استقرار أسعار النفط وسط عدم اليقين بشأن التعريفات وزيادة العرض

شهدت أسعار النفط استقرارا نسبيا يوم الاثنين على الرغم من الضغوط المتزايدة الناتجة عن عدم اليقين في السياسات الجمركية الأمريكية وزيادة الإنتاج من قبل منتجي أوبك+، فيما قدمت احتمالات فرض عقوبات جديدة على صادرات النفط الإيراني دعما جزئيا للأسعار.
تأتي هذه التطورات في ظل حالة من الترقب الشديد بين المستثمرين الذين يراقبون تأثير التعريفات التجارية والتوترات الجيوسياسية على الطلب العالمي على النفط.
تأثير عدم اليقين التجاري والتعريفات
يعد عدم اليقين الناتج عن السياسات الجمركية أحد أهم العوامل التي تؤثر سلبا على أسعار النفط في الوقت الراهن فقد أدت التوترات التجارية إلى تطبيق تعريفات جديدة على الواردات الأمريكية من كندا والمكسيك والصين، ما أثار مخاوف المستثمرين بشأن تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط.
ومن جهة أخرى، فقد استجاب كل من كندا والصين بإجراءات انتقامية على شكل تعريفات إضافية، مما زاد من حالة عدم اليقين في السوق. وأوضح محلل شركة PVM، تاماس فارغا، أن هذه المخاوف ستجعل أي انتعاش في أسعار النفط قصير الأمد، إذ أن استمرار الشكوك والتقلبات سيسهم في تثبيط الطلب.
تأثير زيادة الإنتاج من أوبك+
على صعيد العرض، أعلنت مجموعة أوبك+، التي تضم منظمة أوبك وحلفاءها مثل روسيا، عن قرار زيادة الإنتاج بمقدار 138,000 برميل يوميا اعتبارا من أبريل.
وتأتي هذه الزيادة كخطوة أولى ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى التراجع التدريجي عن التخفيضات التي تم تنفيذها منذ عام 2022.
وقد ساهم هذا القرار في دفع الأسعار نحو الانخفاض، إذ انخفض خام غرب تكساس (WTI) إلى مستويات أدنى، فيما ظل خام برنت تحت مستوى 70 دولار للبرميل.
يذكر أن الأسبوع الماضي كان يمثل السابع على التوالي من الخسائر لخام غرب تكساس، في حين هبط خام برنت لأسابيع متتالية، مما يؤكد أن ضغوط العرض تلعب دورا حاسما في مسار الأسعار.
سياسات ترامب وردود الفعل الدولية
لم تقتصر تأثيرات الضغوط على الجانب الأمريكي فحسب، بل امتدت أيضا لتأثيرها على الأسواق العالمية، فقد أدت سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الحمائية – التي شملت فرض تعريفات بنسبة 25% على السلع القادمة من كندا والمكسيك ورفع الرسوم على السلع الصينية – إلى خلق حالة من الاضطراب في الأسواق المالية.
وفي الوقت نفسه، أشارت تقارير إلى أن إدارة ترامب تدرس أيضا إجراءات لفحص ناقلات النفط الإيرانية بهدف تقليل صادراتها إلى أدنى مستوى ممكن، مما يمثل خطوة إضافية للحد من النفوذ الإيراني في السوق العالمي.
دعم محتمل من العقوبات المحتملة على إيران وروسيا
في ظل هذه الظروف، ينظر المستثمرون إلى احتمالات فرض عقوبات جديدة على النفط الإيراني والغاز الروسي كعامل دعم مؤقت للأسعار.
فقد أُشير إلى أن احتمال فرض عقوبات إضافية قد يحد من العرض العالمي، مما يوفر دعما للأسعار رغم الضغوط الناجمة عن زيادة الإنتاج والتعريفات.
وفي هذا السياق، يذكر أن سعر النفط قد تعافى بعض الشيء من أدنى مستوياته بعد تصريحات ترامب التي أفادت بأن الولايات المتحدة ستزيد من العقوبات على روسيا إذا لم تتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا.
توقعات وتقلبات السوق
يظل السوق في حالة ترقب للتطورات القادمة، إذ يعتمد المستثمرون على تقارير مهمة من الوكالات الدولية مثل وكالة الطاقة الدولية ومنظمة أوبك لتقديم توقعات دقيقة حول الطلب والعرض العالميين.
وفي ظل استمرار عدم اليقين الناجم عن التعريفات التجارية وتذبذب السياسات الأمريكية، يتوقع بعض المحللين أن يستمر استقرار الأسعار في المدى القصير مع بقاء أي انتعاش ملحوظ مؤقتا فقط.
كما أكد محللون أن تقلبات الأسعار ستظل مرتفعة حتى تتضح الصورة الكاملة لتأثير السياسات الجمركية والإجراءات الانتقامية من الدول المتأثرة على سلاسل الإمداد العالمية.
ختاما يتضح أن سوق النفط يواجه تحديات معقدة في ظل التداخل بين عدم اليقين التجاري وزيادة الإنتاج من قبل أوبك+، إلى جانب احتمالات فرض عقوبات إضافية على النفط الإيراني والغاز الروسي.
وبينما يظل المستثمرون في حالة ترقب لتطورات مستقبلية من خلال تقارير توقعات العرض والطلب العالمية، يستمر الدولار في تأثيره على الأسعار، مما يجعل من التذبذب سمة أساسية في السوق.
في ظل هذه البيئة المتقلبة، يبقى المستقبل الاقتصادي للنفط مرهونا بمدى قدرة الأسواق على تحقيق توازن بين الضغوط العرضية والتحديات التجارية والجيوسياسية.
اقرأ أيضا…