الدولار الأمريكي يرتفع ويتجه لمكاسب أسبوعية رابعة على التوالي

ارتفع الدولار الأمريكي خلال تداولات يوم الجمعة، ويتجه لتحقيق رابع أسبوع على التوالي من المكاسب مقابل العملات الرئيسية، وذلك بعد صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الأمريكية التي أظهرت قفزة غير متوقعة في أسعار الواردات لشهر أبريل، على الرغم من استمرار تراجع ثقة المستهلك. تأتي هذه التطورات في وقت يقيّم فيه المستثمرون بعناية تداعيات الهدنة التجارية الأخيرة بين الولايات المتحدة والصين، ويترقبون أي إشارات قد تحدد مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي.
بيانات اقتصادية متباينة تدفع الدولار الأمريكي للارتفاع يوم الجمعة
شهد يوم الجمعة صدور بيانات اقتصادية أمريكية كان لها تأثير مباشر على أداء الدولار الأمريكي:
-
ارتفاع مفاجئ في أسعار الواردات لشهر أبريل: أفادت وزارة العمل الأمريكية بأن أسعار الواردات ارتفعت بنسبة 0.1% الشهر الماضي، وذلك بعد انخفاض بنسبة 0.4% في مارس. وجاء هذا الارتفاع مخالفا لتوقعات الاقتصاديين الذين استطلعت آراؤهم وكالة رويترز، والذين كانوا يتوقعون انخفاض أسعار الواردات (التي لا تشمل التعريفات الجمركية) بنسبة 0.4%. وعزت الوزارة هذا الارتفاع إلى قفزة في تكلفة السلع الرأسمالية فاقت تأثير انخفاض أسعار الطاقة. هذه البيانات قد تشير إلى ضغوط تضخمية مستوردة قد تدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى توخي الحذر بشأن تيسير السياسة النقدية، وهو ما يدعم الدولار الأمريكي.
-
تراجع ثقة المستهلك وارتفاع توقعات التضخم لديه: في المقابل، أظهر مسح منفصل أجرته جامعة ميشيغان أن مؤشر ثقة المستهلك انخفض إلى 50.8 هذا الشهر، وهو ما جاء أقل من التقديرات البالغة 53.4، ومن القراءة النهائية لشهر أبريل البالغة 52.2. وبالرغم من هذا التراجع في الثقة، كشف المسح عن ارتفاع توقعات المستهلكين للتضخم على مدى 12 شهرًا إلى 7.3% من 6.5%. هذا المزيج من ضعف الثقة وارتفاع توقعات التضخم لدى المستهلكين يضيف طبقة من التعقيد لتقييم الدولار الأمريكي، حيث إن ارتفاع توقعات التضخم قد يعزز من احتمالية بقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
البيانات الاقتصادية وتأثيرها على الدولار الأمريكي
على الرغم من أهمية البيانات الاقتصادية، يرى بعض المحللين أن التطورات التجارية لا تزال هي المحرك الرئيسي لمعنويات السوق وبالتالي لالدولار الأمريكي. وفي هذا الصدد، قال خوان بيريز، مدير التداول في “مونيكس يو إس إيه” بواشنطن: “هناك كل هذه البيانات، لكن العناوين الرئيسية هي التي تسيطر على المشهد”. وأضاف: “المشكلة في تطورات (التجارة) هي أنها تحدث بوتيرة أسرع بكثير، مع استمرار الغياب الدائم للتوجيه بشأن المستقبل. وفي الوقت نفسه، ننظر إلى بيانات لا تعكس حقًا كل القلق الذي عشناه بالفعل”.
كما أشار بيريز إلى أن “فكرة أن التجارة لن تتخلص من الاضطرابات تستمر في التأثير على الثقة طويلة الأجل في الدولار الأمريكي”، مما يشير إلى أن استمرار عدم اليقين التجاري قد يحد من مكاسب العملة الأمريكية على المدى الطويل.
أداء الدولار الأمريكي هذا الأسبوع
كان الدولار الأمريكي قد بدأ الأسبوع بقفزة تجاوزت 1% يوم الاثنين، مدفوعًا بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة والصين بشأن تعليق معظم التعريفات الجمركية المفروضة على سلع بعضهما البعض منذ أوائل أبريل لمدة 90 يومًا، مما أدى إلى تهدئة المخاوف من ركود عالمي. وعلى الرغم من أن الدولار شهد بعض التراجع خلال منتصف الأسبوع، جزئيًا بسبب بيانات اقتصادية فاترة، إلا أنه عاد للارتفاع يوم الجمعة.
- مؤشر الدولار (DXY): ارتفع المؤشر، الذي يقيس أداء العملة الخضراء مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.31% ليصل إلى 101.08 يوم الجمعة. ويتجه المؤشر لتحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 0.7%، وهو ما سيمثل أكبر مكسب أسبوعي له منذ حوالي شهرين ونصف.
- مقابل اليورو: انخفض اليورو بنسبة 0.26% ليصل إلى 1.1158 دولار يوم الجمعة. وعلى أساس أسبوعي، يتجه اليورو لتسجيل خسارة بنسبة 0.8% مقابل الدولار الأمريكي، وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أوائل فبراير.
- مقابل الين الياباني: تعزز الدولار الأمريكي بنسبة 0.24% ليصل إلى 146.02 ين يوم الجمعة. وعلى مدار الأسبوع، ارتفع الدولار بنسبة 0.4% مقابل الين.
- مقابل الجنيه الإسترليني: ضعف الجنيه الإسترليني بنسبة 0.31% ليتداول عند 1.3256 دولار يوم الجمعة. وعلى أساس أسبوعي، انخفض الإسترليني بنسبة 0.4% مقابل الدولار الأمريكي.
ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن الدولار الأمريكي لا يزال منخفضًا بنحو 3% منذ الثاني من أبريل، وهو التاريخ الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض سلسلة واسعة من التعريفات الجمركية على دول مختلفة حول العالم.
توقعات أسعار الفائدة الفيدرالية في ظل هدوء التوترات التجارية
أدت التهدئة في التوترات التجارية، خاصة بين الولايات المتحدة والصين، إلى قيام الأسواق بتقليص توقعاتها بشأن قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة هذا العام. وتشير بيانات مجموعة بورصات لندن (LSEG) إلى أن الأسواق تسعر الآن احتمالًا بنسبة 65.9% للخفض الأول بمقدار 25 نقطة أساس على الأقل في اجتماع سبتمبر للبنك المركزي، مقارنة بتوقعات سابقة كانت تشير إلى خفض مرجح في يوليو. هذا التحول في التوقعات نحو سياسة نقدية أقل تساهلاً يعتبر عاملاً داعما للدولار الأمريكي.
التطورات المتعلقة بالين الياباني وتأثيرها المحتمل على الدولار الأمريكي
في سياق متصل، أظهرت بيانات صدرت يوم الجمعة أن اقتصاد اليابان انكمش في الربع الأول من العام بوتيرة أسرع من المتوقع، وذلك للمرة الأولى خلال عام. وفي تطور قد يؤثر على أسواق العملات، صرح وزير المالية الياباني، كاتسونوبو كاتو، بأنه سيسعى لمناقشة قضايا الصرف الأجنبي مع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، على أساس أن التقلبات المفرطة في أسعار العملات غير مرغوب فيها، ويأمل في الاجتماع به الأسبوع المقبل. هذه التصريحات قد تشير إلى قلق ياباني من ضعف الين المفرط مقابل الدولار الأمريكي.
في النهاية يستعد الدولار الأمريكي لإنهاء الأسبوع على مكاسب قوية، مدعومًا يوم الجمعة ببيانات أسعار الواردات التي فاقت التوقعات وأثارت بعض الآمال في استمرار الضغوط التضخمية التي قد تدفع الفيدرالي للتروي في خفض الفائدة، وذلك على الرغم من ضعف بيانات ثقة المستهلك. وبينما وفرت الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين دفعة كبيرة للعملة الأمريكية مطلع الأسبوع، لا تزال هناك حالة من عدم اليقين بشأن استدامة هذه التهدئة والتأثير الحقيقي للسياسات التجارية على الاقتصاد العالمي. ستظل الأسواق الأمريكية والأسواق العالمية تترقب عن كثب أي تطورات جديدة على صعيد التجارة، بالإضافة إلى البيانات الاقتصادية القادمة وتصريحات مسؤولي البنوك المركزية، لتحديد المسار المستقبلي للدولار الأمريكي في ظل هذه البيئة المعقدة.
اقرأ أيضا…