الذهب يرتفع بفعل صيد الصفقات قبيل بيانات الوظائف الأمريكية الهامة

ارتفعت أسعار الذهب خلال تداولات يوم الجمعة، مستفيدة من عودة بعض المستثمرين للشراء بهدف اقتناص ما يعتبرونه صفقات رابحة عند المستويات الحالية (المعروف بـ “صيد الصفقات”). يأتي هذا الارتفاع في ظل ترقب شديد لصدور تقرير الوظائف غير الزراعية الأمريكي الهام في وقت لاحق اليوم، وذلك بعد أن كانت الأسعار قد لامست أدنى مستوى لها في أسبوعين خلال الجلسة السابقة، مما جعلها مغرية لبعض المشترين.
ومع ذلك، فإن المؤشرات المستمرة على تراجع حدة التوترات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين، الولايات المتحدة والصين، قد أبقت المعدن الأصفر، الذي يُعتبر تقليديًا ملاذًا آمنًا في أوقات عدم اليقين، على مسار تسجيل ثاني خسارة أسبوعية له على التوالي، مما يعكس تضارب القوى المؤثرة في السوق حاليًا.
ارتفاع أسعار الذهب بعد التراجع
في تفاصيل حركة الأسعار، ارتفع سعر الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.5% ليصل إلى مستوى 3255.60 دولار للأوقية (الأونصة)، متعافيا جزئيا من انخفاضات الجلسة السابقة. وعلى الرغم من هذا الارتفاع اليومي، لا يزال الذهب متكبدا خسارة أسبوعية ملحوظة تبلغ 1.8% حتى الآن، مما يسلط الضوء على الضغوط التي تعرض لها في وقت سابق من الأسبوع.
كما شهدت العقود الأمريكية الآجلة للذهب ارتفاعا أكثر وضوحا، حيث صعدت بنسبة 1.3% لتصل إلى 3263.90 دولار للأوقية، مما قد يشير إلى بعض التفاؤل الحذر بين المتعاملين في سوق العقود الآجلة قبيل صدور البيانات الهامة.
صيد الصفقات بعد الانخفاض الأخير
يعزى الارتفاع المسجل يوم الجمعة بشكل كبير إلى دخول المستثمرين الذين يرون في تراجع الأسعار الأخير فرصة للشراء عند مستويات يعتبرونها جذابة.
فبعد انخفاض الأسعار إلى أدنى مستوى في أسبوعين، يميل بعض المشاركين في السوق إلى الاعتقاد بأن التصحيح قد يكون مبالغا فيه وأن الأسعار الحالية تمثل نقطة دخول جيدة. وأوضح أولي هانسن، رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، هذا السلوك قائلاً: “لقد تحسن المستوى العام لشهية المخاطرة هذا الأسبوع بسبب الأمل المتزايد في أننا سنرى تحسنًا ملموسًا في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين”.
وأضاف: “نحن نتداول الآن على بعد بضع مئات من الدولارات من القمم التاريخية التي سجلناها مؤخرًا، وهذا الانخفاض بحد ذاته قد يشير إلى أنه جذب بعض الطلب الجديد الذي يمكن تسميته بـ ‘صيد القاع’ من قبل المستثمرين الذين ما زالوا يؤمنون بأن هذا الطلب الأساسي القوي على الذهب لم ينته بعد وأن العوامل الداعمة طويلة الأجل لا تزال قائمة”.
تراجع التوترات التجارية وتأثيره على الملاذ الآمن
في المقابل، يستمر تراجع حدة التوترات التجارية في الضغط على جاذبية الذهب كملاذ آمن. فقد أكدت وزارة التجارة الصينية مجددا أن الولايات المتحدة أعربت مرارا عن استعدادها للتفاوض بشأن التعريفات الجمركية وأن باب بكين يظل مفتوحا لإجراء محادثات بناءة.
وأدت هذه المؤشرات المستمرة على إمكانية إجراء محادثات تجارية إيجابية بين أكبر اقتصادين في العالم إلى رفع معنويات المخاطرة بشكل عام في الأسواق المالية العالمية، مما دفع المستثمرين إلى تقليل توجههم نحو الأصول التي تعتبر ملاذًا آمنًا تقليديًا مثل الذهب والسندات الحكومية، والتوجه بدلاً من ذلك نحو الأصول ذات المخاطر الأعلى مثل الأسهم.
النظرة المستقبلية للذهب ودور العوامل الهيكلية
على الرغم من الضغوط الناتجة عن تحسن شهية المخاطرة، لا يزال العديد من المحللين والمؤسسات المالية الكبرى يحتفظون بنظرة إيجابية تجاه الذهب على المدى الطويل. ففي مذكرة حديثة، أكد بنك UBS السويسري: “نحافظ على نظرة بناءة للذهب كأداة فعالة للتنقل عبر المخاطر السياسية المتزايدة، حيث نتوقع استمرار التقلبات على المدى القصير ولكننا نرى دعمًا قويًا طويل الأجل للأسعار يأتي من استمرار مشتريات البنوك المركزية حول العالم، والطلب الاستثماري المتزايد، والاتجاهات العالمية نحو إزالة الدولرة (تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي في الاحتياطيات والمعاملات)”.
وأضاف البنك مقدمًا نصيحة للمستثمرين: “يمكن للمستثمرين الذين لديهم تخصيص منخفض للذهب في محافظهم الاستثمارية استغلال ضعف الأسعار الأخير كفرصة استراتيجية لبناء مراكز في الذهب أو لإعادة توازن الهياكل الاستثمارية القائمة بهدف تحقيق مرونة أكبر وقدرة على الصمود على المدى الطويل في مواجهة تقلبات السوق المستقبلية”.
ترقب بيانات الوظائف الأمريكية وتأثيرها المحتمل
ينتظر السوق الآن بفارغ الصبر والترقب الشديد صدور تقرير الوظائف غير الزراعية في الولايات المتحدة. يعتبر هذا التقرير من أهم المؤشرات الاقتصادية الشهرية، حيث يوفر صورة واضحة عن صحة سوق العمل الأمريكي، ويقدم بالتالي مؤشرات حاسمة حول المسار المحتمل لسياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) فيما يتعلق بأسعار الفائدة.
أظهر مسح أجرته وكالة رويترز لآراء الاقتصاديين أنه من المرجح أن يكون الاقتصاد الأمريكي قد أضاف حوالي 130 ألف وظيفة خلال شهر أبريل، وهو تباطؤ ملحوظ مقارنة بإضافة 228 ألف وظيفة في شهر مارس. أي رقم يصدر ويختلف بشكل كبير عن هذه التوقعات – سواء كان أقوى بكثير أو أضعف بكثير – من المرجح أن يؤثر بشكل كبير على توقعات السوق لقرارات الفائدة المستقبلية. فتقرير وظائف قوي قد يقلل من احتمالات خفض الفائدة قريبًا، مما قد يضغط على الذهب، بينما تقرير ضعيف قد يعزز التوقعات بخفض الفائدة، مما قد يدعم أسعار الذهب (حيث أن انخفاض أسعار الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائدًا).
المعادن النفيسة الأخرى
لم يقتصر الارتفاع على الذهب فقط يوم الجمعة، بل شهدت المعادن النفيسة الأخرى تحركات إيجابية أيضًا، مستفيدة من عمليات الشراء بعد انخفاضات الأمس وتحسن المعنويات على المدى القصير. حيث ارتفع سعر الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.5% ليصل إلى 32.57 دولار للأوقية، وسجل البلاتين، الذي له استخدامات صناعية مهمة، ارتفاعًا أقوى بنسبة 1% ليصل إلى 968.23 دولار، كما ارتفع البلاديوم، المستخدم بشكل أساسي في صناعة السيارات، بنسبة 0.3% ليصل إلى 943.23 دولار.
اقرأ أيضا…