أخبار الأسواقأسهم أمريكيةأسهم

الأسهم الأمريكية تتراجع وسط ضغوط على قطاع التكنولوجيا

شهدت الأسهم الأمريكية تراجعاً ملحوظاً في مؤشراتها الرئيسية، حيث أنهى مؤشر S&P 500 تداولاته على انخفاض، متأثراً بتراجع واسع النطاق في أسهم قطاع التكنولوجيا. على الرغم من ذلك، لامس مؤشر داو جونز الصناعي لفترة وجيزة مستوى قياسياً جديداً، في إشارة إلى تباين الأداء بين القطاعات، مما يعكس تحولاً محتملاً في الديناميكيات السوقية.

هذا التباين يسلط الضوء على أن قوة السوق لم تعد مقتصرة على شركات التكنولوجيا الكبرى التي قادت الارتفاعات الأخيرة، بل بدأت تنتشر إلى قطاعات أخرى تعتبر أكثر تقليدية وتأثراً بالعوامل الاقتصادية الأساسية.

تراجع أسهم التكنولوجيا يقود الهبوط

يُعزى الانخفاض في مؤشر S&P 500 وناسداك المركب بشكل رئيسي إلى الضغوط البيعية على الأسهم التقنية العملاقة وشركات صناعة الرقائق التي كانت المحرك الأساسي لارتفاعات السوق في الفترة الماضية. فقد تراجعت أسهم شركة “إنفيديا” (Nvidia) بنسبة قاربت 3.5%، بينما انخفضت أسهم “أدفانسد مايكرو ديفايسز” (AMD) و”برودكوم” (Broadcom) بنسبة 5.5% و3.6% على التوالي، مما ألقى بظلاله على المؤشرات التكنولوجية.

هذا التراجع في أسهم صانعي الرقائق يعكس مخاوف المستثمرين من أن التقييمات المرتفعة للغاية قد لا تكون مبررة بالكامل في ظل التحديات التي قد تواجهها سلاسل التوريد والنمو المستقبلي. كما كان أداء سهم “بالانتير” (Palantir)، المتخصصة في البرمجيات، هو الأسوأ ضمن مؤشر S&P 500، حيث هبط بأكثر من 9.5% في حركة بيع حادة تعكس مخاوف المستثمرين من ارتفاع تقييمات هذه الأسهم، خاصة بعد أن بلغت مستويات لم تشهدها منذ فترة طويلة، مما دفع بعض المحللين إلى التشكيك في مدى استدامة هذا النمو السريع.

هذا الأداء السلبي لأسهم التكنولوجيا يأتي في وقت يشهد فيه السوق تقييماً جديداً لموجة التفاؤل المرتبطة بالذكاء الاصطناعي. وفي هذا الصدد، يرى جايسون برونتشيتي، كبير مسؤولي الاستثمار في “لينكولن فاينانشال”، أن “تداول الذكاء الاصطناعي قد لا يكون في حالة انهيار، ولكنه ربما يلتقط أنفاسه”.

وأشار إلى أن هذا التوقف طبيعي بعد ارتفاع مؤشر ناسداك بأكثر من 40% منذ أبريل، حيث يعيد السوق مواءمة نفسه مع البيانات الاقتصادية الأخيرة وتوقعات سياسة الاحتياطي الفيدرالي. وأضاف برونتشيتي أن تحول رأس المال نحو شركات في قطاعات أخرى تثبت قدرتها على دمج الذكاء الاصطناعي لتحسين هوامش الربح والكفاءة، قد يدعم تقدماً أكثر استدامة للسوق على المدى الطويل، على الرغم من أن التقلبات على المدى القريب ستظل محتملة.

هذا التحول يعني أن الاستثمار قد يبتعد عن شركات التكنولوجيا البحتة التي تركز فقط على تطوير الذكاء الاصطناعي، ويتجه نحو الشركات في قطاعات مثل الرعاية الصحية، الصناعة، وحتى التجزئة، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة لتحسين أدائها الأساسي، مما يخلق فرصًا استثمارية جديدة وأكثر تنوعًا.

صعود “هوم ديبوت” وترقب لنتائج الشركات

في ظل هذا التراجع الواسع، كانت هناك بعض النقاط المضيئة في الأسهم الأمريكية. فقد ارتفعت أسهم شركة “هوم ديبوت” (Home Depot) بنسبة 3.7%، وذلك بعد أن حافظت الشركة على توقعاتها للعام بأكمله على الرغم من أن أرباح الربع الثاني جاءت أقل من التوقعات، مما طمأن المستثمرين على مرونة قطاع تحسين المنازل.

هذا الأداء القوي يشير إلى أن المستهلكين لا يزالون ينفقون على مشروعات المنازل، وهو ما يعتبر مؤشراً إيجابياً على ثقة المستهلك ومرونة الاقتصاد الأوسع، حتى في ظل المخاوف من تباطؤ النمو.

يتجه المستثمرون الآن بأنظارهم نحو نتائج الأرباح المرتقبة لشركات تجارة التجزئة الكبرى مثل “لويز” (Lowe’s) و”وول مارت” (Walmart) و”تارغت” (Target) في وقت لاحق من هذا الأسبوع. وستوفر هذه النتائج رؤى هامة حول وضع المستهلك في ظل التوقعات المختلطة للتضخم وتغير السياسات التجارية الأمريكية، حيث يسعى المحللون لفهم مدى تأثير الرسوم الجمركية على هوامش ربح هذه الشركات وقدرتها على نقل التكاليف إلى المستهلكين.

فإذا أظهرت هذه الشركات قدرتها على الحفاظ على الربحية في بيئة اقتصادية متقلبة، فقد يعطي ذلك دفعة معنوية للسوق ككل، وقد يعزز من التوقعات بأن الاقتصاد الأمريكي قادر على تجاوز التحديات الحالية.

ترقب منتدى جاكسون هول وتوقعات الاحتياطي الفيدرالي

تتزايد حالة الترقب في وول ستريت قبيل منتدى جاكسون هول الاقتصادي السنوي الذي يعقده الاحتياطي الفيدرالي، والذي من المتوقع أن يلقي فيه رئيسه، جيروم باول، كلمة مهمة يوم الجمعة. يبحث المستثمرون عن أي تلميحات بشأن ما سيحدث في اجتماعات السياسة النقدية المتبقية لهذا العام، خاصة بعد البيانات الاقتصادية المتضاربة التي صدرت مؤخراً. هذه البيانات تشمل أرقام التضخم التي لا تزال أعلى من المستهدف، وبيانات سوق العمل التي تظهر قوة مستمرة، مما يضع الاحتياطي الفيدرالي في موقف صعب بين مكافحة التضخم والحفاظ على استقرار الاقتصاد.

وتشير التوقعات في سوق العقود الآجلة للأموال الفيدرالية إلى وجود فرصة بنسبة 83% لخفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في الاجتماع القادم للبنك المركزي في سبتمبر. هذا التفاؤل يعتمد على الاعتقاد بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يكون راغباً في تقديم بعض الدعم للاقتصاد بعد فترة من التشديد النقدي.

ويعتقد ستيفن شوارتز، الشريك المؤسس في شركة “بايونير فاينانشال”، أن “خطاب باول في جاكسون هول سيكون نقطة تحول للأسواق، حيث نتوقع أن يشير إلى أن خفض أسعار الفائدة محتمل في اجتماع سبتمبر القادم”. وأضاف أن التقييمات قد يكون لديها مجال أكبر للتوسع في النصف الثاني من عام 2025، حيث سيبدأ المستثمرون في تسعير أرباح عام 2026، والتي من المتوقع أن تتحسن بفضل احتمالية انخفاض أسعار الفائدة وتزايد وضوح السياسة التجارية.

هذا التفاؤل على المدى الطويل يتناقض مع التقلبات الحالية، مما يجعل خطاب باول حاسماً في توجيه مسار السوق للفترة المقبلة. فكلمته قد تحدد ما إذا كان السوق سيعود إلى زخم الصعود الذي شهده في النصف الأول من العام، أم أنه سيستمر في مرحلة من التقييم والترقب.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى