أسعار النفط تتعافى بعد تراجعها وسط ترقب لقرارات أوبك+ ومحادثات إيران

عوضتظ أسعار النفط بعض خسائرها يوم الخميس بعد تراجعها بنحو 2% في الجلسة السابقة، مما يشير إلى مرونة السوق وقدرتها على امتصاص الصدمات قصيرة الأجل، ويوازن المستثمرون حالياً بين عدة عوامل رئيسية تؤثر على ديناميكيات العرض والطلب في السوق العالمية.
من جهة، هناك احتمالية زيادة إنتاج تحالف أوبك+، وهو ما قد يزيد المعروض. من جهة أخرى، هناك الإشارات المتضاربة بشأن التعريفات الجمركية من البيت الأبيض، والتي تؤثر على التوقعات الاقتصادية والطلب على النفط. وأخيراً، هناك المحادثات الجارية بين الولايات المتحدة وإيران حول البرنامج النووي، والتي قد تؤدي إلى عودة النفط الإيراني إلى السوق. هذه العوامل المتناقضة تخلق حالة من عدم اليقين وتؤثر على تحركات الأسعار.
تحركات أسعار النفط في جلسة الخميس
شهدت أسعار النفط القياسية ارتفاعاً طفيفاً في التعاملات المبكرة يوم الخميس، مما يعكس محاولة السوق لتقييم أحدث التطورات:
- ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي بمقدار 53 سنتا، أو بنسبة 0.8%، لتصل إلى 66.65 دولار للبرميل، وقت نشر هذا التقرير.
- صعد خام غرب تكساس الأمريكي (WTI) بمقدار 55 سنتاً، أو بنسبة 0.88%، ليصل إلى 62.82 دولار للبرميل. يتبع خام WTI عادة اتجاه خام برنت، ويعكس ارتفاعه تحسنا طفيفا في المعنويات في السوق الأمريكية أيضا.
وكانت الأسعار قد تراجعت بنسبة 2% بشكل حاد في جلسة التداول السابقة، وهو تراجع كان مدفوعا بشكل أساسي بتقرير لوكالة رويترز. ذكر التقر أن العديد من أعضاء تحالف أوبك+ سيقترحون على المجموعة تسريع وتيرة زيادات إنتاج النفط للشهر الثاني على التوالي في يونيو، نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة ومقربة من مباحثات أوبك+. إذا تم تنفيذ هذا الاقتراح، فقد يؤدي إلى زيادة المعروض في السوق بشكل أسرع مما كان متوقعاً، مما يضغط على الأسعار.
ترقب لقرارات أوبك+ وخلافات محتملة تهدد استقرار السوق
كتب محللو بنك ING في مذكرة تحليلية: “بينما دفعت موجة المخاطرة معظم الأصول الخطرة للارتفاع أمس [الأربعاء]، تخلف النفط عن الركب بفضل الخلافات داخل أوبك+”. يشير هذا إلى أن التفاؤل العام في الأسواق لم ينعكس بشكل كامل على أسعار النفط بسبب المخاوف الخاصة بقطاع الطاقة.
أفادت وكالة رويترز يوم الأربعاء أن كازاخستان، وهي منتج رئيسي للنفط خارج أوبك+ وتنتج حوالي 2% من إنتاج النفط العالمي، وتجاوزت حصتها المتفق عليها مراراً خلال العام الماضي، قالت إنها ستعطي الأولوية للمصلحة الوطنية على حساب التزاماتها تجاه أوبك+ عند تحديد مستويات الإنتاج. هذا التصريح يثير القلق بشأن مدى التزام الأعضاء باتفاقيات الإنتاج المستقبلية.
سبق أن نشبت خلافات وتوترات بين أعضاء تحالف أوبك+ حول الالتزام بحصص الإنتاج المتفق عليها، وهو ما يعكس التحديات التي تواجهها المجموعة في الحفاظ على الانضباط. في إحدى المرات، أدت هذه الخلافات إلى انسحاب أنغولا من التحالف في عام 2023، مما يوضح خطورة هذه التوترات على وحدة المجموعة وقدرتها على التأثير في السوق.
قال محللو ING محذرين: “أي خلافات إضافية بين أعضاء أوبك+ تمثل خطراً واضحاً ومباشراً على الأسعار، حيث يمكن أن تؤدي إلى انهيار الاتفاق وتفجر حرب أسعار جديدة، مما سيؤدي إلى تراجع حاد في أسعار النفط”. هذا السيناريو هو أحد أكبر المخاطر التي يواجهها سوق النفط حالياً.
إشارات متضاربة بشأن التجارة الأمريكية الصينية تؤثر على توقعات الطلب
دعمت المؤشرات التي تشير إلى احتمال اقتراب الولايات المتحدة والصين من استئناف المحادثات التجارية أسعار النفط بشكل غير مباشر. التوصل إلى اتفاق تجاري أو حتى مجرد تخفيف التوترات يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي العالمي، وبالتالي يزيد الطلب على النفط. ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن البيت الأبيض قد يكون مستعداً لخفض تعريفاته الجمركية المرتفعة على الصين إلى مستوى منخفض يصل إلى 50% من أجل فتح باب المفاوضات واستئناف الحوار التجاري المتوقف.
قال وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت يوم الأربعاء إن التعريفات الجمركية الحالية المرتفعة بشكل مفرط – 145% على المنتجات الصينية المتجهة إلى الولايات المتحدة و 125% على المنتجات الأمريكية المتجهة إلى الصين – غير مستدامة من الناحية الاقتصادية ويجب تخفيضها قبل أن تتمكن المحادثات التجارية بين الجانبين من البدء بجدية. ومع ذلك، وفي إشارة تعكس الانقسامات داخل الإدارة، قالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارولين ليفيت لاحقاً لشبكة فوكس نيوز إنه لن يكون هناك تخفيض أحادي الجانب للتعريفات على السلع من الصين، مما يعني أن أي خطوة أمريكية ستتطلب تنازلات مقابلة من بكين.
يقول محللو Rystad Energy إن حرباً تجارية طويلة الأمد ومستمرة بين الولايات المتحدة والصين يمكن أن يكون لها تأثير سلبي كبير على الطلب على النفط في الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم. يقدرون أن هذه الحرب يمكن أن تخفض نمو الطلب على النفط في الصين إلى النصف هذا العام، ليصل إلى 90 ألف برميل يومياً فقط من توقعات سابقة بلغت 180 ألف برميل يومياً. هذا التباطؤ في الطلب الصيني سيكون له تداعيات كبيرة على السوق العالمية.
ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز يوم الأربعاء أن ترامب يفكر أيضاً في منح إعفاءات تعريفية على واردات قطع غيار السيارات من الصين، بعد ضغط مكثف من قبل المديرين التنفيذيين في الصناعة الأمريكية خلال الأسابيع الأخيرة. هذه الخطوة، إذا تمت، قد تخفف بعض الضغط على قطاع صناعة السيارات، لكنها لا تحل المشكلة الأوسع للتعريفات.
محادثات إيران النووية والعقوبات الجديدة: عامل يؤثر على جانب العرض
في عامل آخر قد يضغط على أسعار النفط من جانب العرض، ستعقد الولايات المتحدة وإيران جولة ثالثة من المحادثات نهاية هذا الأسبوع حول اتفاق محتمل لإعادة فرض قيود على برنامج طهران لتخصيب اليورانيوم. يراقب السوق هذه المحادثات عن كثب بحثاً عن أي إشارة إلى أن التقارب الأمريكي الإيراني قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيرانية. إذا تم رفع العقوبات، يمكن أن تعود كميات كبيرة من النفط الإيراني إلى السوق العالمية بسرعة نسبية، مما يزيد المعروض ويضغط على الأسعار.
لكن التطورات الأخيرة كانت متناقضة. فرضت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء عقوبات جديدة على قطاع الطاقة الإيراني، مما يشير إلى استمرار الضغط على طهران. قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إن هذه العقوبات الجديدة تظهر “عدم حسن النية والجدية” من جانب واشنطن في الحوار مع طهران، مما يلقي بظلال من الشك على إمكانية إحراز تقدم كبير في المحادثات النووية.
اقرأ أيضا…