أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

انخفاض أسعار النفط للمرة الثالثة وسط زيادة الإنتاج من أوبك+

شهدت أسعار النفط انخفاضا للمرة الثالثة على التوالي يوم الأربعاء، حيث تراجعت الأسعار نتيجة لتصاعد المخاوف بشأن خطة منظمة أوبك+ لزيادة الإنتاج في أبريل، إلى جانب تصعيد التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الواردات من كندا والصين والمكسيك.

وتأتي هذه التطورات وسط توقعات بأن تؤدي هذه السياسات التجارية المتشددة وردود الفعل الانتقامية من الدول المتأثرة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي وتقليل الطلب على الوقود.

تأثير زيادة الإنتاج من أوبك+

أعلنت مجموعة أوبك+، التي تضم أعضاء من منظمة أوبك وحلفائها مثل روسيا، يوم الاثنين عن نيتها زيادة الإنتاج بمقدار 138,000 برميل يوميا اعتبارا من أبريل.

وتعتبر هذه الخطوة الأولى منذ عام 2022، حيث تهدف المجموعة من خلالها إلى التراجع التدريجي عن التخفيضات التي بلغت ما يقارب 6 ملايين برميل يوميا، وهو ما يمثل ما يقرب من 6% من الطلب العالمي على النفط.

وقد أثارت هذه الزيادة مخاوف المستثمرين من إمكانية بدء سلسلة من الزيادات الشهرية في العرض، رغم تأكيد أوبك+ أن هذه الزيادات ستتم فقط إذا كان السوق قادرا على استيعابها، كما أشار المحلل في UBS، جيوفاني ستاونوفو. وأفاد محللو Morgan Stanley بأن احتمال حدوث زيادات شهرية قليلة دون التراجع الكامل عن التخفيضات يظل قائما.

تأثير التعريفات الأمريكية وردود الفعل الدولية

في نفس الوقت، دخلت التعريفات الجمركية التي أعلن عنها ترامب حيز التنفيذ، حيث تم فرض رسوم بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، إلى جانب رفع التعريفات على السلع الصينية من 10% إلى 20%.

ولم يمر هذا الإجراء دون رد فعل، إذ قامت كل من كندا والصين بالرد بسرعة؛ حيث فرضت الصين تعريفات إضافية تتراوح بين 10% و15% على بعض المنتجات الأمريكية، فيما أعلن الرئيس المكسيكي كلوديا شينباوم عن استعداد بلاده لاتخاذ إجراءات مماثلة دون الكشف عن تفاصيلها. ويؤدي هذا التصعيد التجاري إلى زيادة المخاوف بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، ما قد يؤثر على الطلب على النفط بشكل سلبي.

تأثير قرار إدارة ترامب بشأن رخصة تشيفرون

وأضافت التطورات أيضا بعدا آخر للأسعار، حيث أعلنت إدارة ترامب يوم الثلاثاء عن إنهاء الرخصة التي منحت لشركة تشيفرون لتشغيل عملياتها في فنزويلا وتصدير النفط منذ عام 2022. يقدر أن هذا القرار قد يعرض ما يقرب من 200,000 برميل يوميا من الإنتاج للخطر، وفقا لاستراتيجية قسم السلع في بنك ING.

ويعتبر هذا الإجراء جزءًا من سلسلة من السياسات التي تهدف إلى إعادة تشكيل مشهد إنتاج النفط وتصديره في ظل التوترات التجارية والسياسية العالمية.

ووفقا لبيانات معهد البترول الأمريكي (API)، انخفضت مخزونات النفط الأمريكية بمقدار 1.46 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 28 فبراير، مما يضيف بعدا آخر للضغوط على الأسعار. ينتظر المستثمرون الآن صدور بيانات حكومية إضافية حول المخزونات في يوم الأربعاء، والتي قد تكشف عن المزيد من المعلومات حول توازن العرض والطلب في السوق الأمريكية.

تراجع إيرادات النفط والغاز الروسي

على الصعيد الآخر، كشفت بيانات وزارة المالية الروسية أن إيرادات النفط والغاز من الميزانية انخفضت بنسبة 18.4% في فبراير مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، حيث بلغت الإيرادات 8.6 مليار دولار مقابل 10.6 مليار دولار في فبراير من العام السابق.

ويعزى هذا الانخفاض إلى انخفاض أسعار النفط، مما يؤثر بشكل مباشر على التدفقات النقدية التي تعتمد عليها الحكومة الروسية، ومن المتوقع أن تبقى الإيرادات النفطية متقلبة بسبب العقوبات الأمريكية التي فرضت على تجارة النفط الروسي في يناير، والتي قد تؤخر بعض الشحنات والمدفوعات حتى يتم إعادة ترتيب سلاسل التوريد.

الصعوبات اللوجستية وتأثير العقوبات الأمريكية على النفط الروسي

تواجه روسيا تحديات كبيرة في تصدير نفطها، إذ تعاني الناقلات من صعوبات في توصيل الشحنات إلى الموانئ بسبب العقوبات الأمريكية المتزايدة.

وأفادت بيانات Bloomberg أن العديد من الناقلات التي تحمل النفط الروسي تواجه صعوبات في التسليم بسبب تفضيل المشترين تجنب سلاسل التوريد التي تخضع للعقوبات.

فقد تم فرض عقوبات على عشرات السفن التي كانت تستخدم لنقل مزيج النفط الروسي ESPO من ميناء كوزيمينو في أقصى شرق روسيا إلى مصافي الصين المستقلة، ومن بين 19 سفينة تم تحميلها من جزيرة سخالين منذ تطبيق العقوبات، تمكنت فقط خمس سفن من إيصال شحناتها إلى الموانئ النهائية.

ختاما يجمع المشهد الحالي لسوق النفط بين عدة عوامل متداخلة تؤثر على الأسعار؛ فمن جهة، تؤدي زيادة الإنتاج من قبل أوبك+ وتطبيق التعريفات الأمريكية وردود الفعل الانتقامية من الدول المتأثرة إلى خلق ضغط تنازلي على الأسعار، بينما يُضيف قرار إنهاء رخصة تشيفرون تحديا إضافيا.

ومن جهة أخرى، تواجه روسيا انخفاضًا في إيراداتها النفطية بسبب انخفاض الأسعار والعقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى صعوبات لوجستية في توصيل الشحنات.

وتبقى هذه التطورات مؤشرات على تداخل العوامل السياسية والتجارية مع سياسات الإنتاج والعقوبات، مما يجعل التنبؤ بمسار أسعار النفط في الأشهر القادمة أمرا معقدا في ظل بيئة اقتصادية وسياسية متقلبة.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى