انخفاض أسعار النفط الأسبوعي في ظل عدم اليقين حول التعريفات وزيادة العرض
تشهد أسعار النفط حالة من التقلب الشديد، حيث ارتفعت الأسعار قليلا يوم الجمعة بعد انخفاضات حادة سابقة، إلا أن المؤشرات تشير إلى احتمال تحقيق انخفاض أسبوعي يقارب 4%.
ويأتي هذا التراجع وسط توترات ناجمة عن السياسات التجارية الأمريكية، وبخلاف ذلك، تستعد الدول المنتجة لزيادة الإنتاج، مما يزيد من المخاوف بشأن نمو الطلب على النفط.
ارتفاع أسعار النفط المحدود وسط ضغوط التعريفات
شهدت عقود خام برنت المستقبلية ارتفاعا طفيفا قدره 93 سنتا، أي بنسبة 1.34%، لتتداول عند 70.39 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير.
كما ارتفعت عقود خام غرب تكساس (WTI) بمقدار 88 سنتا، أي بنسبة 1.33%، لتتداول عند 67.24 دولار للبرميل، ورغم هذه الارتفاعات الطفيفة، يتوقع المحللون انخفاض أسعار النفط خلال الأسبوع نتيجة لتزايد حالة عدم اليقين حول السياسات التجارية، وخاصة تأثير التعريفات الجمركية على الطلب.
تأثير التعريفات التجارية وردود الفعل الدولية
يعد تطبيق التعريفات الجديدة على الواردات من كندا والمكسيك والصين أحد أهم العوامل المؤثرة في تراجع الأسعار، إذ أدت هذه الإجراءات إلى رفع المخاوف حول تراجع الطلب العالمي على النفط.
فقد أصدرت الولايات المتحدة تعريفات بنسبة 25% على السلع الواردة من كندا والمكسيك، في حين تم رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى 20%.
وقد تبادلت الدول المتأثرة ردود فعل انتقامية؛ حيث أعلنت كندا والصين عن فرض تعريفات إضافية، فيما وعدت المكسيك بالإعلان عن تدابير جديدة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وأضاف محلل شركة Onyx Capital Group، هاري تشيلينجيريان، أن قرار أوبك+ بإلغاء التخفيضات الطوعية أسفر عن انخفاض أسعار النفط إلى ما دون 69 دولار للبرميل، مما دفع السوق إلى تصحيح مؤقت في الأسعار.
زيادة الإنتاج من أوبك+ وتأثيره على العرض
أعلنت مجموعة أوبك+، التي تضم منظمة أوبك وحلفاءها مثل روسيا، يوم الاثنين عن قرار زيادة الإنتاج بمقدار 138,000 برميل يوميا اعتبارا من أبريل، وهي الزيادة الأولى منذ عام 2022.
وتعد هذه الخطوة جزءا من استراتيجية تدريجية تهدف إلى التراجع عن التخفيضات التي بلغت نحو 6 ملايين برميل يوميا، ما يمثل حوالي 6% من الطلب العالمي على النفط.
وقد أثار هذا الإعلان مخاوف المستثمرين من أن تكون هذه الزيادة بداية لسلسلة من الزيادات الشهرية في العرض، ما سيضغط بشكل أكبر على الأسعار.
ومع ذلك، يعتقد بعض المحللين أنه قد يتم تعليق الزيادات بعد ضخ الكمية الأولية من النفط في السوق، وذلك بناء على تقلبات الأسعار وردود فعل السوق.
تأثير السياسات الأمريكية على الإنتاج والطلب
وفي سياق متصل، أفادت تقارير أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تنظر في خطة لفحص ناقلات النفط الإيرانية في البحر، وذلك ضمن جهودها لخفض صادرات النفط الإيراني إلى ما يقرب من الصفر.
وتعد هذه الإجراءات جزءا من محاولات الولايات المتحدة للحد من النفوذ الإيراني في سوق النفط العالمي، مما يزيد من حالة عدم اليقين ويضغط على الأسعار.
وعلاوة على ذلك، تشير التقارير إلى أن السياسات الأمريكية المتقلبة أدت إلى تقلبات شديدة في الأسواق العالمية، حيث أدت إلى تراجع الطلب على النفط وزيادة المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي.
ردود فعل السوق وتحليل الخبراء
أشار محلل شركة Panmure Liberum، أليش Kelty، إلى أن “التقلبات لا تزال مرتفعة، إذ تثير المخاوف بشأن الإجراءات الانتقامية الناتجة عن تحركات التعريفات الأمريكية المزيد من التراجع في الاقتصاد العالمي.”
كما أضاف محلل شركة PVM، تاماس فارجا، أن أي قرارات إضافية بشأن زيادة الإنتاج ستكون معتمدة على مستوى أسعار النفط، مع استمرار تأثير التعريفات في تشكيل التوقعات السوقية، وفي هذا السياق، فإن تحركات الأسعار الأخيرة قد أدت إلى جذب العديد من المشترين الحساسين للأسعار، مثل المصافي الصينية، لاقتناء خام برنت بأسعار جذابة.
ختاما يتجلى في المشهد الحالي لسوق النفط تداخل عدة عوامل متداخلة تؤثر على الأسعار؛ فمن جهة، تضع السياسات التجارية الأمريكية، بما في ذلك تطبيق التعريفات وردود الفعل الانتقامية، ضغطا تنازليا على الأسعار، بينما يسعى منتجو النفط الرئيسيون من خلال قرارات أوبك+ لزيادة الإنتاج إلى زيادة العرض.
ومع ذلك، يبقى تأثير هذه العوامل معتمدًا على مدى قدرة السوق على امتصاص الزيادات والتقلبات الناتجة عن السياسات التجارية. يتوقع المحللون أن يشهد خام برنت انخفاضا أسبوعيا قد يصل إلى 3.8%، بينما قد يشهد خام غرب تكساس انخفاضا بنحو 3.7%، مما يشير إلى أكبر انخفاض أسبوعي منذ عدة أشهر.
وفي ظل هذه البيئة المتقلبة، يبقى المستثمرون في حالة ترقب لتطورات جديدة قد تغير من توازن العرض والطلب في سوق النفط العالمي، مع استمرار مراقبة السياسات الأمريكية وردود الفعل الدولية التي ستلعب دورا رئيسيا في تحديد مسار الأسعار في الأشهر المقبلة.
اقرأ أيضا…
- استقرار أسعار النفط وسط ضغوط التعريفات وزيادة الإنتاج
- انخفاض أسعار النفط للمرة الثالثة وسط زيادة الإنتاج من أوبك+
- استقرار أسعار النفط وسط مخاوف التعريفات وعدم اليقين حول أوكرانيا
