الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع في جلسة متقلبة

شهدت الأسهم الأمريكية جلسة تداول اتسمت بالتقلبات الحادة، لكنها تمكنت من الإغلاق على ارتفاع، في وقت يصارع فيه المستثمرون في سوق الأسهم الأمريكية لتقييم إشارات الفيدرالي الأميركي حول تصاعد مخاطر التباطؤ الاقتصادي وارتفاع الأسعار. وجاء هذا الأداء المتباين للأسهم الأمريكية بالتزامن مع التطورات المتلاحقة على جبهة التجارة العالمية، مما عكس حالة من عدم اليقين التي تسيطر على المتعاملين وهم يحاولون استشراف المسار المستقبلي للسياسة النقدية وتأثير النزاعات التجارية على قيمة محافظهم الاستثمارية في الأسهم الأمريكية.
أداء المؤشرات الرئيسية وأبرز تحركات الأسهم الأمريكية
تأثر أداء الأسهم الأمريكية بشكل متباين عبر قطاعاتها المختلفة، حيث أنهى مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، الذي يُعتبر مقياسا واسعا للأسهم الأمريكية، الجلسة مرتفعا بنسبة 0.43% ليغلق عند 5,631.28 نقطة. كما سجل مؤشر “ناسداك المركب”، الذي يضم عددًا كبيرًا من أسهم شركات التكنولوجيا، مكاسب بنسبة 0.27%، منهيا التداولات عند 17,738.16 نقطة. أما مؤشر “داو جونز الصناعي”، الذي يتتبع أداء 30 من كبرى الأسهم الأمريكية، فقد أضاف 284.97 نقطة، أو ما يعادل 0.70%، ليستقر عند 41,113.97 نقطة.
وكان من أبرز الأسهم الفردية التي أثرت في أداء سوق الأسهم الأمريكية، سهم شركة “ديزني” الذي قفز بنسبة تقارب 11%، وذلك بعد أن فاقت أرباح الشركة للربع المالي الثاني توقعات المحللين وأعلنت عن زيادة مفاجئة في عدد مشتركي خدمات البث التدفقي، مما عزز ثقة المستثمرين في سهم الشركة.
على صعيد أسهم قطاع التكنولوجيا، ارتفعت أسهم شركة “إنفيديا” بنسبة 3%، ويعزى هذا الارتفاع إلى تقرير من “بلومبرج” أفاد بأن إدارة الرئيس ترامب تخطط لإلغاء قيود كانت مفروضة في عهد إدارة بايدن على صادرات رقائق الذكاء الاصطناعي، وهو ما يعد إيجابيا لشركات الرقائق مثل إنفيديا ضمن الأسهم الأمريكية. وفي المقابل، شهدت أسهم شركتي “ألفابت” (الشركة الأم لجوجل) و”آبل” تراجعات ملحوظة، حيث انخفض سهم “ألفابت” بنحو 7% وسهم “آبل” بنسبة 1% تقريبا. ويأتي هذا في ظل تقارير تشير إلى أن “آبل” تبحث إضافة خدمات ذكاء اصطناعي كخيارات بحث في متصفح “سفاري” الخاص بها، مما قد يشير إلى نهاية شراكتها الحالية مع “جوجل” في هذا المجال، وهو ما أثر سلبا على سهمي الشركتين ضمن الأسهم الأمريكية.
قرار الفيدرالي الأميركي وتأثيره على الأسهم الأمريكية
أثر قرار الفيدرالي الأميركي بتثبيت أسعار الفائدة وتحذيراته من المخاطر المزدوجة بشكل مباشر على معنويات المستثمرين في سوق الأسهم الأمريكية. فمع إبقاء لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية (FOMC) على سعر الفائدة القياسي لليلة واحدة ضمن نطاق يتراوح بين 4.25% و4.5% (وهو المستوى الذي ظل عليه منذ ديسمبر)، جاء بيان اللجنة ليؤكد أن “اللجنة منتبهة للمخاطر على جانبي تفويضها المزدوج، وترى أن مخاطر ارتفاع البطالة وارتفاع التضخم قد زادت”. هذا البيان، رغم تثبيت الفائدة، حمل تحذيرًا دفع المستثمرين في الأسهم الأمريكية إلى توخي الحذر.
ويتزامن إعلان الفيدرالي الأميركي مع تزايد المخاوف من أن حربا تجارية عالمية قد تدفع الأسعار إلى مزيد من الارتفاع، مما يعقد مسار البنك المركزي نحو إعادة التضخم إلى هدفه البالغ 2%، وهو ما ينعكس مباشرة على تقييمات الأسهم الأمريكية وتوقعات أرباح الشركات.
وخلال مؤتمره الصحفي، أوضح رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول أنه إذا استمرت “الزيادات الكبيرة في التعريفات” التي تم الإعلان عنها عند مستوياتها الحالية، فإنها قد تؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي، وارتفاع في التضخم على المدى الطويل، وزيادة في معدلات البطالة. هذه العوامل مجتمعة تمثل أخبارا سلبية للأسهم الأمريكية بشكل عام.
تحليل الخبراء: رسالة الفيدرالي وتداعياتها على سوق الأسهم
فيما يتعلق بتأثير ذلك على الأسهم الأمريكية، رأى ديفيد كيلي، كبير الاستراتيجيين العالميين في “جي بي مورجان لإدارة الأصول”، أن إعلان الفيدرالي الأميركي يمثل “تحذيرا للإدارة. وفسر كيلي ذلك بالقول: “إذا قرأت ما بين السطور، فإنهم يقولون بشكل أساسي: سياساتكم تؤدي إلى ارتفاع التضخم وارتفاع البطالة”.
هذا التحليل يشير إلى أن السياسات الاقتصادية العامة قد تلقي بظلالها على أداء الأسهم الأمريكية إذا لم يتم التعامل مع هذه المخاطر. وأضاف كيلي: “هذا بيان متشدد إلى حد ما. إنه يقول: لن نكون في أي عجلة من أمرنا لخفض أسعار الفائدة لأنه، بصراحة، هناك مخاطر على جانبي تفويضنا هنا ولسنا متأكدين من الاتجاه الذي يجب أن نسلكه”. عدم اليقين هذا من جانب الفيدرالي عادة ما يترجم إلى تقلبات في أسواق الأسهم.
تطورات الحرب التجارية وضبابية المشهد لأسهم أمريكا
زادت تطورات الحرب التجارية من حالة عدم اليقين التي تخيم على أداء الأسهم الأمريكية. تصريحات الرئيس دونالد ترامب في وقت سابق يوم الأربعاء للصحفيين بأنه لن يخفض التعريفات الجمركية المرتفعة المفروضة على الصين كشرط لبدء المفاوضات التجارية، أثارت قلق المستثمرين في الأسهم الأمريكية بشأن استمرار النزاع وتأثيره على أرباح الشركات وسلاسل الإمداد العالمية. وجاء هذا التصريح قبيل اجتماعات من المقرر عقدها نهاية هذا الأسبوع في سويسرا بين أعضاء من إدارة ترامب ومسؤولين صينيين لمناقشة المسائل التجارية. هذه التطورات تزيد من صعوبة التنبؤ باتجاه الأسهم الأمريكية على المدى القصير والمتوسط.
في النهاية تعكس جلسة التداول المتقلبة للأسهم الأمريكية حالة الترقب والحذر التي تسود أوساط المستثمرين. فبينما يحاول الفيدرالي الأميركي الموازنة بين أهدافه في ظل مخاطر اقتصادية متزايدة، تظل تطورات الحرب التجارية عامل ضغط رئيسي على الأسهم الأمريكية.
ويبقى السؤال الأهم هو كيف ستتفاعل الأسهم الأمريكية مع هذه التحديات المتشابكة، وكيف سيتمكن المستثمرون من تجاوز هذه المرحلة الضبابية. ويبدو أن سوق الأسهم الأمريكية ستواصل الموازنة بين الإشارات المتضاربة، بحثًا عن اتجاه واضح في ظل هذه الظروف المعقدة التي تؤثر على الاقتصاد الكلي وأسواق المال.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد