أخبار الأسواقأخبار الذهبسلع

أسعار الذهب تتألق: هل هي ملاذ آمن في زمن المخاوف المالية الأمريكية؟

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 1% يوم الجمعة، لتتجه نحو تحقيق أفضل مكاسب أسبوعية لها منذ ستة أسابيع، مدعومة بتراجع قيمة الدولار الأمريكي وتزايد المخاوف بشأن تدهور الوضع المالي للولايات المتحدة. هذا الارتفاع يؤكد من جديد دور المعدن النفيس كملاذ آمن في أوقات عدم اليقين الاقتصادي والمالي، ويجذب اهتمام المستثمرين الأفراد والقراء العاديين الباحثين عن فهم أعمق لديناميكيات السوق.

الذهب يلمع: أرقام تترجم التحركات

ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 1% ليصل إلى 3327.89 دولار للأونصة. وقد سجل المعدن الأصفر ارتفاعاً بنسبة 4% هذا الأسبوع، وهو أعلى مكسب أسبوعي له منذ 7 أبريل. كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 1% لتصل إلى 3328 دولاراً، مما يعكس الثقة المتزايدة في الذهب كأداة تحوط. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي انعكاس مباشر لمخاوف المستثمرين وردود أفعالهم تجاه التغيرات الاقتصادية الكبرى.

تدهور الوضع المالي الأمريكي يدعم أسعار الذهب

يعتبر مشروع قانون الضرائب للرئيس دونالد ترامب، والذي أقره مجلس النواب الأمريكي يوم الخميس، أحد العوامل الرئيسية التي تدعم حاليا أسعار الذهب. يرى المحللون أن هذا المشروع، الذي يهدف إلى تنفيذ جزء كبير من أجندة ترامب السياسية، قد يزيد من أعباء الدين على البلاد بـ”تريليونات الدولارات إضافية”.

في هذا السياق، أوضح جيوفاني ستونوف، المحلل لدى UBS، أن “مشروع قانون ضرائب الرئيس دونالد ترامب يدعم الذهب، حيث توجد مخاوف من أن هذا سلبي للوضع المالي للدولار، وبعض المستثمرين يقومون بتنويع استثماراتهم من سندات الخزانة إلى الذهب”. يضاف إلى ذلك، الارتفاع القوي الذي شهدته سندات الخزانة لأجل 30 عاماً في الأسابيع الأخيرة، مما “يظهر حذراً فيما يتعلق بالوضع المالي أيضاً، وفي هذه البيئة، من الواضح أن الأصل الذي يُنظر إليه كملاذ آمن يستفيد”.

ضعف الدولار الأمريكي: شريك في صعود الذهب

لطالما ارتبطت أسعار الذهب بعلاقة عكسية مع قوة الدولار الأمريكي. عندما يضعف الدولار، يصبح الذهب المقوم بالعملة الخضراء أرخص لحاملي العملات الأخرى، مما يزيد من جاذبيته وطلب عليه. وهذا ما حدث تماماً هذا الأسبوع، حيث انخفض مؤشر الدولار بنسبة 0.5% ويتجه نحو تسجيل أكبر انخفاض أسبوعي له منذ 7 أبريل. هذا التراجع في قيمة الدولار يجعل الذهب استثماراً أكثر جاذبية للمشترين الدوليين، وبالتالي يساهم في ارتفاع أسعار الذهب.

خفض التصنيف الائتماني لموديز: ناقوس خطر يدفع المستثمرين للذهب

تلقى الوضع المالي للولايات المتحدة ضربة إضافية الأسبوع الماضي عندما قامت وكالة “موديز” للتصنيف الائتماني بخفض التصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة درجة واحدة. واستندت موديز في قرارها إلى المخاوف المتزايدة بشأن تراكم الدين الأمريكي الذي وصل إلى 36 تريليون دولار. هذه الخطوة من وكالة تصنيف كبرى زادت من قلق المستثمرين بشأن الملاءة المالية لأكبر اقتصاد في العالم، مما دفعهم بشكل طبيعي نحو الأصول الأكثر أماناً مثل الذهب.

أدت هذه المخاوف الأخيرة بشأن العجز الأمريكي إلى تراجع شهية المخاطرة بين المستثمرين هذا الأسبوع، مما عزز الطلب على أصول الملاذات الآمنة كالذهب. ففي أوقات عدم اليقين السياسي والمالي، يُستخدم الذهب تاريخياً كحافظة للقيمة وكملاذ آمن يحمي الثروات من التآكل.

الجانب الفني والتوقعات المستقبلية لأسعار الذهب

من الناحية الفنية، يتوقع وانغ تاو، المحلل الفني في رويترز، أن يعيد سعر الذهب الفوري اختبار مستوى المقاومة عند 3335 دولاراً للأونصة. وإذا تمكن من تجاوز هذا المستوى، فقد يؤدي ذلك إلى تحقيق مكاسب إضافية ليصل إلى 3366 دولاراً. تشير هذه التحليلات الفنية إلى وجود زخم إيجابي حالي قد يدفع أسعار الذهب للمزيد من الارتفاعات على المدى القصير.

معادن ثمينة أخرى تتبع الذهب

لم يقتصر الارتفاع على الذهب فقط. فقد ارتفع سعر الفضة الفورية بشكل طفيف بنسبة 0.2% ليصل إلى 33.13 دولار للأونصة. وظل البلاتين مستقراً عند 1081.43 دولار، بينما انخفض البلاديوم بنسبة 0.5% إلى 1009.89 دولار. هذا الأداء العام للمعادن الثمينة يعكس الصورة الأكبر للأسواق التي تبحث عن ملاذات آمنة في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة.

في النهايية إن الارتفاع الأخير في أسعار الذهب هو نتيجة مباشرة لمزيج من ضعف الدولار وتزايد المخاوف بشأن الوضع المالي للولايات المتحدة. ومع استمرار هذه العوامل، من المرجح أن يحافظ الذهب على جاذبيته كاستثمار آمن. على المستثمرين الأفراد والقراء العاديين متابعة تطورات الدين الأمريكي، السياسات المالية، وأداء الدولار، حيث أن هذه العوامل ستلعب دوراً حاسماً في تحديد مسار أسعار الذهب في المستقبل المنظور.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى