أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

الدولار الأمريكي يتراجع إلى أدنى مستوى في أسبوعين

شهد سعر صرف الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا يوم الأربعاء، ليصل إلى أدنى مستوى له منذ أسبوعين. ويأتي هذا التراجع مدفوعًا بمجموعة من العوامل الاقتصادية والسياسية التي أثرت بشكل مباشر على ثقة المستثمرين في العملة الخضراء. فقد أثارت البيانات المعتدلة حول التضخم الأمريكي توقعات قوية بقيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة في الشهر المقبل، في حين أضافت محاولات الرئيس دونالد ترامب للتدخل في استقلالية المؤسسات الأمريكية طبقة إضافية من عدم اليقين.

تضخم معتدل يغذي آمال تخفيض الفائدة

أظهرت البيانات الصادرة يوم الثلاثاء أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة زادت بشكل هامشي فقط خلال شهر يوليو، وهو ما جاء متسقًا مع التوقعات. تُعتبر هذه القراءة علامة على اعتدال الضغوط التضخمية، وهو ما يمنح الاحتياطي الفيدرالي مساحة أكبر لتخفيف سياسته النقدية.

ويُعد هذا التطور محوريًا، خاصة وأن الأسواق كانت تترقب أي إشارات قد تدعم قرار البنك المركزي بتخفيض الفائدة. وقد أظهرت هذه البيانات أن تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترامب على أسعار السلع كان محدودًا حتى الآن، ولم يؤد إلى ارتفاع كبير في الأسعار كما كان يخشى البعض، مما يطمئن الأسواق بشأن التوقعات المستقبلية للتضخم.

في أعقاب صدور هذه البيانات، تحرك المستثمرون بسرعة لزيادة احتمالية قيام البنك المركزي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل، حيث وصلت هذه الاحتمالية إلى 98% وفقًا لبيانات مجموعة بورصة لندن للأوراق المالية (LSEG). وتُعد هذه النسبة المرتفعة مؤشرًا واضحًا على أن الأسواق أصبحت مقتنعة تمامًا بأن تخفيف السياسة النقدية بات وشيكًا.

تخفيض أسعار الفائدة عادة ما يجعل العملة أقل جاذبية للمستثمرين الذين يبحثون عن عوائد أعلى، مما يدفعهم لبيع الدولار وشراء عملات أخرى. وقد أدى هذا التحول في التوقعات إلى تراجع مؤشر الدولار، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من العملات الرئيسية، إلى مستوى 97.62 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ 28 يوليو الماضي، مما يبرز حساسية العملة لتوقعات السياسة النقدية.

العوامل السياسية تضعف الثقة في الدولار الأمريكي

لم تقتصر أسباب ضعف الدولار الأمريكي على العوامل الاقتصادية وحدها، بل امتدت لتشمل تطورات سياسية أثارت قلق المستثمرين. فمحاولات الرئيس ترامب الأخيرة للتدخل في شؤون الاحتياطي الفيدرالي، والتي تعتبر مؤسسة مستقلة، أضعفت الثقة في العملة. وفي هذا السياق، صرحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأن الرئيس يدرس رفع دعوى قضائية ضد رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، بسبب خلافات حول إدارة باول لتجديدات مقر البنك المركزي في واشنطن.

يُعد استقلال البنك المركزي حجر الزاوية في استقرار السياسة النقدية في الدول المتقدمة، حيث يضمن اتخاذ القرارات الاقتصادية بناءً على البيانات والمصلحة العامة، بعيدًا عن الضغوط السياسية قصيرة المدى. وقد انتقد ترامب باول مرارًا وتكرارًا لعدم خفضه أسعار الفائدة في وقت سابق، مما يُشير إلى تآكل محتمل في استقلالية المؤسسة.

وعلّق مايكل بفايستر، محلل العملات في كوميرتس بانك، على هذه التطورات بقوله إنها “تحمل أصداء الدول الاستبدادية، حيث يتم استبدال رؤساء وكالات الإحصاء أو البنوك المركزية، وغالبًا ما يتم وقف سلاسل البيانات الهامة أو التلاعب بها”. وأضاف أن هذه التطورات “لا تملؤني بالتفاؤل حول المستقبل، أو الدولار الأمريكي”، مشيرًا إلى أن أي تدخل سياسي في عمل البنك المركزي قد يهدد مصداقية القرارات الاقتصادية، مما يجعل المستثمرين أكثر حذرًا. وتعتبر هذه التصريحات بمثابة ضربة قوية لسمعة العملة، حيث أن الثقة في المؤسسات هي عامل أساسي في تحديد قيمة أي عملة.

تأثير تراجع الدولار على العملات والأسواق العالمية

أدى ضعف الدولار الأمريكي إلى إعطاء دفعة قوية للعملات الرئيسية الأخرى. وارتفعت العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، بنسبة 0.4% لتصل إلى 1.1719 دولار، مسجلة بذلك أعلى مستوى لها منذ 28 يوليو. وبالمثل، صعد الجنيه الإسترليني بنسبة 0.5% إلى 1.3570 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ 24 يوليو.

في المملكة المتحدة، أظهرت البيانات أن سوق العمل لا يزال يعاني من الضعف، لكن نمو الأجور ظل قويًا، وهو ما يفسر حذر بنك إنجلترا الشديد من خفض أسعار الفائدة، حيث يرى أن الأجور المرتفعة قد تؤدي إلى تفاقم التضخم. هذا التباين في السياسات المتوقعة بين البنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا والاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يسهم في تحركات العملات.

على صعيد آخر، انخفض البنك الاحتياطي الأسترالي أسعار الفائدة كما كان متوقعًا، وأشار إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى المزيد من التيسير النقدي لتحقيق أهدافه المتعلقة بالتضخم والتوظيف مع فقدان الاقتصاد لبعض الزخم. ورغم ذلك، ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.4% والدولار النيوزيلندي بنسبة 0.6%، مدعومين في المقام الأول بالضعف العام في الدولار الأمريكي.

وفي سوق العملات الرقمية، استغل إيثيريوم ضعف الدولار ليصعد إلى أعلى مستوى له في نحو أربع سنوات، حيث وصل إلى 4,710 دولار. وقالت غرايسي لين، الرئيس التنفيذي لمنصة OKX، إن “الارتفاع الهادئ للإيثيريوم يغذيه الاعتماد على أرض الواقع وثقة رأس المال”، مشيرة إلى أن الإيثيريوم تجاوز البيتكوين ليصبح الأصل الأكثر تداولاً على منصتهم خلال الشهر الماضي، مما يدل على تحول في اهتمام المستثمرين نحو العملات الرقمية التي تتمتع بتطبيقات عملية.

اقرأ أيضأ….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى