أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

أسعار النفط تتجه لمكاسب أسبوعية طفيفة

شهدت أسعار النفط استقرارًا نسبيًا خلال تداولات يوم الجمعة، لكنها تتجه نحو تحقيق مكاسب أسبوعية طفيفة. ويأتي هذا الأداء الحذر في ظل توازن دقيق بين العوامل الإيجابية المتمثلة في تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والعوامل الضاغطة المتمثلة في توقعات ارتفاع إمدادات النفط العالمية من إيران ومجموعة “أوبك+”. هذا التجاذب بين آمال تحسن الطلب ومخاوف تخمة المعروض يسيطر على معنويات المستثمرين في سوق النفط العالمية.

وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 5 سنتات، أو ما يعادل 0.1%، لتصل إلى 64.58 دولار للبرميل. وفي الوقت نفسه، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي بمقدار سنتين لتسجل 61.64 دولار للبرميل.

هدنة التجارة الأمريكية الصينية تدعم أسعار النفط أسبوعيا

كان للاتفاق الذي تم التوصل إليه في وقت سابق من هذا الأسبوع بين الولايات المتحدة والصين، أكبر مستهلكين للنفط في العالم وأكبر اقتصادين، تأثير إيجابي ملحوظ على أسعار النفط. فقد اتفق الجانبان على تعليق الحرب التجارية بينهما لمدة 90 يوما، مع خفض حاد للرسوم الجمركية المتبادلة. هذا التطور عزز المعنويات في الأسواق العالمية ودعم أسعار النفط، مما وضعها على مسار تحقيق مكاسب أسبوعية بنحو 1% لكلا الخامين القياسيين.

ومع ذلك، يبدو أن هذا التأثير الإيجابي بدأ في التلاشي. وفي هذا الصدد، قال هاري تشيلينجويريان، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة “أونيكس كابيتال”: “سوق النفط تكافح من أجل تحقيق مزيد من الارتفاع، حيث يتلاشى تأثير الشعور الإيجابي الناجم عن الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين”.

ضغوط من جانب العرض تحد من مكاسب أسعار النفط

تواجه أسعار النفط ضغوطا متزايدة من جانب العرض، مما يحد من قدرتها على تحقيق مكاسب كبيرة:

  • الاتفاق النووي الإيراني المحتمل: كانت أسعار النفط قد انخفضت بأكثر من 2% في الجلسة السابقة (يوم الخميس) بفعل التوصل إلى اتفاق نووي إيراني، وهو ما قد يؤدي إلى عودة المزيد من البراميل الإيرانية إلى السوق العالمية. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرح بأن الولايات المتحدة تقترب من التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، وأن طهران “وافقت نوعا ما” على شروطه. ومع ذلك، نقلت وكالة رويترز عن مصدر مطلع على المحادثات قوله إنه لا تزال هناك قضايا عالقة تحتاج إلى حل، مما يضيف عنصر عدم يقين. ويرى محللون في “آي إن جي” في مذكرة لهم أن التوصل إلى اتفاق نووي يرفع العقوبات عن إيران سيسمح لها بزيادة إنتاج النفط، مما قد يؤدي إلى إمدادات إضافية بنحو 400 ألف برميل يوميا، وهو ما سيشكل ضغطا كبيرا على أسعار النفط.

  • زيادة إنتاج أوبك+: أشار تشيلينجويريان إلى أن “مجموعة أوبك+ تسرع من وتيرة التراجع عن تخفيضاتها الطوعية للإمدادات، كما أن المحادثات النووية بين الولايات المتحدة وإيران لا تزال جارية، مما يبقي على تدفق براميل الأخيرة (إيران) إلى الصين”. هذه الزيادة المخطط لها في الإنتاج من قبل “أوبك+” تساهم في تعزيز مخاوف تخمة المعروض في الأسواق العالمية، وتحد من أي ارتفاعات محتملة في أسعار النفط.

نظرة حذرة من المحللين وتوقعات وكالة الطاقة الدولية لا تبشر بالخير

تبنى المحللون نظرة حذرة تجاه استدامة الارتفاعات الأخيرة في أسعار النفط. فقد ذكر محللون في “بي إم آي”، وهي وحدة تابعة لـ “فيتش سوليوشنز”، في تقرير بحثي أنه “بينما تترك فترة التهدئة البالغة 90 يوما الباب مفتوحا لمزيد من التقدم في خفض الحواجز التجارية من كلا الجانبين، فإن عدم اليقين بشأن السياسة التجارية طويلة الأجل سيحد من ارتفاع الأسعار”.

ومما يزيد من مخاوف السوق، توقعات وكالة الطاقة الدولية الصادرة يوم الخميس. فقد رفعت الوكالة توقعاتها لنمو المعروض العالمي من النفط لعام 2025 بمقدار 380 ألف برميل يوميًا، وتوقعت وجود فائض في السوق للعام المقبل. جاء ذلك على الرغم من مراجعة طفيفة لتوقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط لعام 2025 بالزيادة بمقدار 20 ألف برميل يوميا. هذه التوقعات، التي تشير إلى سوق جيدة الإمداد أو حتى فائضة، تعتبر سلبية لأسعار النفط.

ترقب قرارات أسعار الفائدة الأمريكية وتأثيرها على الطلب

على صعيد آخر، يراقب المستثمرون أيضا أي إشارات حول تخفيضات محتملة لأسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. ومن شأن أي تخفيضات في أسعار الفائدة أن تعزز الاقتصاد، وبالتالي تدعم الطلب على النفط، مما قد يوفر بعض الدعم لأسعار النفط.

في ختام أسبوع حافل بالتطورات، تجد أسعار النفط نفسها عالقة بين قوتين متعاكستين. فمن ناحية، قدمت تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين دعمًا أوليًا للأسعار من خلال تعزيز آمال تحسن الطلب العالمي. ومن ناحية أخرى، فإن التوقعات المتزايدة بزيادة المعروض من إيران في حال التوصل لاتفاق نووي، بالإضافة إلى خطط “أوبك+” لزيادة الإنتاج، وتوقعات وكالة الطاقة الدولية بفائض في السوق، كلها عوامل تضغط بقوة على أسعار النفط.

ومن المرجح أن تظل أسعار النفط حساسة للغاية لأي أخبار تتعلق بالمفاوضات النووية الإيرانية، وقرارات إنتاج “أوبك+”، والتقدم الفعلي في المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى ما بعد فترة التسعين يومًا، بالإضافة إلى أي إشارات جديدة من مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن صحة الاقتصاد الأمريكي ومسار أسعار الفائدة. هذا التفاعل المعقد بين العوامل الجيوسياسية والاقتصادية وقرارات المنتجين سيستمر في تشكيل اتجاه أسعار النفط في الفترة المقبلة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى