أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب ترتفع بدعم من ضعف الدولار وترقب اجتماع جاكسون هول

شهدت أسعار الذهب ارتفاعًا ملحوظًا، مدعومة بتراجع عوائد سندات الخزانة وضعف الدولار الأمريكي، مع تزايد التوقعات بشأن خفض محتمل لأسعار الفائدة في الولايات المتحدة. هذه العوامل الاقتصادية الأساسية، إلى جانب الترقب لمؤشرات السياسة النقدية، وضعت المعدن النفيس في صدارة اهتمامات المستثمرين. وبينما يراقب الجميع بحذر، تتجه الأنظار إلى القمة الاقتصادية السنوية في جاكسون هول، والتي قد تقدم إشارات واضحة حول المستقبل الاقتصادي العالمي وسياسات الاحتياطي الفيدرالي.

الذهب يرتفع وسط تراجع الدولار وعوائد السندات: علاقة معقدة ومؤثرة

ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.4% ليصل إلى 3,341.89 دولار للأونصة، فيما صعدت العقود الآجلة للذهب لشهر ديسمبر بنسبة 0.3% إلى 3,386.60 دولار. ويعود هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى العلاقة العكسية الراسخة بين الذهب وكل من الدولار وعوائد السندات، وهي علاقة تاريخية تجعل من الذهب أصلًا فريدًا في أسواق المال.

فقد تراجع مؤشر الدولار الأمريكي، مما يجعل المعدن الأصفر أرخص ثمنًا للمشترين من حاملي العملات الأخرى، وبالتالي يحفز الطلب عليه. ببساطة، عندما يفقد الدولار من قيمته، فإن شراء الذهب يصبح أقل تكلفة بالنسبة للمستثمرين في اليورو أو الين أو أي عملة أخرى، مما يزيد من جاذبيته. وفي الوقت نفسه، انخفضت عوائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات، وهو ما يمثل تراجعًا في العائد على الأصول الآمنة الأخرى التي تدر فائدة. هذا التراجع يقلل من جاذبية هذه الأصول، ويجعل الذهب، الذي لا يدر أي عوائد دورية، خيارًا استثماريًا أكثر جاذبية للمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن لتخزين القيمة. على سبيل المثال، إذا كان العائد على السندات 5%، فإن المستثمر قد يفضلها على الذهب. ولكن إذا انخفض هذا العائد إلى 2%، فإن جاذبية الذهب كمخزن للقيمة تزداد بشكل كبير، لأنه لا توجد فرصة كبيرة لخسارة الدخل من الفائدة.

أنظار المستثمرين تتجه نحو جاكسون هول

تتركز اهتمامات السوق حاليًا على كلمة رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، في ندوة جاكسون هول التي تستمر من 21 إلى 23 أغسطس. وتعتبر هذه الندوة منصة مهمة لتقديم توجيهات حول مستقبل السياسة النقدية. حيث من المتوقع أن توضح تصريحاته الرؤية المستقبلية للبنك المركزي الأمريكي بشأن الاقتصاد، وتؤثر بشكل مباشر على قرارات المستثمرين في أسواق السلع. يبحث المستثمرون عن أي إشارة حول نية البنك المركزي في تغيير مساره، سواء بتأكيد التوجه نحو خفض أسعار الفائدة أو بالإشارة إلى ضرورة الإبقاء عليها مرتفعة.

وفقًا لأداة “CME FedWatch”، يتوقع المستثمرون بنسبة 83% خفضًا في سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر. ويُعد هذا التوقع أحد الدوافع الرئيسية لارتفاع أسعار الذهب، إذ أن خفض الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن النفيس، مما يجعله أكثر جاذبية مقارنة بالأصول الأخرى مثل السندات. كما أن سياسات التيسير النقدي غالبًا ما تؤدي إلى تضخم، وهو ما يعتبر بيئة مثالية لازدهار الذهب كأداة للتحوط ضد ارتفاع الأسعار، حيث يميل المستثمرون إلى شراء الذهب للحفاظ على قوتهم الشرائية في مواجهة تآكل قيمة العملات.

العوامل الجيوسياسية وتوقعات أسعار الفائدة

إضافة إلى العوامل الاقتصادية المباشرة، لا تزال التوترات الجيوسياسية تلعب دورًا محوريًا في دعم أسعار الذهب كملاذ آمن. ففي ظل التقلبات المتعلقة بالتوترات التجارية العالمية والجهود الدبلوماسية المستمرة لإنهاء الصراع الروسي-الأوكراني، يرى محللون أن المخاطر العالمية قد تدفع الذهب للارتفاع على المدى المتوسط، حيث يلجأ إليه المستثمرون لحماية ثرواتهم في أوقات الأزمات.

ويشير محلل السلع في بنك يو بي إس، جيوفاني ستونوفو، إلى أن الذهب ظل في نطاق ضيق مؤخرًا، لكنه يتوقع أن تدفعه المخاطر العالمية إلى الارتفاع على المدى المتوسط. على سبيل المثال، لا تزال المفاوضات المتعلقة بالأمن الأوكراني معقدة بعد لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وتأكيد ترامب على مساعدة أمريكا لضمان أمن أوكرانيا في أي اتفاق سلام، وهو ما يضيف طبقة من عدم اليقين الجيوسياسي. وقد توفر محاضر اجتماع يوليو للاحتياطي الفيدرالي، المقرر إصدارها يوم الأربعاء، مزيدًا من المؤشرات حول التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة. هذه البيانات قد تؤكد أو تغير توقعات السوق بشأن خفض أسعار الفائدة، وبالتالي تؤثر على تحركات الذهب على المدى القصير. وفي الوقت نفسه، شهدت المعادن الأخرى ارتفاعات أيضًا، حيث صعدت الفضة بنسبة 0.2% والبلاتين بنسبة 1.5% والبلاديوم بنسبة 0.4%، مما يعكس مزاجًا عامًا إيجابيًا تجاه المعادن الثمينة.

في النهاية تتضافر عدة عوامل لدعم ارتفاع أسعار الذهب حاليًا، أبرزها ضعف الدولار الأمريكي وتراجع عوائد السندات، بالإضافة إلى التوقعات المتزايدة بخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. ومع ترقب كلمة جيروم باول في جاكسون هول، يظل الذهب ملاذًا آمنًا للمستثمرين في مواجهة حالة عدم اليقين الاقتصادي والجيوسياسي. وتؤكد هذه التحركات على مكانة الذهب كأداة استثمارية أساسية في محافظ المستثمرين، سواء للتحوط من المخاطر أو للاستفادة من تقلبات الأسواق في عالم يتسم بالعديد من التحديات الاقتصادية والسياسية.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى