أخبار الأسواقأخبار الدولار الأمريكيفوركس

الدولار الأمريكي يتراجع بعد بيانات تضخم أضعف من المتوقع

شهد الدولار الأمريكي تراجعا خلال تداولات يوم الثلاثاء، متخليا عن جزء من المكاسب الحادة التي حققها في الجلسة السابقة. وجاء هذا التراجع بعد صدور بيانات مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة التي جاءت أقل من توقعات السوق لشهر أبريل، مما خفف من الضغوط التضخمية الظاهرة ودفع المستثمرين إلى إعادة تقييم مسار السياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وكان الدولار الأمريكي قد حقق ارتفاعًا كبيرًا يوم الاثنين بفضل التفاؤل الذي ساد الأسواق عقب الإعلان عن هدنة تجارية بين الولايات المتحدة والصين.

بيانات التضخم الأمريكي وتأثيرها المباشر على الدولار

أظهر تقرير وزارة العمل الأمريكية الصادر يوم الثلاثاء أن مؤشر أسعار المستهلكين (CPI) ارتفع بنسبة 0.2% خلال شهر أبريل، وهو ما جاء أقل من توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت آراؤهم وكالة رويترز، والذين كانوا يتوقعون زيادة بنسبة 0.3%. ويأتي هذا بعد انخفاض طفيف بنسبة 0.1% في مارس، مما يشير إلى أن ضغوط الأسعار قد تكون أقل حدة مما كان يُخشى سابقًا.

وعلى الرغم من هذه القراءة المعتدلة، لا يزال من المرجح أن يتسارع التضخم في الأشهر المقبلة مع بدء تأثير التعريفات الجمركية الأمريكية على تكلفة السلع المستوردة.

وفي هذا السياق، علق براين جاكوبسن، كبير الاقتصاديين في “آنكس ويلث مانجمنت” قائلاً: “بينما كان الرقم الرئيسي للتضخم أفضل من المتوقع، هناك مؤشرات على أن التعريفات قد دفعت الأسعار للارتفاع بالفعل”. وأضاف: “إن خفض توتر التعريفات أمر جيد حيث ستبدأ تأثيرات الأسعار في التسرب إلى أسعار المنجات بسرعة كبيرة. وقد يعني إعادة ضبط العلاقات التجارية مع الصين أن بإمكان مجلس الاحتياطي الفيدرالي العودة إلى العمل كالمعتاد واستئناف خفض أسعار الفائدة تدريجيا في وقت لاحق من هذا العام”. هذه التصريحات تلقي الضوء على العلاقة المعقدة بين بيانات التضخم الفورية، وتأثيرات السياسة التجارية، والقرارات المستقبلية للبنك المركزي، وكلها عوامل محورية لاتجاه الدولار الأمريكي.

أداء الدولار الأمريكي في أسواق العملات يوم الثلاثاء

انعكس تأثير بيانات التضخم المعتدلة على أداء الدولار الأمريكي في أسواق العملات يوم الثلاثاء:

  • مؤشر الدولار (DXY): انخفض المؤشر، الذي يقيس أداء العملة الخضراء مقابل سلة من ست عملات رئيسية بما في ذلك الين واليورو، بنسبة 0.36% ليصل إلى 101.36.
  • مقابل اليورو: ارتفع اليورو بنسبة 0.5% ليصل إلى 1.1142 دولار، مستفيدا من ضعف الدولار الأمريكي.
  • مقابل الين الياباني: ضعف الدولار الأمريكي بنسبة 0.45% ليتداول عند 147.78 ين. وكان الدولار قد ارتفع بأكثر من 2% في الجلسة السابقة مع تراجع جاذبية الين كملاذ آمن بفعل تحسن شهية المخاطرة.
  • مقابل الفرنك السويسري: تراجع الدولار الأمريكي بنسبة 0.47% ليصل إلى 0.841 فرنك، وذلك بعد أن كان قد صعد بنسبة 1.6% يوم الاثنين.
  • مقابل اليوان الصيني في التعاملات الخارجية: ارتفع الدولار الأمريكي بشكل طفيف بنسبة 0.01% ليصل إلى 7.199 يوان، وذلك بعد أن كان قد انخفض إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر عند 7.1779 يوان.
  • مقابل الجنيه الإسترليني: تعزز الجنيه الإسترليني بنسبة 0.43% ليصل إلى 1.3229 دولار.

السياق الأوسع لأداء الدولار الأمريكي وتغير توقعات أسعار الفائدة

يأتي تراجع الدولار الأمريكي يوم الثلاثاء بعد ارتفاع كبير تجاوز 1% في الجلسة السابقة. وكان هذا الارتفاع مدفوعًا بالتفاؤل الذي أثاره الاتفاق بين الولايات المتحدة والصين على خفض التعريفات الجمركية، مما أدى إلى تهدئة المخاوف من حرب تجارية شاملة قد تؤدي إلى ركود عالمي.

وعلى الرغم من مكاسب يوم الاثنين، لا يزال الدولار الأمريكي أقل بأكثر من 2% من مستواه في 2 أبريل، وهو التاريخ الذي أعلن فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق، مما دفع المستثمرين الأجانب إلى تقليل تعرضهم للأسهم والسندات الأمريكية.

وقد أدت تهدئة التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين إلى قيام المشاركين في السوق بتقليص توقعاتهم بشأن حدوث ركود، وكذلك توقعاتهم بشأن توقيت وحجم تخفيضات أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا العام. وقامت كبرى شركات الوساطة المالية، بما في ذلك “جولدمان ساكس” و”جيه بي مورجان” و”باركليز”، مؤخرًا بتخفيض توقعاتها بحدوث ركود في الولايات المتحدة ومراجعة نظرتها بشأن تيسير سياسة الفيدرالي.

ووفقًا لبيانات مجموعة بورصات لندن (LSEG)، يُنظر الآن إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس على الأقل على أنه مرجح في اجتماع سبتمبر للبنك المركزي، مقارنة بتوقعات سابقة كانت تشير إلى خفض في اجتماع يوليو. كما يتم تسعير حوالي 51 نقطة أساس من التخفيضات لعام 2025. هذا التحول في توقعات أسعار الفائدة نحو “أعلى لفترة أطول” أو على الأقل “تخفيضات أقل حدة” يعتبر بشكل عام داعمًا لالدولار الأمريكي، حتى وإن تسببت بيانات التضخم المعتدلة يوم الثلاثاء في تراجع مؤقت.

نظرة على أسواق العملات المشفرة

في سياق شهية المخاطرة الأوسع نطاقا، واصلت العملات المشفرة مكاسبها. فقد ارتفع سعر البيتكوين بنسبة 0.99% ليصل إلى 103,699.57 دولارًا، بعد أن كان قد سجل أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر ونصف عند 105,716.07 دولار يوم الاثنين. كما ارتفع سعر الإيثريوم بنسبة 2.44% ليصل إلى 2,547.01 دولار.

ختاما تراجع الدولار الأمريكي يوم الثلاثاء بشكل طفيف في استجابة طبيعية لبيانات التضخم التي جاءت أضعف من المتوقع، مما أتاح للمستثمرين فرصة لجني الأرباح بعد الارتفاع القوي الذي شهدته العملة في الجلسة السابقة. ومع ذلك، فإن السرد الأساسي للسوق قد شهد تحولاً هامًا بفضل الهدنة التجارية بين الولايات المتحدة والصين، والتي أدت إلى إعادة تقييم توقعات النمو العالمي والسياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وبينما توفر بيانات التضخم الفورية بعض الارتياح وقد تضغط على الدولار الأمريكي على المدى القصير جدًا، فإن التوقعات المعدلة لمسار أسعار الفائدة، والتي أصبحت أقل تشاؤمًا بشأن مدى وسرعة التخفيضات، تشكل عامل دعم أساسي للعملة الأمريكية. ستبقى الأنظار متجهة نحو تطورات ملف التعريفات الجمركية، والبيانات الاقتصادية الأمريكية القادمة، وتصريحات مسؤولي الفيدرالي، لتحديد الاتجاه المستقبلي لالدولار الأمريكي في ظل هذه البيئة الاقتصادية المعقدة والمتغيرة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى