أخبار الأسواقأخبار النفطسلع

استقرار أسعار النفط وسط تقلبات العرض ومخاوف السياسات التجارية

تشهد أسواق النفط حالة من الاستقرار النسبي بعد تحقيق مكاسب طفيفة جاءت نتيجة لتراجع بعض الضغوط المتعلقة بعقوبات الولايات المتحدة على إيران وتحسن هوامش التكرير العالمية.

وعلى الرغم من أن أسعار النفط شهدت ارتفاعا بسيطا في الجلسة السابقة، إلا أن العديد من العوامل لا تزال تثير حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل العرض والطلب العالمي، خاصة في ظل استمرار المخاوف من تأثير السياسات التجارية الجديدة على الأسواق.

تأثير العقوبات الأمريكية على إيران

أدى الإعلان عن مجموعة جديدة من العقوبات الأمريكية على إيران يوم الاثنين إلى زيادة المخاوف بشأن إمكانية تضييق الإمدادات النفطية.

فقد نفذت الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس ترامب، عقوبات استهدفت وسطاء النفط في الإمارات وهونغ كونغ، بالإضافة إلى مشغلي ناقلات النفط وشركات الشحن في الهند، وأيضا الرئيس التنفيذي للشركة الوطنية للنفط الإيرانية.

تهدف هذه العقوبات إلى الضغط على إيران لوقف صادراتها من النفط، إذ تعتبر إيران ثالث أكبر منتج للدول الأعضاء في منظمة أوبك، حيث أظهرت بيانات استقصائية لرويترز أن إنتاجها بلغ 3.2 مليون برميل يوميا في يناير.

تأثير مخاوف الإمدادات والبنية التحتية

على صعيد آخر، يواجه سوق النفط تحديات تتعلق بانقطاع الإمدادات بسبب المخاطر التي تحيط بالبنية التحتية. فقد أُبلغ أن تدفقات النفط عبر اتحاد خطوط أنابيب البحر القزويني، وهو مسار رئيسي لصادرات النفط من كازاخستان، شهدت انخفاضا بنسبة تتراوح بين 30 إلى 40% بعد هجوم بطائرة بدون طيار نفذته أوكرانيا على محطة ضخ في منطقة كراسنودار الجنوبية.

وتقدر الحسابات أن هذا الانخفاض قد يفقد السوق حوالي 380,000 برميل يوميا من العرض العالمي. رغم ذلك، ذكرت تقارير وكالة “إنترفاكس” أن تدفقات النفط من حقل تنجيز في كازاخستان عبر نفس الاتحاد لم تتأثر، مما يعكس تناقضا في الوضع ويزيد من حالة الترقب لدى المستثمرين.

هوامش التكرير العالمية ودعم الطلب

يستفيد سوق النفط من هوامش التكرير العالمية التي لا تزال قوية، خاصة في مناطق مثل ساحل الخليج الأمريكي وأوروبا الشمالية الغربية.

فقد سجلت هوامش التكرير في مصفاة نموذجية في سنغافورة ارتفاعا ملحوظا، حيث بلغت حوالي 3.50 دولار للبرميل في فبراير مقارنة بـ2.30 دولار في الشهر السابق، وفقا لبيانات LSEG.

ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة الطلب على وقود التدفئة وزيادة نشاط مصافي النفط، خاصة في ظل انخفاض أسعار النفط، مما يدعم الطلب العالمي ويخفف من تأثير المخاوف المتعلقة بالتقلبات في الإمدادات.

التحديات التجارية وتأثير الرسوم الجمركية

يتزامن ذلك مع توقعات بفرض تعريفات جديدة من قبل إدارة الرئيس ترامب على واردات من دول مثل كندا والمكسيك.

فقد أكد ترامب أن هذه الرسوم الجمركية ستبدأ في التنفيذ اعتبارًا من 4 مارس، وهو ما يثير مخاوف حول تأثيرها السلبي على النمو الاقتصادي العالمي.

ويرى بعض المحللين أن هذه الإجراءات ستثبط الطلب على النفط عالميا، إذ سترفع تكاليف المنتجات الاستهلاكية مما يؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي.

ومع ذلك، يظل تأثير هذه الرسوم الجمركية محدودًا في المدى القريب نظرا لأن السوق تراقب بحذر نتائج التوترات التجارية والتفاوضات القائمة.

التوقعات المستقبلية للسوق

على الرغم من التحديات الحالية، تشير المؤشرات إلى أن أسعار النفط قد تواصل تحقيق مكاسب أسبوعية صغيرة؛ فقد سجلت العقود الآجلة لخام برنت ارتفاعا بنسبة 0.8% بينما ارتفعت عقود خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.9% في الجلسة الأخيرة، مما دفع الأسعار لتحقيق مكاسب أسبوعية تقدر بنحو 1.4%، وهي أكبر مكاسب أسبوعية منذ أوائل يناير.

وتتأرجح الأسعار ضمن نطاق متوسط متوقع يتراوح بين 65 و85 دولارًا للبرميل على مدار العام، ما يعكس حالة من الانتظار والترقب لدى المستثمرين.

ختاما يبقى سوق النفط في حالة من التوازن الدقيق وسط عوامل متداخلة تؤثر على العرض والطلب.

فبينما ترفع العقوبات الجديدة على إيران ومخاوف انقطاع الإمدادات من بعض طرق التصدير، تساهم هوامش التكرير القوية ودعم الطلب العالمي في تحقيق استقرار نسبي في الأسعار.

وفي ظل هذه الظروف، تظل الأسواق في حالة ترقب لتطورات جديدة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، مثل نتائج التفاوضات حول انتهاء النزاع في أوكرانيا والتأثير المحتمل للتعريفات الجمركية الجديدة.

إن مراقبة هذه التطورات ستظل ضرورية لفهم مسار الأسعار في الأشهر القادمة وتحديد تأثيرها على السوق العالمية للنفط.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى