أسعار النفط تتراجع وسط ترقب لقرار “أوبك+”

شهدت أسعار النفط العالمية انخفاضًا ملحوظًا، لتواصل تراجعها الذي بدأ في الجلسة السابقة. يأتي هذا الانخفاض في ظل ترقب المستثمرين لاجتماع منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها، المعروفة باسم “أوبك+”، والمقرر عقده نهاية هذا الأسبوع، حيث من المتوقع أن يناقش المنتجون زيادة إضافية في مستويات الإنتاج.
هذا التحرك، إذا تم، سيشير إلى تحول في استراتيجية التحالف من الحفاظ على استقرار الأسعار إلى استعادة حصته السوقية التي فقدها لصالح منتجين آخرين خارج المجموعة، وتحديداً من منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة الذين أحدثوا طفرة في الإنتاج العالمي.
تأثير اجتماع “أوبك+” على الأسواق
انخفضت أسعار النفط الخام، حيث تراجع خام برنت، وهو المعيار العالمي الذي يقيس أكثر من ثلثي إمدادات العالم، بنسبة 0.6% ليصل إلى 67.17 دولار للبرميل، بينما انخفض خام غرب تكساس الأمريكي، الذي يعد مؤشرًا رئيسيًا لسوق النفط في الولايات المتحدة، بنسبة 0.7% إلى 63.53 دولارًا للبرميل. ويعود هذا التراجع بشكل أساسي إلى التوقعات بأن تسعى “أوبك+” لاستعادة حصتها السوقية. ففي ظل المنافسة المتزايدة، توازن المجموعة بين هدفين رئيسيين: الحفاظ على أسعار مرتفعة بما يكفي لدعم إيراداتها الوطنية، واستعادة السيطرة على السوق لضمان استدامتها على المدى الطويل. هذا التوازن الدقيق هو ما يجعل كل قرار للمجموعة محل اهتمام عالمي.
وفقًا لمصادر مطلعة، يدرس ثمانية أعضاء في التحالف زيادة إضافية في إنتاج شهر أكتوبر. وكان التحالف قد وافق بالفعل على زيادة الإنتاج بحوالي 2.2 مليون برميل يوميًا في الفترة من أبريل إلى سبتمبر، بالإضافة إلى زيادة حصة إنتاج الإمارات العربية المتحدة بمقدار 300 ألف برميل يوميًا. ويؤكد هذا التوجه أن أولوية “أوبك+” في الوقت الحالي هي استعادة السيطرة على السوق بدلاً من دعم الأسعار، وهو ما يبعث برسالة قوية للأسواق العالمية بأن العرض قد يزيد بشكل يفوق التوقعات، مما يمارس ضغوطًا هبوطية على الأسعار.
عوامل أخرى تؤثر على أسعار النفط
بالإضافة إلى العوامل المتعلقة بالعرض، تلعب البيانات الاقتصادية دورًا محوريًا في تحديد مسار أسعار النفط. إن صحة الاقتصاد العالمي هي المحرك الرئيسي للطلب على الطاقة. في هذا السياق، أظهرت بيانات أمريكية حديثة تراجعًا في عدد فرص العمل إلى أدنى مستوى لها في عشرة أشهر، مما يشير إلى تباطؤ في سوق العمل. وهذا بدوره يعزز التوقعات بأن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه لخفض أسعار الفائدة هذا الشهر، مما قد يؤثر على الطلب العالمي على النفط. ففي حال تباطؤ الاقتصاد، يقل النشاط الصناعي والتجاري، وبالتالي يضعف الطلب على الوقود والنقل، مما ينعكس سلبًا على أسعار النفط.
كما يترقب المستثمرون صدور بيانات المخزون الأمريكي من النفط الخام، والتي تعتبر مؤشرًا هامًا على قوة الطلب في أكبر مستهلك للنفط في العالم. إن تراكم المخزون يعني أن هناك فائضًا في العرض أو ضعفًا في الطلب، بينما يشير انخفاضه إلى نشاط اقتصادي قوي وارتفاع في الاستهلاك. وتشير أرقام أولية من معهد البترول الأمريكي (API) إلى ارتفاع طفيف في المخزون خلال الأسبوع الماضي، وهو ما يضيف إلى مخاوف المستثمرين ويزيد من الضغوط على الأسعار.
النفط في الشرق الأوسط
على الرغم من الزيادات المتسارعة في الإنتاج، ظلت أسعار النفط في منطقة الشرق الأوسط هي الأقوى عالميًا خلال الأشهر القليلة الماضية. ويمكن تفسير هذه القوة بعوامل متعددة مثل جودة النفط الخام المنتَج في المنطقة، وقربها من الأسواق الآسيوية سريعة النمو، بالإضافة إلى العلاقات التجارية طويلة الأمد التي تضمن استمرار الطلب. هذا الأمر عزز ثقة المملكة العربية السعودية وأعضاء آخرين في “أوبك” لزيادة الإنتاج، مما يؤكد قدرتهم على إدارة العرض والطلب في السوق بفعالية وثبات، حتى في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية.
ختاما تظل أسعار النفط عرضة للتقلبات المتأثرة بعوامل متعددة تشمل قرارات الإنتاج من “أوبك+”، والبيانات الاقتصادية الكلية، ومستويات المخزون العالمية. فكل قرار تتخذه “أوبك+” وكل تقرير اقتصادي يتم نشره يلقي بظلاله على الأسواق. وفي حين أن استراتيجية “أوبك+” قد تركز حاليًا على الحصة السوقية، فإن قوة الطلب وسلامة الاقتصاد العالمي ستبقى هي المحدد الرئيسي لاتجاه الأسعار في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، تواجه السوق تحديات جديدة مثل التحول المتزايد نحو الطاقة المتجددة، وهو ما يفرض على الدول المنتجة إعادة تقييم استراتيجياتها لضمان استدامة قطاع الطاقة على المدى الطويل.
اقرأ أيضا…