بيانات التوظيف الأمريكية لم تحسم خفض الفائدة في مايو

أظهرت بيانات ADP أن الشركات الأمريكية أضافت 155,000 وظيفة جديدة في مارس، متجاوزةً بذلك معظم توقعات الاقتصاديين، مما يشير إلى انتعاش ملحوظ في سوق العمل بعد ضعف شهر فبراير الذي تأثر بعوامل عدة منها الأحوال الجوية القاسية في بعض المناطق.
وتعد هذه الأرقام بمثابة مؤشر إيجابي على تماسك الطلب على العمالة في ظل بيئة اقتصادية متقلبة، كما أنها تأتي في إطار بيانات أخرى تشير إلى ثبات معدلات تسريحات العمال وانخفاض معدلات البطالة، مما يعكس قوة سوق العمل الخاص في الولايات المتحدة.
تفاصيل البيانات وأهميتها
استند تقرير ADP، الذي تم إعداده بالتعاون مع مختبر الاقتصاد الرقمي بجامعة ستانفورد، إلى بيانات تغطي أكثر من 25 مليون موظف في القطاع الخاص الأمريكي.
وأظهر التقرير أن الزيادة في الوظائف جاءت مدفوعة بقطاعات عدة، أبرزها الخدمات المهنية والأعمال، والأنشطة المالية، والتصنيع، وفي قطاع التصنيع، سجلت الإضافات الوظيفية أعلى معدل منذ أكتوبر 2022، مما يدل على تحسن ملحوظ في هذا القطاع الحيوي الذي تأثر سابقًا بظروف السوق الصعبة.
تأتي هذه الزيادة في فرص العمل في ظل بيئة اقتصادية تشهد تباطؤا تدريجيا في بعض مؤشرات النمو، ولكنها تظهر أيضا أن الشركات الخاصة ما زالت تسعى لتلبية الطلب المتزايد على منتجاتها وخدماتها رغم التحديات القائمة.
ويعتبر هذا النمو في التوظيف مؤشرا على استمرار الطلب على العمالة، وهو ما يسهم في دعم الاقتصاد الأمريكي على المدى المتوسط، خاصة في ظل تراجع بيانات التسريحات وإثبات استقرار سوق العمل.
تأثير السياسات التجارية على سوق العمل
في ظل الضغوط الناجمة عن السياسات التجارية التي يتبعها الرئيس ترامب، وخاصة التوترات المتعلقة بالرسوم الجمركية والتعريفات على واردات السيارات، أصبح من الواضح أن حالة عدم اليقين تؤثر على قرارات الشركات بشأن التوظيف.
فقد أدى هذا التذبذب إلى تعليق بعض خطط الاستثمار في توسيع القوى العاملة، مما أسهم في تباطؤ نمو فرص العمل في بعض القطاعات. ومع ذلك، أظهرت البيانات أن بعض القطاعات لا تزال تحافظ على مستويات نمو قوية، مما يشير إلى قدرة الاقتصاد الأمريكي على التكيف مع هذه الضغوط الخارجية.
وقال محللو السوق إن حالة “التوظيف المنخفض والتسريح المنخفض” التي وصفها رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول تعكس موقفا حذرا من قبل الشركات؛ فهي تفضل الحفاظ على القوى العاملة الحالية بدلاً من القيام بتسريحات جماعية، كما أن الشركات مترددة في توظيف موظفين جدد في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي الناجمة عن التوترات التجارية والسياسات الحمائية.
تطورات الأجور ونمو الرواتب
جانب آخر مهم في تقرير ADP هو نمو الأجور. فقد أظهرت البيانات أن العمال الذين غيروا وظائفهم حصلوا على زيادة في الرواتب بنسبة 6.5%، في حين أن العاملين الذين بقوا في وظائفهم شهدوا زيادة بنسبة 4.6%.
ويعكس هذا الفارق انخفاضا ملحوظا مقارنة بالمستويات السابقة، مما يدل على تراجع الفجوة بين مرتبات الموظفين الجدد وقدامى العمل، ويعد هذا التباطؤ في نمو الأجور مؤشرًا على ضغوط الأسعار والتحديات الاقتصادية التي تواجهها الشركات، خاصة في ظل حالة عدم اليقين التجاري وتأثير التعريفات الجمركية على تكاليف الإنتاج.
أثر البيانات على توقعات السياسات النقدية
تأتي هذه البيانات في ظل توقعات بأن يصدر تقرير الوظائف الحكومي لشهر مارس يوم الجمعة، والذي من المتوقع أن يظهر معدل نمو الوظائف غير الزراعية عند حوالي 140,000 وظيفة، مع بقاء معدل البطالة مستقرا عند 4.1%.
وتعتبر هذه البيانات ضرورية لتقييم تأثير السياسات التجارية والاقتصادية على سوق العمل، كما ستساهم في تحديد ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي سيواصل سياسته النقدية الحالية أم سيقوم بتعديل أسعار الفائدة.
ويلاحظ أن المستثمرين يراقبون بشغف التطورات الاقتصادية، خاصة مع تأثير بيانات الإنفاق الشخصي والناتج المحلي الإجمالي على توقعات البنك المركزي الأمريكي.
فبينما تشير البيانات الحالية إلى تماسك بعض مؤشرات النمو، يبقى تأثير السياسات التجارية والتوترات الدولية عاملا مهما في تشكيل توقعات السياسات النقدية المستقبلية. وقد تم تسعير احتمالية خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس بعد اجتماع لجنة السوق المفتوحة في مايو بنسبة منخفضة تبلغ حوالي 16%.
اقرأ أيضا…