الأسهم الأمريكية تواصل الصعود: S&P 500 يمحو خسائر 2025 بدعم انفراجة التجارة وبيانات التضخم الإيجابية

واصلت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية موجة صعودها القوية يوم الثلاثاء، حيث تمكن مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” من محو جميع خسائره المسجلة منذ بداية العام ليدخل المنطقة الإيجابية. ويأتي هذا الأداء المتميز امتدادًا للمكاسب الحادة التي شهدتها الأسهم الأمريكية في الجلسة السابقة، مدفوعة بالهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي عززتها بيانات تضخم أمريكية أضعف من المتوقع صدرت يوم الثلاثاء، بالإضافة إلى أخبار إيجابية من قطاع التكنولوجيا. وفيما تألق مؤشرا “ستاندرد آند بورز 500” و”ناسداك”، تخلف مؤشر “داو جونز” الصناعي بسبب الضغط الناجم عن تراجع حاد في سهم إحدى الشركات الكبرى المدرجة به.
انفراجة التجارة وبيانات التضخم تشعلان مكاسب الأسهم الأمريكية
شهدت الأسهم الأمريكية تحولا دراماتيكيا في معنويات المستثمرين خلال الأيام القليلة الماضية. فبعد أن كان مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” قد انخفض في وقت سابق من العام بأكثر من 17% بسبب تصاعد التوترات التجارية والمخاوف من تأثيرها السلبي على أرباح الشركات والنمو الاقتصادي، تمكن المؤشر يوم الثلاثاء من الارتفاع بنسبة 0.72% ليغلق عند 5,886.55 نقطة، محققا بذلك مكاسب طفيفة بنحو 0.1% منذ بداية عام 2025.
العامل الأساسي وراء هذا الانتعاش القوي يبقى اتفاق التهدئة التجارية لمدة 90 يوما الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة والصين في وقت سابق من هذا الأسبوع، والذي أدى إلى قفزة تجاوزت 1000 نقطة لمؤشر داو جونز يوم الاثنين. هذا الاتفاق، الذي يقضي بخفض متبادل للتعريفات الجمركية، أزال قدرًا كبيرًا من عدم اليقين الذي كان يخيم على الأسهم الأمريكية.
وأضاف إلى هذا الزخم الإيجابي يوم الثلاثاء صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أبريل، والتي جاءت أضعف من توقعات المحللين. فقد ارتفع المؤشر، وهو مقياس واسع لتكاليف السلع والخدمات عبر الاقتصاد الأمريكي، بنسبة 2.3% على أساس سنوي، بينما كان الاقتصاديون الذين استطلعت آراؤهم “داو جونز” يتوقعون بقاء التضخم عند معدل 2.4% الشهر الماضي. بيانات التضخم المعتدلة هذه تعزز الآمال بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي قد يجد مساحة أكبر لخفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، وهو ما يعتبر إيجابيا للأسهم الأمريكية.
كما تزامنت هذه التطورات مع إعلان البيت الأبيض يوم الثلاثاء عن خطة استثمارية بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، مما قد يساهم في دعم النشاط الاقتصادي وثقة المستثمرين في الأسهم الأمريكية.
ناسداك وS&P يتألقان والداو يتراجع تحت ضغط “يونايتد هيلث”
على الرغم من الأجواء الإيجابية العامة، لم يكن أداء جميع مؤشرات الأسهم الأمريكية موحدا يوم الثلاثاء. فبينما ارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بنسبة 0.72% وصعد مؤشر “ناسداك المركب” بقوة بنسبة 1.61% لينهي الجلسة عند 19,010.08 نقطة، تخلف مؤشر “داو جونز الصناعي” عن الركب، حيث فقد 269.67 نقطة، أو ما يعادل 0.64%. ويعزى هذا التراجع بشكل أساسي إلى الانخفاض الحاد الذي شهده سهم شركة “يونايتد هيلث”، عملاق التأمين الصحي، والذي هوى بنسبة تقارب 18%، مما شكل ضغطا كبيرا على المؤشر الذي يعطي وزنا أكبر للشركات ذات الأسعار السهمية المرتفعة. هذا التباين يسلط الضوء على أنه حتى في ظل معنويات إيجابية واسعة النطاق في الأسهم الأمريكية، يمكن لعوامل خاصة بشركات معينة أن تؤثر بشكل كبير على أداء المؤشرات التي تنتمي إليها.
إنفيديا تبرم صفقة ضخمة للرقائق مع السعودية
كان قطاع التكنولوجيا نجم جلسة الثلاثاء بامتياز، حيث قاد الارتفاعات في الأسهم الأمريكية. وتألق سهم شركة “إنفيديا”، عملاق تصميم الرقائق، بشكل لافت، مرتفعا بنسبة 5.6% بعد الإعلان عن صفقة لتوريد 18,000 من رقائقها المتطورة للذكاء الاصطناعي إلى المملكة العربية السعودية. هذه الصفقة الضخمة لا تعكس فقط الطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، بل تعزز أيضا من مكانة “إنفيديا” كلاعب رئيسي في هذا المجال الحيوي.
وامتدت موجة الصعود لتشمل أسهم شركات الرقائق الأخرى، حيث ارتفع سهم “برودكوم” بنحو 5% وصعد سهم “إيه إم دي” بنسبة 4%. هذا الأداء القوي لقطاع التكنولوجيا، وتحديدًا أسهم أشباه الموصلات، كان له دور كبير في دفع مؤشر “ناسداك” لتحقيق مكاسب قوية، كما ساهم في دعم مؤشر “ستاندرد آند بورز 500”.
تفاؤل بالمدى القصير مع تحذيرات بشأن التقييمات المرتفعة
عكست تعليقات المحللين في وول ستريت التفاؤل السائد مع بعض التحفظات:
- جيمي كوكس، الشريك الإداري في مجموعة هاريس المالية: لخص المزاج الإيجابي قائلاً: “اجمع [أخبار التجارة] مع صفقة ضخمة للرقائق في السعودية، وانخفاضات طفيفة في التضخم مما سيقرب تخفيضات أسعار الفائدة، وتفاصيل جوهرية لـ [تخفيضات ضريبية] – وستحصل على سوق تتجه بالكامل نحو المخاطرة”. هذا السيناريو يعتبر مثاليا لارتفاع الأسهم الأمريكية.
- كريس زاكاريلي، كبير مسؤولي الاستثمار في نورثلايت لإدارة الأصول: أشار إلى أن “مخاوف السوق المزدوجة – الركود الناجم عن التعريفات والتضخم الثابت – قد تم تخفيفها إلى حد كبير”. وأضاف: “ما زلنا قلقين من أن التقييمات المرتفعة وتركيز السوق [في عدد قليل من الأسهم الكبيرة] لا يزالان يشكلان مخاطر على ارتفاع أسعار الأسهم بشكل كبير هذا العام، ولكن على المدى القصير، يجب أن تحب الأسواق هذه البيانات وتواصل احتفال الأمس (بتجارة الصين)”. تقدم هذه الرؤية نظرة متوازنة لآفاق الأسهم الأمريكية، حيث تجمع بين التفاؤل قصير المدى والتحذير من المخاطر على المدى الأطول.
الأسهم الأمريكية تستعيد عافيتها بدعم عوامل متعددة
استعادت الأسهم الأمريكية، ممثلة بمؤشري “ستاندرد آند بورز 500” و”ناسداك”، عافيتها بشكل ملحوظ يوم الثلاثاء، مع تحول مؤشر S&P 500 إلى المنطقة الإيجابية للعام الحالي. جاء هذا الأداء القوي مدفوعا بمزيج قوي من العوامل الإيجابية، شملت استمرار التفاؤل بشأن تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وبيانات تضخم أمريكية مشجعة، وأخبارًا محفزة لقطاع التكنولوجيا، بالإضافة إلى إعلانات استثمارية حكومية.
ورغم تخلف مؤشر “داو جونز” بسبب عوامل خاصة، فإن المعنويات العامة في وول ستريت تبدو متفائلة على المدى القصير. ومع ذلك، يشير المحللون إلى أن المخاوف بشأن التقييمات المرتفعة لبعض الأسهم الأمريكية والتركيز السوقي العالي تتطلب من المستثمرين التحلي باليقظة والحذر، حتى مع تلاشي المخاوف الفورية المتعلقة بالركود والتضخم. ويبقى المسار المستقبلي للأسهم الأمريكية مرهونا باستمرار التقدم في المفاوضات التجارية، وتطور البيانات الاقتصادية، وقدرة الشركات على تحقيق نمو في الأرباح يبرر المستويات السعرية الحالية.
اقرأ أيضا…