أسعار الذهب تتأرجح والأنظار تتجه نحو الفيدرالي الأمريكي وقمة جاكسون هول

تواصل أسعار الذهب تذبذبها وسط حالة من الترقب في الأسواق العالمية، حيث سجل المعدن الثمين ارتفاعاً طفيفاً اليوم الأربعاء، لكنه ظل قريباً من أدنى مستوياته في ثلاثة أسابيع. هذا التحرك المحدود يأتي قبيل حدثين مهمين ينتظرهما المستثمرون بشغف هذا الأسبوع: محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لشهر يوليو وندوة جاكسون هول المرموقة التي تجمع محافظي البنوك المركزية. ويُعتقد أن هذه الأحداث ستوفر إشارات حاسمة حول المسار المستقبلي للسياسة النقدية، وهو العامل الرئيسي الذي يؤثر في جاذبية الذهب كأداة استثمارية.
ارتفاع طفيف وسط حالة من الترقب
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.2% ليصل إلى 3,321.33 دولار للأونصة الواحدة، وذلك بعد أن كان قد لامس أدنى مستوى له منذ الأول من أغسطس. كما شهدت العقود الآجلة للذهب الأمريكي لشهر ديسمبر ارتفاعاً مماثلاً بنسبة 0.2% لتصل إلى 3,364.20 دولار. ويُعد هذا الارتفاع البسيط بمثابة إشارة على أن السوق تنتظر إشارات واضحة حول مسار السياسة النقدية الأمريكية. ففي ظل حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق، يلجأ العديد من المستثمرين إلى الذهب بصفته ملاذاً آمناً، لكن هذا اللجوء قد يتوقف على توقعاتهم لقرارات البنك المركزي الأمريكي.
ومن العوامل التي تحد من صعود أسعار الذهب هو استقرار مؤشر الدولار الأمريكي قرب أعلى مستوى له في أكثر من أسبوع. فالعلاقة العكسية بين الدولار والذهب هي علاقة كلاسيكية في الأسواق المالية؛ حيث يجعل الدولار القوي الذهب المقوم به أكثر تكلفة بالنسبة لحاملي العملات الأخرى، مما يقلل من الطلب عليه. وفي هذا السياق، يوضح هان تان، كبير محللي السوق في منصة التداول Nemo.Money، أن “سعر الذهب الفوري سيظل على الأرجح يلتزم بنطاقه الجانبي حتى يتمكن الفيدرالي من استئناف دورة خفض أسعار الفائدة، في حين أن مرونة الدولار هذا الشهر تجعل من الصعب على الذهب أن يتجه صعوداً بقوة”.
محضر الفيدرالي وقمة جاكسون هول
تترقب الأسواق محضر اجتماع الفيدرالي الأمريكي المقرر صدوره في وقت لاحق اليوم، والذي من المتوقع أن يقدم رؤى إضافية حول التوقعات الاقتصادية للبنك المركزي. ويتطلع المستثمرون بشكل خاص إلى معرفة مدى قوة الأصوات المعارضة لقرار السياسة النقدية الأخير، حيث يرى تان أن “الذهب قد يشهد دفعة طفيفة قبل قمة جاكسون هول، إذا ما أظهر محضر الاجتماع أن الأصوات المعارضة كانت أقوى مما كان متصوراً”. وتُعد هذه الأصوات مؤشراً محتملاً على أن هناك نقاشاً داخلياً متزايداً حول ضرورة تخفيف السياسة النقدية لدعم النمو الاقتصادي، وهو ما يعد في صالح الذهب.
من المقرر أن يلقي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، كلمة في ندوة جاكسون هول يوم الجمعة، مما سيوفر المزيد من الإشارات حول اتجاه السياسة النقدية. وتُعد هذه الندوة منصة رئيسية لمحافظي البنوك المركزية لإرسال رسائل واضحة إلى الأسواق، ومن المتوقع أن يركز باول على التوقعات الاقتصادية للفترة القادمة، مع الإشارة إلى أي تغييرات محتملة في مسار أسعار الفائدة. ويُعرف الذهب بأنه ملاذ آمن للمستثمرين في بيئات أسعار الفائدة المنخفضة، حيث يقلل انخفاض العائد على السندات من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالذهب، الذي لا يدر أي عوائد.
تأثير العوامل الجيوسياسية على جاذبية الذهب
على الصعيد الجيوسياسي، يستمر التوتر في التأثير على معنويات السوق. وقد أشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى إمكانية أن يكون الدعم الجوي جزءاً من صفقة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، بينما أشاد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالمحادثات الأخيرة باعتبارها “خطوة كبيرة إلى الأمام”.
هذه التطورات الجيوسياسية غالباً ما تزيد من جاذبية الذهب كأصل آمن، حيث يلجأ المستثمرون إليه لحماية رؤوس أموالهم من الاضطرابات المحتملة. وتُعد الأزمات الجيوسياسية، إلى جانب حالة عدم اليقين الاقتصادي، من المحفزات الرئيسية لارتفاع أسعار الذهب عبر التاريخ.
أداء المعادن الثمينة الأخرى
أما بالنسبة للمعادن الثمينة الأخرى، فقد انخفض سعر الفضة الفوري بنسبة 1% إلى 36.98 دولار للأونصة، في حين ارتفع البلاتين بنسبة 0.4% إلى 1,311.05 دولار، وتراجع البلاديوم بنسبة 0.8% إلى 1,105.98 دولار. وبينما يُعتبر الذهب في المقام الأول أداة استثمارية وملاذاً آمناً، فإن الفضة والبلاتين والبلاديوم لها استخدامات صناعية كبيرة، مما يجعل أسعارها أكثر ارتباطاً بآفاق النمو الاقتصادي العالمي.
اقرأ أيضا….