استقرار سعر الذهب عند أعلى مستوى قياسي بفضل ضعف الدولار

تأثير ضعف الدولار على سعر الذهب
يعتبر ضعف الدولار أحد العوامل الرئيسية التي ساهمت في دعم سعر الذهب، إذ أن انخفاض الدولار يجعل الذهب المسعر بالدولار أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يحملون عملات أجنبية.
وفي ظل تراجع مؤشر الدولار الأمريكي (DXY) إلى مستويات ثابتة خلال الفترة الأخيرة، استطاع الذهب أن يحافظ على مستوياته القياسية.
فقد سجل الذهب ارتفاعا بنسبة 0.2% ليصل إلى 2,947 دولار للأوقية وقت نشر هذا التقرير، بينما ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.3% لتصل إلى 2,961.80 دولار للأوقية.
ووفقا لما ذكره هان تان، رئيس التحليل في مجموعة Exinity، “إن حركة انخفاض الدولار هذا الشهر قد مكنت الذهب الفوري من البقاء حول أعلى مستوياته القياسية، مدعوما بتدفقات قوية نحو صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب.”
تدفق صناديق الاستثمار وآخر تطورات السوق
أعلنت SPDR Gold Trust، أكبر صندوق استثماري مدعوم بالذهب في العالم، أن حيازاته ارتفعت إلى 904.38 طنا يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى منذ أغسطس 2023.
وتعد هذه الزيادة دليلا على تزايد اهتمام المستثمرين بالذهب كأصل آمن في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، خاصة مع تصاعد التهديدات التجارية. فقد أدت تصريحات الرئيس ترامب حول فرض تعريفات جديدة على مجموعة من المنتجات مثل الأخشاب والسيارات والرقائق الصلبة والأدوية إلى تعزيز مخاوف السوق من اندلاع حرب تجارية، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة مثل الذهب.
التوتر التجاري وأثره على توقعات الذهب
كانت التهديدات التجارية، التي تأتي في إطار سياسات ترامب التي أعلن عنها منذ بداية ولايته، من العوامل المحركة لسعر الذهب، فقد دفع هذا التوتر سعر الذهب إلى تجاوز حاجز 2,950 دولار للأوقية، مما جعل مستوى 3,000 دولار يبدو هدفا جذابا في أفق المستثمرين.
ومع أن الذهب يعتبر ملاذا آمنا خلال فترات عدم اليقين، فإن ارتفاع أسعار الفائدة يمكن أن يقلل من جاذبيته كأصل لا يدر عائدًا. لكن في ظل الظروف الحالية، يبدو أن الدعم الناجم عن المخاوف التجارية يطغى على تأثير ارتفاع الفائدة.
ينتظر المستثمرون صدور تقرير مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الشخصي (PCE)، وهو المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لقياس التضخم، والذي سيصدر يوم الجمعة. تعتبر هذه البيانات حاسمة في تحديد مسار أسعار الفائدة، حيث يتوقع بعض المتداولين أن يكون أول تخفيض في أسعار الفائدة لهذا العام في سبتمبر. تشير التوقعات إلى أن الاستقرار النسبي في الدولار، إلى جانب الدعم الفني من التدفقات الاستثمارية نحو الذهب، قد يساهم في استمرار ارتفاع الأسعار، مما يدفع المستثمرين إلى النظر في الذهب كوسيلة للتحوط ضد المخاطر الاقتصادية.
التحليل الفني والاتجاه المستقبلي للذهب
على الجانب الفني، يظهر أن الذهب لا يزال يحتفظ بقاعدة قوية رغم بعض التراجعات القصيرة المدى. فقد شهد السوق انخفاضًا طفيفًا يوم الجمعة، لكن ذلك لم يؤثر على الاتجاه العام الذي يشير إلى بقاء السعر قريبا من مستويات القياسية.
وأكد محللون مثل هان تان أن “البائعين المؤقتين سيظهرون إذا انخفض السعر إلى حوالي 2,850 دولارًا للأوقية، لكن طالما بقي السعر فوق هذا المستوى فإن الاتجاه الصعودي سيستمر.” وتوضح هذه التصريحات أن الذهب يحتفظ بمستوى دعم قوي، وهو ما يعكس الثقة المتزايدة بين المستثمرين في استقراره على المدى الطويل.
تأثير العوامل الجيوسياسية والاقتصادية على الذهب
يظل الذهب في صدارة الأصول الآمنة في ظل تزايد المخاوف حول التوترات التجارية وعدم اليقين السياسي. ومع استمرار التصريحات المثيرة من الرئيس ترامب حول فرض تعريفات جديدة، تتزايد التوقعات بأن هذه السياسات قد تحدث اضطرابات تجارية عالمية تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي. وفي هذا السياق، يظل الذهب خيارًا مثاليًا للمستثمرين الباحثين عن حماية أصولهم من تقلبات السوق.
كما أن ضعف الدولار ساعد في تعزيز جاذبية الذهب، مما جعله يحتفظ بمستوياته القياسية، فيما تساهم التوقعات بأن تستمر التدفقات الاستثمارية نحو صناديق الاستثمار المدعومة بالذهب في دعم السعر.
ختاما يبقى الذهب حاليا في موقع استراتيجي كمخزن للقيمة في ظل بيئة تجارية واقتصادية متقلبة. فقد حافظ على مستويات قياسية بالقرب من 2,950 دولار للأوقية، مع توقعات بأن يرتفع إلى مستوى 3,000 دولار أو أكثر إذا ما استمرت المخاوف التجارية وعدم اليقين السياسي في تعزيز الطلب على الأصول الآمنة.
ومع استمرار انخفاض الدولار الأمريكي والتدفقات الإيجابية نحو صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب، يظل الذهب خيارًا جذابًا للمستثمرين الباحثين عن ملاذ آمن ضد المخاطر الاقتصادية والاضطرابات الجيوسياسية. في ظل هذه الظروف، يبقى من الضروري متابعة البيانات الاقتصادية الهامة مثل مؤشر PCE، التي ستوفر مؤشرات حول توجهات أسعار الفائدة، وبالتالي تحدد معالم مستقبل الذهب في الأسواق العالمية.
اقرأ أيضا….