تباطؤ حاد في سوق العمل: بيانات توظيف القطاع الخاص الأمريكية ADP تكشف عن إضافة 54 ألف وظيفة فقط

شهد سوق العمل الأمريكي تباطؤاً ملحوظاً في شهر أغسطس، وفقاً للبيانات الأخيرة التي نشرتها شركة معالجة البيانات “ADP”، والتي تُعد مؤشراً حيوياً ومبكرًا على صحة الاقتصاد. هذه الأرقام تعطي إشارة جديدة على أن سوق الوظائف قد يواجه بعض المتاعب، حيث جاءت بيانات توظيف القطاع الخاص الأمريكية ADP أدنى بكثير من التوقعات، مما يثير تساؤلات حول الزخم الاقتصادي في البلاد.
أظهر التقرير الصادر يوم الخميس أن عدد الوظائف المضافة في القطاع الخاص الأمريكي بلغ 54,000 وظيفة فقط في أغسطس. هذا الرقم يأتي أقل من توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى إضافة 75,000 وظيفة، ويمثل تباطؤاً كبيراً مقارنة بالشهر السابق الذي سجل إضافة 106,000 وظيفة بعد مراجعة البيانات. هذا التراجع الحاد يبعث برسالة واضحة حول حالة الحذر التي تسود أوساط الأعمال، حيث تباطأت الشركات في عمليات التوظيف في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي.
أسباب التباطؤ ومخاوف الاقتصاديين
وفي تعليق لها، أشارت “نيلا ريتشاردسون”، كبيرة الاقتصاديين في ADP، إلى أن “العام بدأ بنمو قوي في الوظائف، لكن هذا الزخم قد تأثر بشدة بفعل حالة عدم اليقين”.
وأضافت أن العوامل المحتملة وراء هذا التباطؤ تشمل مخاوف المستهلكين المتزايدة بسبب استمرار التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، ونقص العمالة الذي يبقي الأجور مرتفعة بشكل غير متناسب، بالإضافة إلى الاضطرابات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي الذي بدأ يعيد تشكيل متطلبات الوظائف ومهامها في العديد من القطاعات.
أداء القطاعات المختلفة
على صعيد القطاعات، كان أداء قطاعات معينة ضعيفاً بشكل خاص في أغسطس. فقد شهد قطاع التجارة، والنقل، والمرافق، الذي يُعد مؤشراً حيوياً على نشاط الاقتصاد، خسارة صافية بلغت 17,000 وظيفة، وهو ما قد يعكس تراجعاً في الإنفاق الاستهلاكي وتصحيحاً في سلاسل التوريد بعد مرحلة الازدهار التي تلت الجائحة.
في المقابل، شهد قطاعا التعليم والخدمات الصحية انخفاضاً بمقدار 12,000 وظيفة. ومع ذلك، تم تعويض هذه الخسائر جزئياً بفضل الانتعاش في قطاع الترفيه والضيافة، الذي أضاف 50,000 وظيفة خلال الشهر، مما يؤكد استمرار إنفاق المستهلكين على الخدمات والسفر، رغم المخاوف الاقتصادية الأوسع نطاقاً.
ثبات نمو الأجور وتأثيره
من جانب آخر، حافظ نمو الأجور على نفس الوتيرة في أغسطس. فقد شهد العاملون الذين بقوا في وظائفهم زيادة في أجورهم بنسبة 4.4% على أساس سنوي، في حين سجلت التغييرات في الوظائف زيادة بنسبة 7.1% على مدار نفس الفترة. هذا الاستقرار في نمو الأجور يمثل نقطة محورية، حيث يشير إلى أن ضغوط التضخم المرتبطة بالأجور لا تزال قائمة، حتى مع تباطؤ وتيرة التوظيف الإجمالية، وهو ما يضع صانعي السياسات أمام تحدٍ معقد.
تداعيات البيانات على السياسة النقدية
يأتي تقرير ADP ليضيف إلى الصورة المقلقة لسوق العمل، خاصة بعد أن أظهر مسح فرص العمل ودوران العمالة (JOLTS) انخفاضاً في عدد الوظائف الشاغرة في يوليو إلى أحد أدنى مستوياته منذ عام 2020. وعلى الرغم من أن تقرير ADP لا يتطابق دائماً مع الأرقام الرسمية الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل، فإنه يُعتبر مؤشراً مبكراً قوياً يمكن أن يؤثر على معنويات السوق. لذا، يترقب المحللون والأسواق تقرير الوظائف الحكومي بفارغ الصبر لتأكيد هذه الاتجاهات.
هذه البيانات الضعيفة في سوق العمل تزيد من الضغط على الاحتياطي الفيدرالي لاتخاذ إجراءات لدعم الاقتصاد. فمع تراجع وتيرة التوظيف، تقل الحاجة لرفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، مما يجعل تخفيض الفائدة خياراً أكثر ترجيحاً لتجنب الركود الاقتصادي. وقد انعكس هذا التوقع بالفعل في سلوك المتداولين، الذين عززوا رهاناتهم على خفض سعر الفائدة في اجتماع سبتمبر، مما يعكس تحولاً واضحاً في نظرة السوق للمسار المستقبلي للسياسة النقدية.
اقرأ أيضا…