أسعار النفط تتراجع بضغط من مخاوف النمو في أمريكا والصين

تراجعت أسعار النفط خلال تداولات يوم الاثنين، متأثرة بمجموعة من العوامل التي أثارت قلق المستثمرين بشأن توقعات الطلب العالمي. وجاء هذا الانخفاض بعد أن أدى تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة، بالإضافة إلى بيانات رسمية أظهرت تباطؤ النمو في الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين، إلى زيادة المخاوف بشأن صحة أكبر اقتصادين ومستهلكين للنفط في العالم. وتأتي هذه الضغوط بعد أسبوع سابق شهدت فيه أسعار النفط ارتفاعا بفضل الآمال التي أعقبت اتفاقا أوليا بين واشنطن وبكين لتهدئة الحرب التجارية.
وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 46 سنتا، أو ما يعادل 0.7%، لتصل إلى 64.95 دولار للبرميل. كما تراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بمقدار 26 سنتا، أو بنسبة 0.4%، لتسجل 62.23 دولار للبرميل. ومن الجدير بالذكر أن عقد خام غرب تكساس الوسيط لشهر يونيو القريب ينتهي يوم الثلاثاء، مما قد يضيف بعض التقلبات على تداولاته.
مخاوف اقتصادية تضغط على أسعار النفط في بداية الأسبوع
كانت هناك عدة تطورات رئيسية ساهمت في الضغط على أسعار النفط يوم الاثنين:
- تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من قبل وكالة موديز: ألقت خطوة وكالة موديز بخفض التصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة بظلال من القلق على الأسواق العالمية. هذا الإجراء، الذي ينظر إليه على أنه إشارة إلى تزايد المخاطر المالية في أكبر اقتصاد في العالم، أثار تساؤلات حول قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على زخم نموها، وبالتالي على مستويات الطلب المستقبلية على النفط.
- تباطؤ بيانات النمو الاقتصادي في الصين: أظهرت بيانات رسمية صدرت يوم الاثنين تباطؤا في نمو الناتج الصناعي ومبيعات التجزئة في الصين لشهر أبريل. وعلى الرغم من أن أداء الناتج الصناعي كان لا يزال أفضل من توقعات الاقتصاديين، إلا أن التباطؤ العام في هذه المؤشرات الحيوية لثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم أضاف إلى المخاوف بشأن قوة الطلب العالمي على الخام. وعلق جيوفاني ستانوفو، المحلل في بنك UBS، على هذه البيانات قائلاً: “البيانات الصينية الأضعف من المتوقع لا تساعد النفط الخام، على الرغم من أنني أصف هذا التراجع بأنه متواضع”.
تجدد المخاوف بشأن التعريفات التجارية تلقي بثقلها على السوق
بالإضافة إلى المخاوف الاقتصادية، عادت التوترات التجارية لتطفو على السطح، مما زاد من الضغط على أسعار النفط. فقد صرح وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، بأن الرئيس دونالد ترامب سيفرض التعريفات الجمركية بالمعدلات التي هدد بها الشهر الماضي على الشركاء التجاريين الذين لا يتفاوضون “بحسن نية”. هذه التصريحات تعيد إلى الأذهان حالة عدم اليقين التي سادت الأسواق بسبب السياسات التجارية الحمائية، وتأثيرها السلبي المحتمل على النمو الاقتصادي العالمي وبالتالي على الطلب على النفط.
ويرى أولي هانسن، من ساكسو بنك، أن “ضعف اليوم هو ببساطة استمرار لرحلة النفط الخام الجامحة التي لا تتجه إلى أي مكان، مع كون التحرك الأخير مدفوعًا بتخفيض موديز، وليس أقل من ذلك، تحذير سكوت بيسنت”.
تأثير الهدنة التجارية المؤقت
يأتي تراجع أسعار النفط يوم الاثنين بعد أن كان كلا الخامين القياسيين قد ارتفعا بأكثر من 1% الأسبوع الماضي. وكان هذا الارتفاع مدفوعًا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة والصين على التراجع عن معظم التعريفات الجمركية المفروضة على سلع بعضهما البعض، مما أنعش الآمال في تهدئة الحرب التجارية. ومع ذلك، يبدو أن تأثير هذه الهدنة المؤقتة بدأ يتضاءل في مواجهة المخاوف الجديدة.
في خضم هذه الضغوط الهبوطية، يظل ملف المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة عاملًا هامًا يتابعه المستثمرون عن كثب، وقد يحد من حجم الخسائر في أسعار النفط. فالغموض الذي يحيط بنتائج هذه المفاوضات يمنع حدوث انهيار كامل في الأسعار، حيث إن فشل التوصل إلى اتفاق قد يعني استمرار القيود على صادرات النفط الإيرانية.
وكان المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، قد صرح يوم الأحد بأن أي اتفاق يجب أن يتضمن موافقة إيران على عدم تخصيب اليورانيوم، وهو تعليق سرعان ما أثار انتقادات من طهران. وفي هذا الصدد، قال جون إيفانز، من شركة الوساطة النفطية PVM، إن “المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران ليست واضحة المعالم وقد تستغرق عدة أشهر”، مما يشير إلى أن هذا العامل سيظل مصدرًا لعدم اليقين في سوق النفط لفترة قادمة.
في النهاية بدأت أسعار النفط الأسبوع الحالي على تراجع، متأثرة بمجموعة من العوامل التي أثارت قلق المستثمرين بشأن آفاق الطلب العالمي، وفي مقدمتها تخفيض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة وتباطؤ مؤشرات النمو في الصين، بالإضافة إلى تجدد المخاوف بشأن سياسات التعريفات التجارية الأمريكية.
وبينما قدمت الهدنة التجارية بين واشنطن وبكين دعما مؤقتا لأسعار النفط الأسبوع الماضي، يبدو أن تركيز السوق يتحول الآن نحو هذه الرياح المعاكسة الجديدة. وفي ظل هذه الأجواء، تشكل مفاوضات البرنامج النووي الإيراني المستمرة عنصرا هاما من عناصر عدم اليقين، حيث قد تحد نتائجها من حجم الخسائر أو تزيد من الضغوط على أسعار النفط. ستبقى الأسواق في حالة ترقب، موازنة بين هذه العوامل المتضاربة لتحديد الاتجاه المستقبلي لأسعار الخام.
اقرأ أيضا…