؤثر مباشرة على الإيرادات الحيوية لموسكو. ويرى المحللون أن هذا النوع من الهجمات يشير إلى رغبة متزايدة في إرباك أسواق النفط الدولية، وهو ما قد يضيف ضغطاً صعودياً على أسعار النفط.

وتقدر التوقعات الصادرة عن بنك “جولدمان ساكس” أن الهجمات الأوكرانية أخرجت حوالي 300,000 برميل يومياً من قدرة التكرير الروسية عن الخدمة خلال شهر أغسطس الجاري وسبتمبر. وعلى الرغم من ذلك، يشير البنك إلى أن الإنتاج الروسي لن ينخفض بشكل كبير، حيث لا يزال المشترون الآسيويون، وخاصة الصين والهند، يعبرون عن استعدادهم لاستيراد النفط الخام الروسي، وهو ما يحد من التأثير الكامل للعقوبات.

وعلى الصعيد السياسي، سلطت تصريحات وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، الضوء على تعقيد الوضع. فقد أشار إلى أن واشنطن لن تفرض رسوماً إضافية على السلع الصينية إلا إذا فرضت الدول الأوروبية رسوماً على الصين والهند، أكبر مستوردي النفط الخام الروسي. وتوضح هذه التصريحات أن الإدارة الأمريكية تحاول تحقيق توازن دقيق بين الضغط على روسيا وتجنب إلحاق الضرر بالعلاقات التجارية مع الشركاء الرئيسيين.

قرارات الفيدرالي الأمريكي وتأثيرها على الطلب

بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية، تترقب الأسواق اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي من المتوقع أن يقرر فيه البنك خفض أسعار الفائدة. وتعتبر هذه الخطوة بالغة الأهمية، حيث يعزز انخفاض تكاليف الاقتراض من شهية المستثمرين للمخاطرة، ويزيد من النشاط الاقتصادي عبر تحفيز الاقتراض والإنفاق، مما ينعكس إيجاباً على الطلب على الوقود بشكل عام. ومع ذلك، يظل المحللون حذرين بشأن مدى قوة الانتعاش الاقتصادي، خاصة مع استمرار بعض التحديات الهيكلية التي قد تحد من تأثير سياسة الفيدرالي.

ويأتي هذا الحذر مع أخذ الأسواق في الاعتبار احتمالية تراجع مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وقد توقعت “رويترز” في استطلاع أن مخزونات الخام والبنزين في الولايات المتحدة قد انخفضت، بينما من المحتمل أن تكون مخزونات نواتج التقطير قد ارتفعت. وتعد بيانات المخزونات الرسمية من العوامل الرئيسية التي تؤثر على أسعار النفط، حيث تعكس مستويات العرض والطلب المحلي. فالتوقعات بانخفاض مخزونات الخام والبنزين تشير إلى أن الطلب لا يزال قوياً، في حين أن ارتفاع مخزونات نواتج التقطير قد يعكس تباطؤاً محتملاً في القطاع الصناعي.

الخلاصة: توازن هش في سوق النفط

تستمر أسعار النفط في التوازن بين عوامل متناقضة: المخاوف المتعلقة بالإمدادات الناتجة عن التوترات الجيوسياسية، وبين التفاؤل الحذر بشأن تعافي الطلب الاقتصادي. إن هذا التفاعل المعقد بين المخاطر السياسية والبيانات الاقتصادية سيظل المحرك الرئيسي لتحركات الأسعار في الفترة المقبلة. ويتجلى هذا التوازن الهش في وجود ما يُعرف بـ”علاوة المخاطر الجيوسياسية” التي تُضاف إلى السعر، مما يجعل النفط أكثر حساسية لأي تصعيد.

في الوقت ذاته، تحاول الأسواق تقييم ما إذا كان خفض أسعار الفائدة المحتمل هو مؤشر على قوة الاقتصاد الأساسية أم أنه مجرد إجراء وقائي لتجنب تباطؤ محتمل، مما يضيف طبقة أخرى من عدم اليقين. إن اتجاه السوق يعتمد على أي من هذه الروايتين – رواية الندرة الناتجة عن التوترات الجيوسياسية أو رواية التباطؤ الاقتصادي – ستكتسب هيمنة في الفترة القادمة، وهذا ما يجعل التنبؤ بـأسعار النفط أمراً بالغ الصعوبة. وبذلك، يظل سوق النفط في حالة من الترقب والحذر، مع استمرار التقلبات في الأسعار.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى