خوف يجتاح سوق الكريبتو وأربع أسباب وراء هبوط البيتكوين

شهد سعر البيتكوين تراجعًا ملحوظا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، حيث انخفض إلى أقل من 90,000 دولار، وهو مستوى لم ير منذ منتصف نوفمبر 2024. وفقا لبيانات من CryptoSlate، هبطت العملة الرقمية الرائدة بأكثر من 6% لتصل إلى أدنى مستوى لها هذا العام عند 88,273 دولار، وهو أدنى مستوى خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
لم يقتصر الهبوط على البيتكوين فقط، بل امتد إلى الأصول الرقمية الرئيسية الأخرى مثل الإيثيريوم، وBNB، وسولانا، وكاردانو، وXRP، حيث شهدت هذه العملات انخفاضات تراوحت بين 5% و13%. وقد أدت هذه الانخفاضات إلى تراجع السوق الرقمية بشكل عام، حيث انخفض إجمالي القيمة السوقية من أكثر من 3.31 تريليون دولار إلى حوالي 2.9 تريليون دولار خلال اليوم الواحد، أي بانخفاض يقارب 8%.
أدت هذه التقلبات الشديدة إلى حدوث تصفيات كبيرة في السوق، حيث بلغ إجمالي قيمة التصفيات حوالي 1.3 مليار دولار خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية. وقد تأثرت أكثر من 362,000 صفقة، خاصةً تلك المتعلقة بالمراكز الطويلة التي تراهن على ارتفاع الأسعار، حيث تكبد المستثمرون في هذه المراكز خسائر تجاوزت 1.2 مليار دولار. وفي المقابل، تكبد المتداولون الذين كانوا في مراكز قصيرة، متوقعين مزيدًا من الانخفاض، خسائر أقل بلغت حوالي 97 مليون دولار.
اختراق منصة Bybit والتهديدات الجمركية
كان من بين أبرز المحفزات التي أدت إلى هبوط سعر البيتكوين اختراق منصة التداول Bybit، والذي بلغ حجم الخسائر حوالي 1.49 مليار دولار. فور ظهور أنباء الاختراق، انهارت قيمة البيتكوين بأكثر من ألفي دولار، حيث انخفضت من ما يقارب 100,000 دولار إلى 97,370 دولار، واستمر الهبوط لساعات عدة حتى وصل السعر إلى حوالي 94,909 دولار.
ورغم التعافي الطفيف الذي شهده البيتكوين خلال عطلة نهاية الأسبوع حيث استقر السعر عند حوالي 96,000 دولار، إلا أن الأحداث التقنية لم تفقد تأثيرها؛ فقد استأنف الهبوط في وقت لاحق من يوم الإثنين، مدفوعا بتصريحات الرئيس ترامب بشأن إعادة فرض تعريفات جمركية على واردات من كندا والمكسيك.
يذكر أن هذه الإجراءات الجمركية قد تم تعليقها سابقًا بعد تعهدات من قادة تلك الدول، ولكن عودة التهديدات أدت إلى انخفاض سعر البيتكوين بشكل كبير، حيث انخفض السعر بنسبة تجاوزت 7.5% في بداية فبراير، وانخفض لاحقا دون مستوى 87,000 دولار.
مخاوف التضخم والنمو الاقتصادي الأمريكي وتأثيرها على البيتكوين
لم تكن هناك عوامل تقنية فقط وراء الهبوط، بل ساهمت المخاوف الاقتصادية أيضا في دفع سعر البيتكوين للانخفاض.
فقد أثارت مؤشرات اقتصادية مثل مؤشر مديري مشتريات الخدمات (PMI) في الولايات المتحدة القلق بين المستثمرين، حيث سجل المؤشر أدنى مستوى له خلال 22 شهرًا، مما يدل على تباطؤ النمو الاقتصادي.
بالإضافة إلى ذلك، تماشى ذلك مع توقعات بنمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.6%، مما زاد من المخاوف حول مستقبل الاقتصاد الأمريكي في ظل ارتفاع التضخم. ومن وجهة نظر بعض المحللين، فإن هذه المخاوف الاقتصادية أدت إلى تحويل بعض السيولة بعيدا عن الأصول ذات المخاطر العالية مثل البيتكوين، مما أسهم في هبوط سعرها.
تدفقات الصناديق الاستثمارية المتداولة (ETF)
تشكل تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالبيتكوين عاملا مهما آخر في تحركات السعر.
فقد سجلت هذه الصناديق موجة من التدفقات الخارجة لمدة ستة أيام متتالية، حيث شهدت 10 أيام من أصل 12 يوما تسجيل صافي تدفقات سلبية.
وكان يوم 24 فبراير يوما مؤلما بشكل خاص، إذ خرج منه أكثر من 516 مليون دولار من هذه الصناديق.
هذا التحول في تدفقات صناديق الاستثمار المتداولة يشير إلى تحول المستثمرين نحو تقليل التعرض للعملة الرقمية في ظل المخاوف المتزايدة بشأن الأوضاع الاقتصادية والتجارية، مما أدى إلى المزيد من الضغط على سعر البيتكوين ودفعه للانخفاض تحت مستوى 90,000 دولار.
تراجع الثقة وتفكك نطاق التماسك
على الجانب الفني، يظهر سعر البيتكوين فترة من التماسك ضمن نطاق محدد على مدار الثلاثة أشهر الماضية. وقد أدى هذا التماسك الطويل إلى فقدان المتداولين للمراكز الاستثمارية الذين كانوا يحتفظون بمراكز مملة على الجانب المعاكس، مما يزيد من فرص حدوث حركة سيولة كبيرة.
يقول المحلل بيرسيفال من منصة كريبتو كوانت إن هذا النمط السابق قد يؤدي إلى حدوث حركة قوية تنهي مرحلة التماسك، مما قد يؤدي إلى تقلبات سعرية كبيرة.
وفي ظل هذا التوتر الفني، فقد انكسر النطاق الذي كان يحتجز السعر، مما أثار المخاوف من مزيد من الانخفاضات المحتملة إذا لم يتم استعادة الثقة في السوق.
مؤشر الخوف والجشع للبيتكوين يصل إلى مستويات قصوى
شهد مؤشر الخوف والجشع للبيتكوين انخفاضا حادا إلى 25، وهو ما يشير إلى حالة خوف شديد في السوق، وذلك مع تراجع سعر البيتكوين إلى ما دون 90,000 دولار لأول مرة منذ أغسطس 2024.
وتعكس هذه القراءة تحول معنوي كبير بين المستثمرين؛ ففي الفترة التي كان فيها سعر البيتكوين عند 88,000 دولار قبل خمسة أشهر، سجل المؤشر مستوى 73، مما يدل على حالة من الجشع، حيث كان المستثمرون متحمسين لشراء العملة الرقمية حتى وصلت إلى تلك المستويات.
التحول من الجشع إلى الخوف
يعد هذا التغير الدرامي في معنويات السوق مؤشرًا على تقلبات نفسية كبيرة بين متداولي البيتكوين. ففي الوقت الذي كان يشعر فيه المستثمرون بالجشع عند شراء البيتكوين بسعر 88,000 دولار، بات الآن يظهرون خوفًا شديدًا من عودة الأسعار إلى تلك المستويات.
هذا التحول في المزاج الاستثماري قد يكون دليلا على تقلبات قادمة؛ إذ أن مثل هذه الفترات من الخوف الشديد غالبا ما تكون مؤقتة وتسبق انتعاشا حادا في الأسعار.
الدروس التاريخية من تحركات البيتكوين
تشير البيانات التاريخية إلى أن البيتكوين لا يبقى في منطقة الخوف الشديد لفترة طويلة.
فعلى مدى الثمانية عشر شهرا الماضية، شهد البيتكوين ارتفاعات هائلة أدت إلى كسر أرقام قياسية بعد فترات قصيرة من الخوف.
فعندما كانت الأسعار في المنطقة التي تبلغ حوالي 88,000 دولار، كان مؤشر الخوف والجشع قد ارتفع إلى 73، وهو ما كان بمثابة إشارة على الجشع القوي.
وفي كل مرة دخل فيها البيتكوين منطقة الخوف الشديد، كانت الحركة التالية تشهد انتعاشا سريعا، وغالبا ما يستمر الانتعاش في تحقيق أرقام قياسية جديدة.
على سبيل المثال، خلال دورة السوق الصعودي التي حدثت بعد الإطلاق الأول لصناديق الاستثمار المتداولة (ETF) المدعومة بالبيتكوين من قبل شركة بلاك روك، انتشرت مشاعر التفاؤل بشكل كبير.
هذا التفاؤل ساعد البيتكوين على كسر حاجز 100,000 دولار، مما أعطى دفعة قوية للسوق. وعلى الجانب الآخر، شهد السوق خلال فترة الهبوط في عام 2022، التي استغرقت أكثر من عام للتعافي، تباينا واضحا في الزمن اللازم للانتعاش.
العوامل المؤثرة في مؤشر الخوف والجشع
يرتبط مؤشر الخوف والجشع للبيتكوين بعوامل عدة، منها الأحداث الاقتصادية الكبرى والبيانات الفنية التي تؤثر في معنويات المستثمرين.
فقد تكون أحداث مثل إصدار تقارير اقتصادية مهمة أو تصريحات سياسية بارزة لها تأثير كبير على هذا المؤشر.
في الآونة الأخيرة، كانت المخاوف التجارية والتوترات المتعلقة بسياسات الرئيس ترامب بشأن الرسوم الجمركية من العوامل الرئيسية التي أدت إلى هبوط المؤشر إلى 25. مثل هذه السياسات تسبب حالة من عدم اليقين في السوق، مما يدفع المستثمرين إلى تقليل مراكزهم وتقليل المخاطر، وهو ما ينعكس على المؤشر بانخفاضه.
توقعات المستقبل وتأثير الفعالية السوقية
يتوقع بعض المحللين أن الفترة الحالية من الخوف الشديد قد تظهر مؤشرات على انعكاس الاتجاه في الأسابيع القادمة.
فمن خلال مراقبة تحركات مؤشر الخوف والجشع والبيانات الفنية الأخرى، يرى البعض أن السوق قد يخرج من هذه الحالة بسرعة، حيث أن الفترات السابقة من الخوف الشديد كانت عادةً قصيرة الأمد واستمرت أقل من شهرين قبل أن يتحول المزاج إلى حالة من الجشع، مما يدفع الأسعار إلى تحقيق مستويات قياسية جديدة.
ومع ذلك، تبقى المخاوف من استمرار التوترات التجارية والجيوسياسية، إلى جانب ضغوط التضخم، عوامل تؤثر بشكل كبير على معنويات المستثمرين.
وقد يؤدي استمرار هذه العوامل إلى تمديد فترة الخوف الشديد، كما حدث خلال السوق الهابطة في عام 2022، حيث استغرقت فترة التعافي أكثر من عام.
اقرا أيضا…