الأسهم الأمريكية تنخفض ولكنها تنهي الأسبوع على ارتفاع

أنهى مؤشر S&P 500 الأسبوع محققًا مكاسبه الأسبوعية الثانية على التوالي، على الرغم من تراجعه الطفيف يوم الجمعة بعد وصوله إلى مستوى قياسي جديد. جاء هذا الأداء القوي مدعومًا بآمال المستثمرين في خفض وشيك لسعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وهو ما يسلط الضوء على العلاقة المعقدة بين البيانات الاقتصادية، قرارات السياسة النقدية، وآفاق الأسهم الأمريكية.
نظرة على أداء السوق في نهاية الأسبوع
بعد أسبوع من الأداء الإيجابي، شهدت مؤشرات السوق الرئيسية تراجعًا يوم الجمعة مع قيام المستثمرين بجني الأرباح. هبط مؤشر S&P 500 بنحو 0.2%، في حين انخفض مؤشر ناسداك المركب بحوالي 0.4%. وعلى النقيض، تفوق مؤشر داو جونز الصناعي بارتفاع قدره 66 نقطة، بفضل قفزة بنسبة 14% في أسهم شركة يونايتد هيلث. كان هذا التباين في الأداء بمثابة تذكير للمستثمرين بأن السوق قد يظهر أداءً مختلطًا، حتى في الأيام التي تشهد فيها المؤشرات الكبرى ارتفاعًا.
كانت الضغوط على السوق واضحة من قطاع التكنولوجيا والشركات المصنعة للرقائق، حيث تراجع سهم “أبلايد ماتيريالز” بنسبة 14%، في حين خسر سهم “نفيديا” 2%. يعكس هذا التراجع حالة من الحذر تجاه القطاع الذي قاد جزءًا كبيرًا من الارتفاعات الأخيرة، مما دفع المستثمرين إلى إعادة تقييم المخاطر بعد فترات طويلة من المكاسب.
وجاء هذا التراجع أيضًا بالتزامن مع صدور بيانات ضعيفة حول ثقة المستهلك، حيث انخفض مؤشر جامعة ميشيغان لثقة المستهلكين إلى 58.6 نقطة في أغسطس، مدفوعًا بمخاوف بشأن التضخم. هذا الانخفاض في ثقة المستهلك يعكس قلق الأسر الأمريكية المتزايد بشأن قدرتهم على مواجهة ارتفاع الأسعار المستمر، مما يلقي بظلال من الشك على استمرارية الإنفاق الاستهلاكي القوي في المستقبل القريب.
آمال المستثمرين في خفض سعر الفائدة وتأثيره على الأسهم الأمريكية
على الرغم من تراجع يوم الجمعة، حافظت المؤشرات الرئيسية على زخمها الإيجابي خلال الأسبوع. ارتفع مؤشر داو جونز بنسبة 2%، في حين صعد مؤشرا S&P 500 وناسداك بنسبة 1% لكل منهما. تعززت هذه المكاسب بفضل بيانات التضخم الجديدة التي عززت التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه إلى خفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل.
تُعد قرارات الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة محركًا رئيسيًا لتقييم الأسهم الأمريكية. عندما يواجه الاقتصاد الأمريكي مستويات تضخم مرتفعة، يميل البنك المركزي إلى رفع أسعار الفائدة. هذا الإجراء يزيد من تكلفة الاقتراض للشركات والأفراد، مما قد يؤثر سلبًا على الأرباح المستقبلية ويدفع المستثمرين نحو الأصول ذات العوائد الثابتة مثل السندات. وهذا ما يفسر الضغط الذي قد تتعرض له الأسهم الأمريكية في أوقات التشدد النقدي.
على النقيض من ذلك، فإن التوقعات بخفض أسعار الفائدة تغير المعادلة. عندما يقرر الفيدرالي خفض الفائدة، تنخفض تكلفة الاقتراض، مما يسهل على الشركات التوسع ويزيد من جاذبية الاستثمار في الأسواق. هذا الأمر يجعل الأسهم الأمريكية أكثر جاذبية، حيث يتوقع المستثمرون أن يؤدي هذا التيسير النقدي إلى تحسين أرباح الشركات ونمو الاقتصاد ككل.
هذا الارتباط الوثيق بين السياسة النقدية وقيمة الأسهم الأمريكية هو ما يجعله في بؤرة اهتمام المستثمرين. وقد أشار جاي هاتفيلد، المدير التنفيذي للاستثمار في إنفراستركتشر كابيتال أدفيزورز، إلى أن “طفرة الذكاء الاصطناعي وخفض أسعار الفائدة المرتقب من الفيدرالي يدعمان السوق”. ورغم ضعف الأداء التاريخي في شهري أغسطس وسبتمبر، يبدو أن السوق لا يزال يتجه نحو الارتفاع، مما يعكس قوة العوامل التي تدفع به إلى الأمام.
الصورة الأوسع للاقتصاد الأمريكي
لم تكن كل البيانات الاقتصادية سلبية. فقد كشفت بيانات مبيعات التجزئة لشهر يوليو عن استمرار صحة المستهلك الأمريكي، حيث ارتفعت المبيعات بنسبة 0.5%، بما يتوافق مع التوقعات. يشير هذا إلى أن الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل ركيزة أساسية للاقتصاد الأمريكي، لا يزال قويًا، مما يعطي المستثمرين سببًا للتفاؤل على المدى الطويل. هذا الصمود في الإنفاق يبعث برسالة طمأنينة بأن الاقتصاد قد يكون قادرًا على تحمل السياسات النقدية الصارمة التي تم تطبيقها مؤخرًا، مما يقلل من مخاوف الركود المحتمل.
وفي الختام، يظهر أداء السوق هذا الأسبوع قدرته على الصمود في ظل حالة من عدم اليقين. وبينما يستمر المستثمرون في مراقبة بيانات التضخم عن كثب، يبقى مصير سوق الأسهم مرتبطًا بشكل كبير بقرارات الاحتياطي الفيدرالي التي تؤثر بشكل مباشر على أسعار الفائدة، وبالتالي على تقييم الأسهم الأمريكية ومسار الاقتصاد الأوسع.
اقرأ أيضا…