ارتفاع سعر الذهب وسط ضعف الدولار وتهديدات الرسوم الجمركية

شهدت الأسواق ارتفاعا ملحوظا في سعر الذهب يوم الاثنين، حيث تجاوزت الأسعار حاجز 2,900 دولار للأوقية، مدفوعة بانخفاض الدولار الأمريكي وقلق المستثمرين من احتمال اندلاع حرب تجارية جديدة.
وجاءت هذه الارتفاعات في ظل تصريحات الرئيس دونالد ترامب التي هددت بفرض تعريفات متبادلة على بعض الواردات، مما أضفى طابعا من عدم اليقين على المناخ التجاري العالمي.
تأثير ضعف الدولار على سعر الذهب
يعد انخفاض الدولار الأمريكي أحد العوامل الأساسية التي أسهمت في دعم سعر الذهب، إذ يجعل انخفاض سعر الدولار الذهب أكثر جاذبية للمستثمرين الدوليين.
وفي ظل تراجع الدولار إلى مستوى قريب من أدنى مستوياته خلال شهرين، أصبح الذهب أرخص بالنسبة للمستثمرين الذين يحملون عملات أجنبية. ونتيجة لذلك، سجل الذهب ارتفاعا بنسبة 0.7% ليصل إلى 2,903.08 دولار للأوقية وقت نشر هذا التقرير، بعد أن سجل سعره رقماً قياسيًا بلغ 2,942.70 دولار للأوقية في الأسبوع الماضي.
كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 0.5% لتصل إلى 2,915.30 دولار للأوقية، مما يعكس تفاؤل المستثمرين بأن ضعف الدولار سيسهم في دعم أسعار الذهب في المدى القريب.
تأثير تهديدات الرسوم الجمركية على السوق
لم يكن انخفاض الدولار العامل الوحيد الذي دعم ارتفاع الذهب، بل لعبت المخاوف المتعلقة بالرسوم الجمركية دورا هاما. فقد هدد الرئيس ترامب بفرض تعريفات متبادلة على البضائع، خاصة على السيارات، مما أثار قلق المستثمرين حول احتمال اندلاع حرب تجارية قد تؤدي إلى اضطرابات اقتصادية. هذه المخاوف دفعت المستثمرين إلى البحث عن ملاذ آمن، مثل الذهب، الذي يعتبر تقليديا مخزنا للقيمة في أوقات الاضطراب السياسي والتجاري.
وأوضح محلل UBS، نيكولاس ستانونو، أن الذهب لا يزال يستفيد من توجه المستثمرين نحو الأصول الآمنة وسط المخاوف من فرض تعريفات جديدة وحالة عدم اليقين التجاري. وأضاف: “نتوقع استمرار ارتفاع سعر الذهب ليصل إلى 3,000 دولار للأوقية، مدفوعا أيضا بالطلب المستمر من البنوك المركزية.”
وتأتي هذه التصريحات في وقت تسعى فيه الأسواق إلى فهم الآثار المحتملة للسياسات التجارية الجديدة على الاقتصاد العالمي.
التطورات الجيوسياسية وآفاق السلام
شهدت الأجواء الدولية أيضا بعض التطورات التي أثرت إيجابا على سعر الذهب، ففي إطار محادثات السلام المحتملة بين روسيا وأوكرانيا، صرح وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بأن أوكرانيا وأوروبا سيكونان جزءا من أي مفاوضات حقيقية لإنهاء الحرب التي تشنها موسكو.
وقد أضاف محلل Exinity Group، هان تان، أن التقدم في محادثات السلام قد يقلل من بعض مكاسب الذهب السنوية، لكنه لن يؤثر على الدعم الكافي الذي يحافظ على أسعار الذهب عند مستويات مرتفعة، ويعتبر الذهب ملاذا آمنا ضد التضخم والمخاطر الجيوسياسية، رغم أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يقلل من جاذبيته كأصل لا يدر عائدا.
التوقعات المستقبلية لسعر الذهب
يترقب المستثمرون المزيد من التطورات في أسواق المال، خاصة مع صدور بيانات التضخم ومؤشرات النمو الاقتصادي في الأيام المقبلة، ومن المتوقع أن تصدر بعض المسؤوليات في الاحتياطي الفيدرالي تصريحات قد تعطي مؤشرات حول مسار أسعار الفائدة في المستقبل.
في الوقت الذي تبقى فيه الأسواق الأمريكية مغلقة بمناسبة عطلة يوم الرؤساء، يظل الذهب في مركز الاهتمام كمؤشر على استقرار الاقتصاد وسجل التحوط ضد المخاطر.
أشار بعض المحللين إلى أن الطلب على الذهب من قبل البنوك المركزية قد يستمر في الارتفاع، مما سيشكل دعما إضافيا لسعر الذهب. علاوة على ذلك، فإن ضعف الدولار وتأجيل تنفيذ التعريفات الجمركية يظهران أن السياسات التجارية قد تكون أكثر اعتدالا مما كان متوقعا، مما يعزز من توقعات المستثمرين بمزيد من الارتفاع في سعر الذهب مستقبلاً.
أداء المعادن الثمينة الأخرى
لم يكن الذهب وحده الذي استفاد من تغيرات السوق؛ فقد شهدت أسواق المعادن الثمينة الأخرى أيضا تحسنا. ارتفعت أسعار الفضة بنسبة 0.9% لتصل إلى 32.42 دولار للأوقية، بينما سجلت أسعار البلاتين زيادة بنسبة 0.3% لتصل إلى 982.90 دولار، كما ارتفعت أسعار البلاديوم بنسبة 2.3% لتصل إلى 983.29 دولار. يعكس هذا الانتعاش في أسعار المعادن الثمينة تنوع العوامل الداعمة للأصول الآمنة في ظل المخاوف التجارية والجيوسياسية.
ختاما يتضح أن سعر الذهب يشهد ارتفاعا مدعوما بانخفاض الدولار وتزايد المخاوف من فرض تعريفات جديدة قد تؤدي إلى حرب تجارية، إلى جانب التطورات الجيوسياسية الإيجابية المرتبطة بمحادثات السلام المحتملة بين روسيا وأوكرانيا. مع استمرار الطلب من قبل المستثمرين والبنوك المركزية على الأصول الآمنة،
وتتجه التوقعات إلى ارتفاع سعر الذهب ليصل إلى مستويات قد تتجاوز 3,000 دولار للأوقية في المستقبل القريب، كما تظهر البيانات أن المعنويات في الأسواق ترتفع، مما يعكس ثقة المستثمرين في قدرتهم على التحوط ضد المخاطر الاقتصادية والجيوسياسية المتزايدة.
وفي ظل هذه الظروف، يظل الذهب عنصرا أساسيا في المحافظ الاستثمارية، ويستمر في لعب دور حيوي كمخزن للقيمة في أوقات الاضطراب.
اقرأ أيضا…