أسعار الذهب تتراجع لأدنى مستوى في شهر مع تهدئة التوترات العالمية وترقب بيانات التضخم الأمريكية

شهدت أسعار الذهب تراجعًا بأكثر من 1% لتلامس أدنى مستوى لها في ما يقرب من شهر يوم الجمعة، وذلك بسبب تهدئة التوترات الجيوسياسية والتجارية العالمية. يأتي هذا الانخفاض في ظل ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية الحاسمة التي قد توفر إشارات حول المسار المستقبلي لأسعار الفائدة.
الذهب يفقد بريقه المؤقت: الأرقام الأسبوعية
انخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 1.3% ليصل إلى 3283.56 دولارًا للأونصة بحلول الساعة 08:39 بتوقيت جرينتش، وهو أدنى مستوى له منذ أواخر مايو. وقد تراجعت الأسعار بأكثر من 2% هذا الأسبوع، وخسرت أكثر من 200 دولار من أعلى مستوى قياسي سجلته في أبريل. كما تراجعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 1.6% لتسجل 3295.70 دولارًا.
ويُعزى هذا التراجع في أسعار الذهب بشكل أساسي إلى تراجع جاذبيته كملاذ آمن. فقد صمد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، الذي توسط فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في وقت سابق من هذا الأسبوع، حتى الآن. إضافة إلى ذلك، أعلن مسؤول في البيت الأبيض يوم الخميس أن الولايات المتحدة قد توصلت إلى اتفاق مع الصين بشأن كيفية تسريع شحنات المعادن النادرة إلى الولايات المتحدة. هذه التطورات مجتمعة تُساهم في تهدئة المخاوف الجيوسياسية والتجارية التي كانت تدعم أسعار الذهب.
وعلق نيتيش شاه، استراتيجي السلع في WisdomTree، قائلاً: “لقد شهدنا فترة صعود رائعة للغاية قبل بضعة أشهر. ومن المحتمل جدًا أننا نشهد الآن بعض العودة إلى المتوسط بعد هذا الزخم الصعودي القوي”. وأضاف: “يتحول تركيز السوق مرة أخرى نحو التجارة مع اقترابنا من انتهاء صلاحية عدة هدنات تجارية”. يُشير هذا إلى أن الأسواق تُقلل من علاوة المخاطر في أسعار الذهب، وتُركز بدلاً من ذلك على العوامل الاقتصادية الأساسية.
ترقب بيانات التضخم الأمريكية
يُعد التركيز الفوري للسوق على بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي (PCE) الأمريكية، وهي مقياس رئيسي للتضخم، والمقرر صدورها في الساعة 12:30 بتوقيت جرينتش. تُعد هذه البيانات حاسمة لتحديد ملامح السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وقد أشار بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى أن بعض التأثيرات التضخمية للتعريفات الجمركية قد تكون مجرد تأخير. فقد قال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، نيل كاشكاري، إن التأثير التضخمي للتعريفات قد يكون متأخراً. بينما صرح رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، توماس باركن، أن التعريفات من المرجح جداً أن تدفع التضخم للارتفاع خلال الأشهر المقبلة.
وعلى الرغم من سمعته كتحوط ضد التضخم وعدم اليقين، يفقد الذهب، الذي لا يُدر عائداً، جاذبيته في بيئة أسعار الفائدة المرتفعة. فارتفاع أسعار الفائدة يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب.
تظهر تعاملات السوق حاليًا توقعات بخفض معدلات الفائدة الأمريكية بمقدار 63 نقطة أساس خلال عام 2025، بدءًا من اجتماع سبتمبر المقبل. هذا السيناريو، إذا تحقق، قد يُقلل من الضغط على الذهب على المدى الطويل، لكن أي تلميحات تشير إلى تأجيل خفض الفائدة قد تزيد من تراجعه.
المعادن الثمينة الأخرى: أداء متباين في ظل تراجع الذهب
في أسواق المعادن الثمينة الأخرى، تراجعت الفضة الفورية بنسبة 1.4% لتصل إلى 36.09 دولار للأونصة. كما انخفض البلاتين بنسبة 3.8% ليصل إلى 1363.66 دولارًا، وذلك بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له منذ عام 2014 في الجلسة السابقة. بينما تراجع البلاديوم بنسبة 0.2% ليصل إلى 1129.98 دولار.
وأشار كوميرزبانك في مذكرة، إلى أن السبب الرئيسي لارتفاع سعر البلاتين يرجع على الأرجح إلى الخصم الكبير مقارنة بأسعار الذهب، والذي يُعتبر مكلفًا للغاية على ما يبدو.
في النهاية يتراجع الذهب اليوم مسجلاً أدنى مستوى له في نحو شهر، مدفوعاً بتهدئة التوترات الجيوسياسية والتجارية العالمية التي كانت تدعمه كملاذ آمن. ومع ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية الحاسمة التي ستُؤثر على مسار أسعار الفائدة، تُظهر المعادن الثمينة الأخرى أداءً متباينًا، مع تراجع عام يُشير إلى تحول في شهية المخاطرة في الأسواق. ستبقى أنظار المستثمرين مُترقبة لتطورات البيانات الاقتصادية، والتي ستحدد مسار أسعار الذهب في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…