أسعار النفط تستقر: السوق يقيّم تهديدات ترامب الجمركية الجديدة مقابل طلب قوي على البنزين

شهدت أسعار النفط استقراراً يوم الخميس، حيث يُقيّم المستثمرون التأثير المحتمل لتهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية جديدة على النمو الاقتصادي العالمي. يأتي هذا الاستقرار في ظل دعم من بيانات تُشير إلى طلب قوي على البنزين في الولايات المتحدة، بينما تُلقي التوترات التجارية بظلالها على الأسواق.
النفط يتراجع بشكل طفيف
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت بواقع 17 سنتا، أو 0.24%، لتصل إلى 70.02 دولار للبرميل. كما تراجع خام غرب تكساس الأمريكي بواقع 24 سنتا، أو 0.35%، ليبلغ 68.14 دولار للبرميل.
ترامب يوسع نطاق الحرب التجارية
صعّد الرئيس دونالد ترامب من لهجته التجارية يوم الأربعاء، مهددًا البرازيل، أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية، بفرض تعريفة عقابية بنسبة 50% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، وذلك بعد خلاف علني مع نظيره البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا.
وقد أعلن ترامب أيضاً عن خطط لفرض تعريفات جمركية على النحاس بنسبة 50%، وقال إنه سيُطبق قريباً رسومًا جمركية طال انتظارها على أشباه الموصلات والأدوية (والتي قد تصل إلى 200% على المنتجات الصيدلانية). وأرسلت إدارته رسائل تعريفة إلى الفلبين والعراق ودول أخرى، إضافة إلى أكثر من اثني عشر رسالة تم إصدارها في وقت سابق من الأسبوع، بما في ذلك رسائل لشركات موردة قوية للولايات المتحدة مثل كوريا الجنوبية واليابان. تُشير هذه التحركات إلى توسع كبير في نطاق الحرب التجارية.
وعلق هاري تشيلينجويان، رئيس قسم الأبحاث في Onyx Capital Group، قائلاً إن تاريخ ترامب في التراجع عن التعريفات قد جعل السوق أقل تفاعلاً مع مثل هذه الإعلانات. وأضاف تشيلينجويان: “الناس في وضع الانتظار والترقب إلى حد كبير، بالنظر إلى الطبيعة المتقلبة لصنع السياسات والمرونة التي تُبديها الإدارة حول التعريفات”.
ضغوط التضخم: معضلة الفيدرالي الأمريكي
لا يزال صانعو السياسة قلقين بشأن الضغوط التضخمية الناجمة عن تعريفات ترامب. فقد أظهر محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي في 17-18 يونيو، والذي صدر يوم الأربعاء، أن “عددًا قليلاً” فقط من مسؤولي الفيدرالي يعتقدون أن أسعار الفائدة يمكن تخفيضها في أقرب وقت من هذا الشهر. تُعقد أسعار الفائدة المرتفعة الاقتراض وتُقلل من الطلب على النفط.
ضعف الدولار وطلب قوي على البنزين يدعمان النفط
في المقابل، تلقى النفط دعماً من ضعف الدولار الأمريكي في جلسة التداول الآسيوية يوم الخميس، حسبما ذكر كيلفين وونغ، كبير المحللين في OANDA. فضعف الدولار يرفع أسعار النفط عن طريق جعلها أرخص لحاملي العملات الأخرى.
كما أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية (EIA) يوم الأربعاء أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت، بينما انخفضت مخزونات البنزين والمشتقات المقطرة الأسبوع الماضي. الأهم من ذلك، ارتفع الطلب على البنزين بنسبة 6% ليصل إلى 9.2 مليون برميل يومياً الأسبوع الماضي، وفقًا لـ EIA، مما يُشير إلى طلب قوي خلال موسم الصيف.
آفاق الطلب العالمي وإنتاج “أوبك+”
ذكر بنك جي بي مورغان في مذكرة لعملائه أن متوسط نمو الطلب العالمي على النفط حتى الآن هذا العام يبلغ 0.97 مليون برميل يومياً، وهو ما يتماشى مع توقعاتهم البالغة مليون برميل يومياً.
بالإضافة إلى ذلك، هناك شك في أن الزيادة الأخيرة في حصص الإنتاج التي أعلنتها “أوبك+” ستُؤدي إلى زيادة فعلية في الإنتاج، حيث أن بعض الأعضاء يتجاوزون بالفعل حصصهم، وآخرين، مثل روسيا، غير قادرين على تلبية أهدافهم بسبب البنية التحتية النفطية المتضررة، حسبما ذكر توني سيكامور، محلل في IG.
تستعد مجموعة “أوبك+” للموافقة على زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج لشهر سبتمبر، مع اكتمال تراجع التخفيضات الطوعية من قبل ثمانية أعضاء وانتقال الإمارات العربية المتحدة إلى حصة أكبر.
ختاما تتأرجح أسعار النفط اليوم، مع تزايد المخاوف بشأن سياسات ترامب التجارية الجديدة التي تُثير عدم اليقين حول النمو الاقتصادي العالمي. وعلى الرغم من أن هذا يُقدم ضغطًا هبوطيًا، إلا أن ضعف الدولار، والطلب القوي على البنزين في الولايات المتحدة، والشكوك حول القدرة الفعلية لـ”أوبك+” على زيادة الإنتاج، كلها عوامل تُقدم دعمًا لأسعار النفط. ستبقى أنظار المستثمرين مُترقبة لتطورات السياسة التجارية الأمريكية، والتي ستُحدد بشكل كبير مسار أسعار النفط في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…