أسعار الذهب تتجه لأسوأ أسبوع لها في 6 أشهر

تراجعت أسعار الذهب خلال تداولات يوم الجمعة، لتتجه نحو تسجيل أشد انخفاض أسبوعي لها منذ ستة أشهر، وذلك في ظل تضافر عاملين رئيسيين: قوة الدولار الأمريكي المتنامية، وتضاؤل المخاوف بشأن الحرب التجارية العالمية، مما أدى إلى إضعاف جاذبية المعدن الأصفر كملاذ آمن تقليدي للمستثمرين.
وانخفض سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.6% ليصل إلى 3,221.19 دولارًا للأونصة. وبهذا، يكون المعدن النفيس قد خسر أكثر من 3% من قيمته حتى الآن هذا الأسبوع، متجهًا نحو تسجيل أسوأ أداء أسبوعي له منذ نوفمبر 2024. كما تراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب بنسبة 0.1% لتسجل 3,224.40 دولار للأونصة.
الدولار القوي وهدوء التوترات التجارية يضغطان بقوة على أسعار الذهب
يعتبر ارتفاع الدولار الأمريكي أحد الأسباب الرئيسية وراء تراجع أسعار الذهب. فقد ارتفع مؤشر الدولار (DXY)، الذي يقيس أداء العملة الخضراء مقابل سلة من ست عملات رئيسية، بنسبة 0.2% حتى الآن هذا الأسبوع، ويتجه لتحقيق رابع مكسب أسبوعي على التوالي. وقوة الدولار تجعل الذهب المقوم به أكثر تكلفة للمشترين من حاملي العملات الأخرى، مما يقلل من الطلب عليه.
بالإضافة إلى ذلك، كان للتهدئة الملحوظة في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين دور حاسم في تراجع جاذبية الذهب. فالاتفاق الذي تم التوصل إليه في وقت سابق من هذا الأسبوع بين أكبر اقتصادين في العالم على خفض مؤقت وحاد للتعريفات الجمركية المتبادلة التي فُرضت في أبريل، قد خفف بشكل كبير من المخاوف بشأن تصعيد حرب تجارية مدمرة كان من الممكن أن تؤدي إلى ركود عالمي. هذا التحسن في معنويات المخاطرة دفع المستثمرين للابتعاد عن أصول الملاذ الآمن، ومن ضمنها الذهب.
وفي هذا السياق، قال إيليا سبيفاك، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في “تيستي لايف”: “واجهت أسعار الذهب ضغوط بيع كثيفة هذا الأسبوع حيث احتفلت الأسواق بتهدئة التوترات في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين”.
بيانات اقتصادية أمريكية متباينة وتأثيرها المحدود حاليا على الذهب
شهد هذا الأسبوع صدور مجموعة من البيانات الاقتصادية الأمريكية التي جاءت متباينة. فقد أظهرت البيانات أن أسعار المنتجين في الولايات المتحدة انخفضت بشكل غير متوقع في أبريل، كما تباطأ نمو مبيعات التجزئة. وفي تقرير آخر، ارتفعت أسعار المستهلكين بأقل من المتوقع الشهر الماضي.
وعادةً ما تدعم مثل هذه البيانات الضعيفة أسعار الذهب، حيث إنها قد تزيد من التكهنات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يتجه نحو خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاقتصاد. ومع ذلك، يبدو أن تأثير هذه البيانات قد تم طمسه إلى حد كبير هذا الأسبوع بفعل قوة الدولار والتفاؤل المحيط بالتجارة.
تعليقات مسؤولي الفيدرالي والسياسة النقدية
أدلى محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي، مايكل بار، يوم الخميس، بتصريحات أشار فيها إلى أن الاقتصاد الأمريكي يقف على أرض صلبة وأن التضخم يتجه نحو هدف البنك المركزي البالغ 2%، لكنه أقر بأن السياسات التجارية قد ألقت بظلال من عدم اليقين على التوقعات.
ويعتبر الذهب تقليديًا أداة تحوط ضد حالات عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، كما أنه يميل إلى الازدهار في بيئة أسعار فائدة منخفضة لأنه لا يدر أي فائدة. تصريحات “بار” التي تشير إلى قوة الاقتصاد وتوجه التضخم نحو الهدف قد تقلل من حاجة الفيدرالي الملحة لخفض الفائدة بقوة، وهو ما قد لا يكون في صالح أسعار الذهب على المدى الطويل إذا ما استمر هذا التوجه.
الطلب الفعلي على الذهب
على الرغم من الضغوط الحالية على أسعار الذهب، هناك جانب إيجابي يتمثل في استمرار جاذبية المعدن النفيس كأصل استثماري، خاصة عند مستويات الأسعار المنخفضة. فقد أشار تيم ووترر، كبير محللي الأسواق في “كي سي إم تريد”، إلى أنه “على الجانب الإيجابي، لا تزال انخفاضات أسعار الذهب تجذب المشترين، مما يدل على أن المعدن النفيس لا يزال أصلًا مفضلاً، مع استمرار غموض توقعات النمو العالمي والتضخم”.
وتعزز هذا الرأي الأنباء الواردة من آسيا، حيث تحسن الطلب المادي على الذهب في معظم المراكز الآسيوية الرئيسية هذا الأسبوع، إذ أثار تراجع الأسعار العالمية اهتماما بالشراء.
أداء المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر التراجع على الذهب وحده، بل امتد ليشمل المعادن النفيسة الأخرى يوم الجمعة:
- انخفض سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.7% ليصل إلى 32.44 دولار للأونصة.
- تراجع سعر البلاتين بنسبة 0.3% مسجلا 986.35 دولار للأونصة.
- فقد سعر البلاديوم 1.2% ليصل إلى 957.20 دولار للأونصة.
في النهاية تتجه أسعار الذهب لإنهاء واحد من أسوأ أسابيعها منذ ستة أشهر، متأثرة بشكل كبير بقوة الدولار الأمريكي وتحسن شهية المخاطرة لدى المستثمرين بفضل التهدئة في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين. هذه العوامل مجتمعة قللت من الحاجة إلى اللجوء للذهب كملاذ آمن.
ورغم أن البيانات الاقتصادية الأمريكية الأخيرة جاءت أضعف من المتوقع، مما قد يثير بعض الآمال في تخفيف السياسة النقدية مستقبلًا، إلا أن قوة الدولار والتفاؤل التجاري كان لهما الكلمة العليا هذا الأسبوع في تحديد مسار أسعار الذهب. ومع ذلك، فإن ظهور المشترين عند انخفاض الأسعار، خاصة في الأسواق الآسيوية، يشير إلى أن الذهب لم يفقد جاذبيته بالكامل كأصل استثماري، وأن النظرة الضبابية للاقتصاد العالمي على المدى الطويل قد توفر له بعض الدعم. سيبقى المتعاملون في سوق الذهب يراقبون عن كثب قوة الدولار، وتطورات المفاوضات التجارية، وأي إشارات جديدة من البنوك المركزية الكبرى لتحديد اتجاهات المعدن الأصفر في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد