ارتفاع سعر الدولار الأمريكي بعد فرض الرسوم الجمركية وتأثيره على الأسواق العالمية
شهد سعر الدولار الأمريكي ارتفاعا حادا يوم الاثنين، مما أدى إلى تراجع العملات الرئيسية مثل الدولار الكندي والبيزو المكسيكي إلى أدنى مستوياتهما منذ سنوات، بينما انخفض اليوان الصيني إلى مستوى قياسي في التداول الخارجي.
جاء هذا الارتفاع في سعر الدولار الأمريكي بعد فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما جمركية جديدة على عدة دول، مما أثار مخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية وزيادة التقلبات في الأسواق المالية.
تأثير الرسوم الجمركية على سعر الدولار الأمريكي والعملات العالمية
بعد تنفيذ الرسوم الجمركية الأمريكية، ارتفع سعر الدولار الأمريكي بشكل كبير أمام معظم العملات العالمية. فقد تراجع اليورو إلى أدنى مستوى له منذ أكثر من عامين، بينما سجل الفرنك السويسري، الذي يعتبر عادة ملاذا آمنا، انخفاضا إلى أدنى مستوياته منذ مايو.
كما انخفض اليوان الصيني إلى أدنى مستوى له على الإطلاق في السوق الخارجية، حيث وصل إلى 7.3765 مقابل الدولار الأمريكي قبل أن يستقر عند 7.34.
وفرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، بالإضافة إلى رسوم بنسبة 10% على المنتجات الصينية. وردت كندا والمكسيك بسرعة بإجراءات انتقامية، بينما أكدت الصين أنها ستقدم شكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية ضد القرار الأمريكي.
التوترات التجارية وتأثيرها على سعر الدولار الأمريكي
تصاعدت المخاوف بشأن تأثير الرسوم الجمركية على التجارة العالمية، حيث صرح توني سيكامور، المحلل في IG، بأن الأسواق لم تكن تتوقع رد الفعل السريع من كندا والمكسيك. وأشار إلى أن بدء تنفيذ الرسوم الجمركية في 4 فبراير جاء في وقت أبكر مما توقعه الكثيرون، مما أدى إلى ضغط إضافي على الأسواق المالية وزيادة حالة عدم اليقين بين المستثمرين.
ومع تصاعد التوترات التجارية، تزايدت التوقعات بارتفاع التضخم في الولايات المتحدة، مما دفع المستثمرين إلى الاعتقاد بأن أسعار الفائدة ستظل مرتفعة لفترة أطول. أدى ذلك إلى تقليل التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، حيث تظهر البيانات أن الأسواق الآن تتوقع احتمالًا بنسبة 54% لحدوث خفضين في أسعار الفائدة خلال العام الحالي، هذه التوقعات عززت من سعر الدولار الأمريكي، حيث لجأ المستثمرون إليه كملاذ آمن في ظل التقلبات الاقتصادية المتزايدة.
انخفاض العملات الرئيسية أمام سعر الدولار الأمريكي
تسببت التقلبات في الأسواق المالية في انخفاض قيمة العديد من العملات الرئيسية أمام سعر الدولار الأمريكي، فقد هبط البيزو المكسيكي إلى أدنى مستوى له منذ ثلاث سنوات عند 21.2882 لكل دولار أمريكي، قبل أن يقلص خسائره إلى 21.1540، بانخفاض نسبته 2.3%.
أما الدولار الكندي، فقد انخفض إلى 1.4792 مقابل الدولار الأمريكي، وهو أدنى مستوى له منذ عام 2003، قبل أن يستقر عند 1.4689 بانخفاض 1%. كما انخفض الدولار الأسترالي إلى أدنى مستوى له في خمس سنوات، بينما تراجع الدولار النيوزيلندي إلى أدنى مستوياته منذ أكتوبر 2022.
اليورو، الذي يعتبر أحد أهم العملات العالمية، انخفض بنسبة 2.3% إلى 1.0125 دولار أمريكي، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2022، قبل أن يستقر عند 1.0242 دولار.
أما الفرنك السويسري، فقد وصل إلى 0.9210، وهو أعلى مستوى له منذ مايو، قبل أن يستقر عند 0.9165.
الجنيه الإسترليني تراجع بنسبة 0.7% إلى 1.2312 دولار أمريكي، بينما ظل الين الياباني مستقرًا نسبيًا عند 155.23 لكل دولار.
ترقب الأسواق لتطورات سعر الدولار الأمريكي
مع استمرار التقلبات في الأسواق، يترقب المستثمرون أي تطورات جديدة قد تؤثر على سعر الدولار الأمريكي. صرح كريس تيرنر، رئيس الأسواق العالمية في ING، أن الأسواق تترقب أي محادثات محتملة بين ترامب ونظرائه في كندا والمكسيك، والتي قد تؤثر على الأسواق المالية خلال الـ 24 ساعة القادمة.
كما أشار إلى أن الأسواق تراقب أيضا رد فعل سوق الأسهم الأمريكي، وما إذا كان التراجع الحاد في وول ستريت قد يؤدي إلى تعديل في سياسة الاحتياطي الفيدرالي النقدية.
تأثير ارتفاع سعر الدولار الأمريكي على العملات الرقمية والأسواق المالية
لم يقتصر تأثير ارتفاع سعر الدولار الأمريكي على العملات التقليدية فقط، بل امتد إلى العملات الرقمية. فقد ارتفع مؤشر الدولار (.DXY) إلى 109.48، مسجلًا أعلى مستوى له في ثلاثة أسابيع. في المقابل، تراجع البيتكوين إلى 95,660 دولارًا، بعدما انخفض مجددًا دون حاجز 100,000 دولار، مسجلًا أدنى مستوى له في ثلاثة أسابيع. كما انخفضت إيثريوم إلى 2,593.15 دولارًا، وهو أدنى مستوى لها منذ أوائل نوفمبر.
ختاما يواصل سعر الدولار الأمريكي ارتفاعه القوي، مدعومًا بالرسوم الجمركية الأمريكية التي فرضتها إدارة ترامب. هذا الارتفاع أدى إلى تراجع معظم العملات العالمية وأثار قلق الأسواق بشأن التأثير المحتمل على التجارة العالمية. ومع تصاعد التوترات التجارية، تتزايد التوقعات ببقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول، مما قد يعزز قوة الدولار الأمريكي بشكل أكبر.
في الوقت نفسه، تترقب الأسواق أي تطورات جديدة قد تؤثر على مستقبل سعر الدولار الأمريكي، سواء من خلال المحادثات السياسية أو تحركات الاحتياطي الفيدرالي.
اقرأ أيضا…