ارتفاع أسعار النفط بنسبة 1% بسبب احتمالية إجراء محادثات تجارية بين الولايات المتحدة والصين

ارتفعت أسعار النفط يوم الأربعاء بنسبة تقارب 1% بعد أن بدأ المستثمرون في تكهن احتمالية بدء محادثات تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والصين، مما دفع إلى تحوّل معنويات السوق نحو التفاؤل بشأن إمكانية تخفيف حدة النزاع التجاري.
وقد انعكس هذا التحول مؤقتا على السوق، حيث تحولت الأسعار إلى مسار صاعد بعد انخفاضها في بداية اليوم، رغم استمرار المخاوف من أن النزاع التجاري المتصاعد سيؤثر سلبا على النمو الاقتصادي العالمي ويضع ضغطا على الطلب على النفط.
التحولات في أسعار النفط
شهدت العقود الآجلة لخام برنت ارتفاعا بمقدار 64 سنتا لتتداول عند 65.31 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير، بينما ارتفعت عقود خام غرب تكساس الأمريكي (WTI) بمقدار 62 سنتا لتصل إلى 61.95 دولار للبرميل.
وجاءت هذه الزيادات بعد تراجع الأسعار في بداية الجلسة، لكن تحول الزخم جاء بعد أن نشرت تقارير لبولومبرج أشارت إلى أن الصين ترغب في الحصول على المزيد من الاحترام من الإدارة الأمريكية قبل الدخول في مفاوضات تجارية جديدة.
وأضاف المصدر المجهول الذي نقلته تلك التقارير بأن الصين تطمح أيضا إلى تعيين جهة اتصال رئيسية جديدة للمفاوضات المستقبلية.
يشير محلل من بنك UBS، جيوفاني ستاونوفو، إلى أن “تخفيف حدة النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين قد يساهم في تقليل التراجع في توقعات النمو الاقتصادي وبالتالي يحد من تراجع الطلب على النفط.” ويعتقد ستاونوفو أن تخفيف النزاع قد يساهم بشكل مباشر في تحسين رؤى السوق.
النزاع التجاري وتأثيره على العرض والطلب
يعد النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين أحد أبرز العوامل التي تؤثر على أسعار النفط في الوقت الراهن. فقد أدى تصعيد الرسوم الجمركية من جانب الرئيس ترامب إلى زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.
إذ أعلن ترامب عن رفع الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات من الصين، مما أثار ردود فعل قوية من بكين والتي بدورها أدت إلى رفع الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية.
هذا التبادل اللفظي والإجرائي أدى إلى تفاقم المخاوف من تداعيات هذا النزاع على النمو الاقتصادي، ما يمكن أن يؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على النفط وخلق فائض في العرض.
توتبنى العديد من التوقعات الاقتصادية فكرة أن استمرار النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين سيؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، مما يحد من زيادة الطلب على النفط.
وقد أشارت تقارير من الوكالات المتخصصة إلى أن توقعات نمو الطلب العالمي على النفط قد انخفضت بشكل ملحوظ، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً لأسعار النفط إذا ما استمر نزاع التجارة وتأثيراته على السوق.
السياسات الجمركية والتغييرات المؤقتة في الرسوم
أحدثت إدارة الرئيس ترامب تغييرا ملحوظا من خلال إعلان استثناءات مؤقتة من الرسوم الجمركية لبعض المنتجات، خاصة تلك المتعلقة بالإلكترونيات مثل الهواتف الذكية والحواسيب.
وقد أسهم هذا القرار في تخفيف بعض الضغوط على الأسواق، مما دفع المستثمرين للتفاؤل مؤقتًا وإعادة تقييم مواقفهم فيما يتعلق بالسياسات التجارية. إلا أن هذه الاستثناءات لم تشمل الجانب الصيني الذي لا يزال في موقف متشدد، مما يؤكد استمرار النزاع وعدم اليقين.
وأفاد ترامب مؤخرا بأنه سيعلن عن معدل الرسوم الجمركية على واردات أشباه الموصلات خلال الأسبوع المقبل، مما يزيد من حدة الشكوك حول مدى استقرار السياسات التجارية. هذه المخططات الجديدة توضع في سياق تصاعد النزاع مع الصين، حيث تسعى كل من الطرفين لإعادة ترتيب مراكزها التنافسية، مما يضيف طبقة إضافية من عدم اليقين في السوق.
التداعيات على الأسواق والأسهم
على الرغم من أن الأخبار الإيجابية المتعلقة باستثناء بعض الرسوم الجمركية أدت إلى انتعاش مؤقت في سوق الأسهم، فإن تأثير النزاع التجاري المتصاعد لا يزال يشكل تهديدًا على الأسواق المالية. فقد شهدت أسواق الأسهم تقلبات حادة خلال الأيام السابقة، حيث أدت المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي إلى تراجع كبير في أسعار الأسهم.
ومع ذلك، فإن تحوّل معنويات المستثمرين بسبب إمكانية بدء مفاوضات تجارية جديدة قد يساهم في رفع حجم تداول الأسهم مؤقتًا، مما يدعم مؤشرات السوق على المدى القصير.
ويؤثر النزاع التجاري أيضا على سوق السندات، حيث أدت حالة عدم اليقين إلى انخفاض الطلب على سندات الخزانة الأمريكية مما قد يرفع من عوائدها.
ويعتبر هذا تراجعا غير مرغوب فيه لدى المستثمرين البحث عن الأصول الآمنة، إذ أن ارتفاع العوائد يقلل من جاذبية الاستثمار في السندات مقارنة بالأصول الأخرى مثل الذهب أو الأسهم. وبذلك يظل تأثير النزاع التجاري عاملا مترابطا يضغط على الأسواق المالية من عدة جوانب.
توقعات المحللين والتحديات المستقبلية
يشير بعض المحللين إلى أن استمرار النزاع التجاري بين الولايات المتحدة والصين قد يؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي، مما سينعكس سلبًا على الطلب على النفط.
وإذا ما استمرت هذه الحالة، فقد يواجه النفط ضغوطاً إضافية تُفضي إلى تراجع الأسعار. تعتبر المخاوف من الركود العالمي وتأثير النزاع التجاري من العوامل الرئيسية التي ستشكل توقعات نمو الطلب على النفط في الفترة القادمة، مما يجعل تقييم أسعار النفط مسألة معقدة تتأثر بتطورات السياسة التجارية والعوامل الاقتصادية الكلية.
وعلى المدى القريب، قد تؤدي الإجراءات المتغيرة في السياسات الجمركية إلى استمرار التقلبات في السوق، حيث يتعين على المستثمرين مراقبة أي تغيير في معطيات السياسات التجارية بدقة.
في حال تحسن الأوضاع وظهور إشارات إيجابية من جانب الصين أو الولايات المتحدة بشأن المفاوضات التجارية، قد يشهد السوق تحسنا مؤقتا.
ومع ذلك، فإن الحالة العامة لا تزال تعتمد على مدى استمرار النزاع التجاري وعدم اليقين في السياسات، مما يُبقي المخاطر قائمة ويستدعي اتخاذ استراتيجيات تحوطية فعالة.
اقرأ أيضا…