أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تتراجع وسط مخاوف الإمدادات ومخاطر جيوسياسية متزايدة

تراجعت أسعار النفط بأكثر من 1% في تعاملات اليوم الثلاثاء، لتتخلى عن المكاسب الكبيرة التي حققتها في الجلسة السابقة. يأتي هذا الانخفاض في ظل حالة من الترقب والحذر تسود الأسواق المالية، حيث يواصل المستثمرون مراقبة التطورات الجيوسياسية المعقدة، لا سيما تلك المتعلقة بالصراع الدائر في أوكرانيا وتأثيره المحتمل على إمدادات الطاقة الروسية. وقد جاء هذا الانعكاس الحاد بعد أن كانت الأسعار قد لامست أعلى مستوياتها في نحو ثلاثة أسابيع.

أسباب التراجع الحالية وشهية المخاطرة

انخفض سعر خام برنت القياسي بما يعادل 1.57% ليصل إلى 67.72 دولاراً للبرميل، بعد أن كان قد سجل أعلى مستوى له منذ بداية أغسطس في الجلسة الماضية. وبالمثل، تراجع خام غرب تكساس (WTI) بنحو 1.74%، ليستقر عند 63.67 دولاراً.

ويعزو خبراء السوق هذا الانخفاض إلى حالة من “النفور من المخاطرة” التي أثرت على أداء الأسواق بشكل عام، حيث يميل المستثمرون في أوقات عدم اليقين إلى بيع الأصول التي تحمل مخاطرة أعلى مثل النفط، والتوجه نحو أصول أكثر أماناً.

وكان الارتفاع الذي شهدته أسعار النفط يوم الاثنين مدفوعاً بشكل أساسي بمخاوف الإمدادات، خاصة بعد الهجمات الأوكرانية بطائرات مسيرة على البنية التحتية للطاقة الروسية، ما أدى إلى اضطرابات في عمليات تكرير النفط وتسبب في نقص في إمدادات البنزين ببعض أجزاء روسيا. وقد عززت هذه الهجمات من المخاوف بشأن قدرة روسيا على الحفاظ على تدفقات إمداداتها النفطية، مما قدم دعماً قوياً للأسعار في ذلك اليوم.

تصعيد المخاطر الجيوسياسية والسياسات العالمية

إلى جانب التطورات الميدانية، أضافت التهديدات السياسية طبقة جديدة من عدم اليقين على السوق. فقد جدد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تهديده بفرض عقوبات جديدة على روسيا إذا لم يتم إحراز تقدم نحو اتفاق سلام في أوكرانيا خلال الأسبوعين المقبلين. هذا التهديد، وإن كان لا يزال احتمالاً، يثير قلق المتداولين من أن أي قيود أمريكية إضافية قد تزيد من حدة تقليص الإمدادات، مما قد يؤدي إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط على نحو غير متوقع.

وفي المقابل، تشير تقارير إلى أن مسؤولين من الحكومتين الأمريكية والروسية قد أجروا مباحثات غير رسمية حول صفقات للطاقة على هامش المفاوضات الهادفة لتحقيق السلام. هذا التباين بين التهديدات العلنية والمحادثات الخلفية يجعل الصورة أكثر ضبابية، ويزيد من صعوبة التنبؤ بمسار السوق على المدى القصير.

التوترات التجارية: الهند في مرمى النيران

لا يقتصر الوضع على الصراع الأوكراني فحسب، بل يمتد ليشمل توترات تجارية أخرى تؤثر على أسعار النفط. وتبرز في هذا السياق المخاوف بشأن فرض الولايات المتحدة تعريفات جمركية على الهند، والتي تعد ثالث أكبر مشترٍ للنفط الروسي.

وقد تزيد هذه الرسوم الجمركية على الصادرات الهندية لتصل إلى 50%، وهو ما يعد من أعلى الرسوم التي قد تفرضها واشنطن. هذا الإجراء قد يضع الهند في موقف صعب ويجبرها على إعادة تقييم علاقاتها التجارية، مما قد يؤدي إلى اضطرابات في تدفقات النفط العالمية.

توقعات مستقبلية في ظل حالة من عدم اليقين

في ظل هذه المعطيات المتشابكة، يرى خبراء السوق أن التقلبات ستظل السمة السائدة. ويشير المحلل تاماس فارغا من PVM Oil Associates إلى أن “الكم الهائل من حالة عدم اليقين في سوق النفط” يجعل المستثمرين غير راغبين في الالتزام بأي اتجاه محدد لفترات طويلة.

وعلى المدى المتوسط، يتوقع المحللون أن تبقى أسعار النفط لخام برنت ضمن نطاق تداول محدد، يترواح بين 65 و 74 دولاراً للبرميل. هذا النطاق يعكس توازناً دقيقاً بين عوامل الدعم، مثل المخاوف المستمرة بشأن الإمدادات الروسية، وعوامل الضغط، مثل حالة النفور من المخاطر وتباطؤ النمو الاقتصادي في بعض الأسواق. هذه التوقعات تشير إلى أن السوق قد يشهد تحركات عرضية دون اتجاه صعودي أو هبوطي قوي ومستمر في المستقبل القريب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى