أخبار الأسواقاخبار اقتصاديةأخبار الدولار الأمريكي

باول: الفيدرالي الأميركي ليس في عجلة لتعديل الفائدة.. والتعريفات قد تفضي لتضخم وبطالة أكبر

أكد رئيس الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، أن المسؤولين في البنك المركزي ليسوا في عجلة من أمرهم لتعديل أسعار الفائدة، مشيرًا في الوقت ذاته إلى أن التعريفات الجمركية المفروضة قد تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وزيادة البطالة في الولايات المتحدة. جاءت تصريحات باول الحاسمة هذه يوم الأربعاء، في ختام اجتماع لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية الذي استمر يومين في واشنطن، والذي أقر بالإجماع تثبيت أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية.   

تحذيرات باول من مخاطر التعريفات الجمركية

في تصريحاته التي حظيت باهتمام كبير، قدم باول تقييمًا واضحًا للتأثيرات المحتملة للسياسات التجارية، قائلاً: “إذا استمرت الزيادات الكبيرة في التعريفات التي تم الإعلان عنها، فمن المرجح أن تولد ارتفاعًا في التضخم، وتباطؤًا في النمو الاقتصادي، وزيادة في البطالة”. وأضاف باول أن “التأثيرات على التضخم قد تكون قصيرة الأجل، مما يعكس تحولًا لمرة واحدة في مستوى الأسعار”، ولكنه استدرك قائلاً: “من الممكن أيضًا أن تكون التأثيرات التضخمية أكثر استدامة”.

هذه النظرة المزدوجة لطبيعة التضخم المحتمل تعكس حالة عدم اليقين التي يشعر بها الفيدرالي الأميركي تجاه التطورات التجارية وتداعياتها غير محسوبة العواقب بشكل كامل.

قرار تثبيت أسعار الفائدة وسياسة “الانتظار والترقب”

تماشيًا مع هذه الرؤية الحذرة، صوت المسؤولون بالإجماع على إبقاء النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بين 4.25% و4.5%، وهو المستوى الذي استقر عنده منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي. وأكد باول أن هذا النهج يعكس قناعة البنك بأن “التكلفة المترتبة على الانتظار منخفضة إلى حد ما”. 

وقال رئيس الفيدرالي الأميركي: “نعتقد أننا في المكان المناسب للانتظار ورؤية كيف تتطور الأمور. لا نشعر بأننا بحاجة إلى الاستعجال. نشعر أنه من المناسب التحلي بالصبر”. هذه اللهجة تؤكد على استراتيجية “الانتظار والترقب” التي يتبناها البنك المركزي في مواجهة الضبابية الاقتصادية.

وقد عزز بيان لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية هذا التوجه، حيث أشار إلى أن “عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية قد ازداد بشكل أكبر”، وأن “مخاطر ارتفاع البطالة وارتفاع التضخم قد زادت”. هذا الاعتراف الرسمي بتصاعد المخاطر على جانبي التفويض المزدوج للبنك – استقرار الأسعار والتوظيف الأقصى – يبرر بشكل كبير نهج التريث الذي شدد عليه باول.   

تحدي السياسات التجارية وضغوط الرئيس ترامب

ألقت سياسة الرئيس دونالد ترامب التجارية بظلال من عدم اليقين الكثيف على الاقتصاد الأمريكي. فبينما لا تزال الرسوم الجمركية قيد التفاوض والتطبيق التدريجي، يتوقع الاقتصاديون على نطاق واسع أن تؤدي هذه التعريفات الواسعة إلى زيادة التضخم والضغط على النمو الاقتصادي. هذا الوضع يضع هدفي الفيدرالي الأميركي الأساسيين – استقرار الأسعار وتحقيق أقصى قدر من التوظيف – في مواجهة مباشرة وصعبة.

على الرغم من أن معدلات البطالة لا تزال منخفضة والطلب ثابتًا نسبيًا، مما يوفر بعض الدعم للاقتصاد، فإن مسؤولي الفيدرالي الأميركي، وعلى رأسهم باول، يشعرون بالارتياح لإبقاء أسعار الفائدة دون تغيير حتى تتضح الرؤية الاقتصادية بشكل أفضل. 

في المقابل، واصل الرئيس ترامب دعواته المتكررة للبنك المركزي لخفض تكاليف الاقتراض فورًا، معتقدًا أن ذلك سيعزز النمو الاقتصادي. هذه الضغوط تمثل اختبارا لاستقلالية الفيدرالي الأميركي، وهو المبدأ الذي يعتبر حاسمًا لفعالية السياسة النقدية.

الفيدرالي مصمم على كبح التضخم الناجم عن التعريفات

أكد باول وزملاؤه تصميمهم على منع التعريفات الجمركية من إشعال فتيل ارتفاع دائم في معدلات التضخم. وفي هذا السياق، أشار العديد من المسؤولين إلى أنهم لن يدعموا خفض أسعار الفائدة بشكل استباقي كإجراء وقائي لحماية الاقتصاد من التباطؤ، إذا كان ذلك يعني التهاون في مكافحة التضخم.

وشدد باول على هذه النقطة بقوله: “لسنا في وضع يمكننا فيه اتخاذ إجراءات استباقية، لأننا في الواقع لا نعرف ما هي الاستجابة الصحيحة للبيانات حتى نرى المزيد من البيانات”. هذا التصريح يؤكد على النهج المعتمد على البيانات الذي يتبعه الفيدرالي الأميركي، ورفضه للانجرار وراء قرارات متسرعة قد تكون لها عواقب سلبية.

نظرة على المشهد الاقتصادي الراهن

تتزايد المخاوف من حدوث ركود اقتصادي في الولايات المتحدة، وقد أبلغت بعض الشركات عن تعليق قراراتها الاستثمارية نظرًا لحالة عدم اليقين السائدة. ومع ذلك، لا يزال سوق العمل يُظهر مرونة لافتة، حيث أضاف أصحاب العمل 177 ألف وظيفة في شهر أبريل/نيسان. ووصف مسؤولو الفيدرالي الأميركي أوضاع سوق العمل في بيانهم بأنها “صلبة”.

يشير الاقتصاديون إلى أن التأثير الكامل للتعريفات الجمركية الجديدة سيستغرق وقتًا ليظهر بوضوح في البيانات الاقتصادية. وحتى الآن، تمثل التأثير الرئيسي في انخفاض حاد في معنويات المستهلكين والشركات، وارتفاع ملحوظ في حجم الواردات حيث سعت الشركات لتخزين السلع قبل تطبيق الرسوم. وكان الاقتصاد الأمريكي قد شهد انكماشًا في بداية العام للمرة الأولى منذ عام 2022، لكن مقياسا للطلب الأساسي ظل ثابتا وقويا.

وجاء في بيان اللجنة: “على الرغم من أن التقلبات في صافي الصادرات قد أثرت على البيانات، تشير المؤشرات الأخيرة إلى أن النشاط الاقتصادي استمر في التوسع بوتيرة قوية”. وقد شهد الربع الأول من العام تسابق الشركات لاستيراد البضائع قبل فرض التعريفات، كما أشار الارتفاع في إنفاق المستهلكين في مارس/آذار إلى أن الأسر سعت أيضًا لتقديم مشترياتها. وفي تطور إيجابي، أظهرت مقاييس التضخم الرئيسية بعض التباطؤ خلال الشهر.

انتقادات ترامب وسياسة الميزانية العمومية

في غضون ذلك، صعّد الرئيس ترامب من انتقاداته لرئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول في الأسابيع الأخيرة، لدرجة أنه قال في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إن “إنهاء خدمة باول لا يمكن أن يأتي بالسرعة الكافية!”، ولكنه عاد وأصر على أنه لا ينوي إقالة باول، مع استمراره في الضغط من أجل خفض أسعار الفائدة.

على صعيد آخر، أكد الفيدرالي الأميركي أنه سيواصل تقليص ميزانيته العمومية بالوتيرة المخفضة التي تم الإعلان عنها في اجتماع مارس/آذار. وبموجب ذلك، سيظل الحد الأقصى الشهري لمقدار سندات الخزانة التي يمكن أن تستحق دون إعادة استثمار عند 5 مليارات دولار، بينما يظل الحد الأقصى للأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري دون تغيير عند 35 مليار دولار.

(ملاحظة إدارية: أعلن البنك المركزي يوم الثلاثاء أن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي، جيف شميد، سيغيب عن اجتماع مايو/أيار بسبب وفاة زوجته مؤخرًا. ومثلت كانساس سيتي النائب الأول للرئيس، كيم روبنز. وانتقل صوت شميد إلى العضو المناوب نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس.)

الفيدرالي الأميركي يتبنى الحذر في بحر من عدم اليقين

 

تؤكد تصريحات رئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول وقرارات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على نهج الحذر والتروي في مواجهة مشهد اقتصادي عالمي ومحلي يكتنفه عدم اليقين، خاصة فيما يتعلق بتداعيات السياسات التجارية. وبينما يمتلك الفيدرالي الأميركي الأدوات اللازمة للتدخل، فإنه يفضل في الوقت الحالي “الانتظار والترقب”، مع التأكيد على استعداده للتحرك بناءً على تطور البيانات الاقتصادية، وموازنًا بدقة بين أهداف كبح التضخم ودعم سوق العمل في ظل تحديات غير مسبوقة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى