الدولار الأمريكي يتداول قرب أدنى مستوى في 3 سنوات ونصف

يتداول الدولار الأمريكي يوم الجمعة فوق أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات ونصف مقابل اليورو والجنيه الإسترليني. يأتي هذا التراجع مع تزايد رهانات المتداولين على خفض أعمق لأسعار الفائدة الأمريكية، بينما تراجعت توقعات خفض الفائدة من البنك المركزي الأوروبي بعد صدور أرقام تضخم أعلى من المتوقع في فرنسا وإسبانيا.
الدولار الأمريكي يتراجع: الأرقام ومؤشرات السوق
ارتفع اليورو بنسبة 0.26% ليصل إلى 1.173 دولار بحلول الساعة 12:44 بتوقيت جرينتش، ليظل على بعد جزء بسيط من 1.1745 دولار الذي بلغه في الجلسة السابقة، وهو أقوى مستوى له منذ سبتمبر 2021. في الوقت نفسه، ارتفع الفرنك السويسري إلى 0.7971 مقابل الدولار، مسجلاً أقوى مستوى له في أكثر من عقد.
ويُعزى ارتفاع اليورو والفرنك إلى تراجع الدولار الأمريكي. فقد ظل مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل ست عملات أخرى، يحوم بالقرب من أدنى مستوى له منذ مارس 2022 عند 97.114. ويتجه المؤشر لتسجيل تراجع بنسبة 2.3% في يونيو، وهو الشهر السادس على التوالي من التراجع.
انخفض الدولار الأمريكي بأكثر من 10% هذا العام، حيث أدت التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب إلى تزايد المخاوف بشأن النمو الأمريكي، مما دفع المستثمرين للبحث عن بدائل.
توقعات خفض الفائدة الأمريكية: تزايد الرهانات بعد بيانات الإنفاق
تُشير أحدث بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) الأمريكية إلى استمرار الضغط على الدولار الأمريكي. فقد تراجع الإنفاق الاستهلاكي الأمريكي بشكل غير متوقع في مايو، مع تلاشي الدعم من عمليات الشراء الوقائية للسلع (مثل السيارات) التي سبقت تطبيق التعريفات الجمركية، بينما ظلت الزيادات الشهرية في التضخم معتدلة. يُعزز هذا التراجع في الإنفاق توقعات خفض أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي.
ويُسعّر المتداولون الآن 64 نقطة أساس من التيسير النقدي من الاحتياطي الفيدرالي لعام 2025، ارتفاعًا من 46 نقطة أساس فقط يوم الجمعة الماضي، مع توقع أن يأتي أول تحرك في سبتمبر.
تضخم منطقة اليورو: ارتفاع يقلل من آمال خفض الفائدة
على الجانب الآخر، تلقى اليورو دفعة طفيفة في التعاملات الأوروبية المبكرة بعد أن أظهرت البيانات ارتفاع أسعار المستهلك الفرنسية أكثر من المتوقع في يونيو، بينما ارتفع التضخم المتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبي في إسبانيا بشكل طفيف.
وعلق كينيث بروكس، رئيس قسم أبحاث الشركات والعملات الأجنبية في سوسيتيه جنرال، قائلاً: “ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك للخدمات في فرنسا، ومؤشر أسعار المستهلك الأساسي في إسبانيا، يُلقي بظلال من الشك على المزيد من التيسير من البنك المركزي الأوروبي”. وأضاف بروكس: “هذا الأسبوع لاجتماعات سبتمبر، انتقلنا من -20 نقطة أساس إلى -27 نقطة أساس للاحتياطي الفيدرالي، ومن -11 نقطة أساس إلى -13 نقطة أساس للبنك المركزي الأوروبي”، في إشارة إلى تغيرات تسعير السوق لتوقعات خفض الفائدة.
المشهد الجيوسياسي والسياسة التجارية
تلاشت الاهتزازات الجيوسياسية الناجمة عن الصراع الإسرائيلي-الإيراني بعد صمود وقف إطلاق النار الذي توسط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وقد تحول تركيز السوق هذا الأسبوع نحو السياسة النقدية الأمريكية، خاصة مع التكهنات بأن ترامب سيعلن عن رئيس الاحتياطي الفيدرالي القادم في وقت أبكر من المعتاد لتقويض الرئيس الحالي جيروم باول.
وكانت تصريحات باول هذا الأسبوع في شهادته أمام الكونغرس الأمريكي، قد فُسّرت على أنها أكثر تساهلاً، مما أضاف إلى التوقعات بمزيد من تخفيضات أسعار الفائدة. وعلى الرغم من أن ترامب لم يُقرر بعد من هو بديل باول، وأن القرار ليس وشيكًا، إلا أن التكهنات تُبقي على حالة من عدم اليقين السياسي.
وفي سياق متصل، يبحث المستثمرون أيضاً عن علامات تقدم في اتفاقيات التجارة الجديدة قبيل الموعد النهائي لتعريفات ترامب “المتبادلة” في 9 يوليو، حيث تسعى الدول للتوصل إلى اتفاق. وقد صرح المستشار الألماني فريدريش ميرتس يوم الخميس أن الاتحاد الأوروبي يجب أن يُبرم صفقة تجارية “سريعة وبسيطة” مع الولايات المتحدة بدلاً من صفقة “بطيئة ومعقدة”.
أداء العملات الأخرى
ظل الين الياباني دون تغيير عند 144.47 مقابل الدولار، بينما بلغ الجنيه الإسترليني 1.3745 دولار، ليظل أدنى بقليل من ذروة أكتوبر 2021 البالغة 1.37701 دولار التي لامسها يوم الخميس.
ختاما يتراجع الدولار الأمريكي مع تزايد رهانات خفض أسعار الفائدة الأمريكية بعد بيانات الإنفاق الضعيفة، بينما يواجه اليورو دعماً من أرقام التضخم الأوروبية التي تُقلل من احتمالية خفض الفائدة من البنك المركزي الأوروبي. تُضاف إلى ذلك التكهنات السياسية حول مستقبل قيادة الاحتياطي الفيدرالي، والمخاوف من سياسات ترامب التجارية. ستبقى الأنظار مُترقبة لتطورات هذه العوامل المتشابكة التي تُحدد مسار الدولار الأمريكي في الفترة المقبلة.
اقرا أيضا…