أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

استقرار أسعار النفط وسط ضغوط التعريفات وزيادة الإنتاج

شهدت أسعار النفط استقرارا نسبيا يوم الخميس بعد تعرضها لانخفاضات حادة وصلت إلى أدنى مستوياتها خلال عدة سنوات. ورغم أن الأسعار تعافت قليلا من هذا الانخفاض، إلا أن خام برنت لا يزال يتداول دون مستوى 70 دولار للبرميل، في ظل ضغوط متزايدة ناجمة عن تطبيق تعريفات تجارية جديدة بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والصين، بالإضافة إلى خطط مجموعة أوبك+ لزيادة الإنتاج.

انتعاش الأسعار من أدنى مستوياتها

سجل خام برنت انخفاضا حادا وصل إلى 68.33 دولار للبرميل يوم الأربعاء، وهو أدنى مستوى منذ ديسمبر 2021، بسبب تأثير التعريفات والزيادة المفاجئة في مخزونات النفط الأمريكية.

وفي يوم الخميس، تعافت الأسعار قليلا؛ حيث ارتفعت عقود برنت المستقبلية بمقدار 28 سنتا، أي بنسبة 0.4%، لتتداول عند 69.58 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير. وفي نفس الوقت، سجل خام غرب تكساس  (WTI) ارتفاعا بمقدار 32 سنتا، أي بنسبة 0.5%، ليتداول عند 66.63 دولار للبرميل.

تأثير التعريفات التجارية على الأسعار

بدأت الأسعار في الانخفاض عقب تطبيق الولايات المتحدة تعريفات جديدة على الواردات من كندا والمكسيك والصين، فقد فرضت الولايات المتحدة تعريفات بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، بينما تم رفع التعريفات على السلع الصينية من 10% إلى 20%.

وقد أثار هذا الإجراء ردود فعل سريعة من الدول المتأثرة؛ حيث اتخذت كل من كندا والصين إجراءات انتقامية، مما أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق العالمية.

وأضاف محلل في شركة PVM، جون إيفانز، أن “نية الرئيس الأمريكي تبدو واضحة في خفض أسعار النفط، لكن يبقى السؤال ما إذا كان النفط يتم بيعه بأقل من قيمته الحقيقية.”

خطة أوبك+ لزيادة الإنتاج

من ناحية أخرى، أعلنت مجموعة أوبك+ – التي تضم منظمة أوبك وحلفاءها مثل روسيا – يوم الاثنين عن نيتها زيادة الإنتاج بمقدار 138,000 برميل يوميا اعتبارا من أبريل، وهي الزيادة الأولى منذ عام 2022.

وتعتبر هذه الخطوة جزءا من خطة طويلة لإعادة رفع حصص الإنتاج التي خفضت ما يقارب 6 ملايين برميل يوميا، وهو ما يمثل نحو 6% من الطلب العالمي على النفط. وأوضح محللو بعض البنوك الاستثمارية، مثل UBS وMorgan Stanley، أن هذه الزيادة قد تشكل بداية لسلسلة من الزيادات الشهرية، وإن كان البيان الرسمي يشير إلى أن الزيادة ستتم فقط إذا كان السوق قادرا على استيعابها.

تأثير المخزونات الأمريكية

أضافت بيانات Energy Information Administration (EIA) أن مخزونات النفط الأمريكية – التي تعتبر الأكبر عالميا– ارتفعت بشكل يفوق التوقعات خلال الأسبوع الماضي، مدعومة بعمليات صيانة موسمية في المصافي.

وفي الوقت نفسه، شهدت مخزونات البنزين والمنتجات المقطرة انخفاضا نتيجة ارتفاع الصادرات، وقد ساهمت هذه الزيادة في المخزونات في زيادة الضغوط على الأسعار، خاصة في ظل توقعات المستثمرين بتراجع الطلب نتيجة للتوترات التجارية والاقتصادية.

تأثير السياسات التجارية الأمريكية والصينية

تواجه الأسواق تحديات أخرى متعلقة بالسياسات التجارية؛ فقد أعلن الرئيس ترامب عن نية إعفاء بعض شركات تصنيع السيارات من التعريفات بنسبة 25%، مما أثار آمالا بتخفيف الضغوط على القطاع الصناعي.

ومن جهة أخرى، تركز المناقشات على إمكانية إلغاء التعريفات على بعض واردات الطاقة من كندا، مثل النفط الخام والبنزين، في حال التزامها بالاتفاقيات التجارية القائمة.

وفي نفس السياق، أشارت تصريحات محلل ANZ، دانيال هاينز، إلى أن “إجراءات ترامب التجارية تهدد بتقليل الطلب العالمي على الطاقة وتعطيل تدفقات التجارة في سوق النفط العالمي.”

آفاق مستقبلية وتحديات أمام النفط

تشير المؤشرات الحالية إلى أن سوق النفط لا يزال يعاني من حالة من عدم اليقين بسبب تداخل عدة عوامل، منها زيادة الإنتاج من قبل أوبك+، والتعريفات التجارية الأمريكية وردود الفعل الانتقامية،

وارتفاع المخزونات الأمريكية. كما أن الطلب على النفط في الولايات المتحدة يشهد تراجعا، حيث انخفضت واردات النفط البحري الأمريكية إلى أدنى مستوياتها خلال أربع سنوات في فبراير، نتيجة لانخفاض شحنات النفط الكندي إلى الساحل الشرقي، وتأثر الطلب بعمليات صيانة المصافي.

بالإضافة إلى ذلك، أشارت تصريحات المسؤولين الصينيين إلى إمكانية إطلاق المزيد من التحفيزات الاقتصادية إذا تباطأ النمو، في محاولة لدعم الاستهلاك وتخفيف تأثير الحرب التجارية المتصاعدة مع الولايات المتحدة.

ختاما يظل سوق النفط في وضع متأرجح، حيث استعاد الأسعار بعض الاستقرار بعد أن انخفضت إلى مستويات قياسية منذ عدة سنوات، لكنه لا يزال يتداول تحت مستوى 70 دولار للبرميل في ظل ضغوط متعددة.

فمن جهة، تؤدي زيادة الإنتاج من قبل أوبك+ وتعريفات الولايات المتحدة وردود الفعل الدولية إلى خلق ضغوط تنازلية على الأسعار.

ومن جهة أخرى، تساهم زيادة المخزونات الأمريكية والتحفيزات الاقتصادية المحتملة من قبل الصين في دعم السوق.

ويبقى مستقبل سوق النفط معتمدا على قدرة الأسواق على التوازن بين هذه العوامل المتعددة، مما يجعل التنبؤ بمسار الأسعار في الأشهر القادمة أمرا معقدا في ظل بيئة اقتصادية وسياسية متقلبة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى