الاقتصاد الكندي يسجل انكماشا لأول مرة هذا العام
شهد الاقتصاد الكندي انكماشًا في شهر نوفمبر 2024، في أول تراجع شهري لهذا العام، على الرغم من تخفيض بنك كندا المركزي لأسعار الفائدة بوتيرة سريعة لمحاولة تحفيز النمو الاقتصادي.
الانكماش في نوفمبر
وفقًا للبيانات الأولية الصادرة عن هيئة الإحصاء الكندية، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% في نوفمبر بعد نمو بنسبة 0.3% في أكتوبر. هذا النمو في أكتوبر تجاوز توقعات الاقتصاديين التي أشارت إلى نمو بنسبة 0.2%، وفقًا لاستطلاع أجرته وكالة بلومبرغ. تشير هذه الأرقام إلى تراجع في الزخم الاقتصادي في نهاية العام، على الرغم من السياسات النقدية الميسرة.
ومع الأخذ في الاعتبار الأداء القوي في أكتوبر والانكماش في نوفمبر، تشير التقديرات إلى أن الاقتصاد الكندي قد ينمو بمعدل سنوي يبلغ 1.7% في الربع الرابع إذا ظل النمو في ديسمبر مستقرًا. هذا المعدل يفوق توقعات الاقتصاديين البالغة 1.5% ولكنه أقل من توقعات بنك كندا المركزي، الذي كان يتوقع نموًا بنسبة 2%.
انعكاسات على الأسواق المالية
كان لهذا التراجع تأثير ملحوظ على الأسواق المالية. فقد انخفضت عوائد السندات الحكومية الكندية لأجل عامين بمقدار نقطة أساس واحدة لتصل إلى 3.038%. كما انخفض الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي ليصل إلى 1.4430 دولار أمريكي، مما يعكس قلق الأسواق بشأن توقعات النمو الاقتصادي.
ويعمل بنك كندا المركزي على تعزيز النمو الاقتصادي بعد أن ظل التضخم ضمن النطاق المستهدف البالغ 1% إلى 3% لمدة 11 شهرًا متتالية. وفي هذا السياق، خفض البنك أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماعه الأخير في ديسمبر، ليصل إجمالي التخفيضات منذ يونيو إلى 175 نقطة أساس. ومع ذلك، أشارت تصريحات المسؤولين في البنك إلى أن وتيرة تخفيض الفائدة قد تتباطأ في العام المقبل، حيث يسعون لتقييم تأثير هذه التخفيضات على الاقتصاد.
أداء القطاعات الاقتصادية في أكتوبر ونوفمبر
أظهر الاقتصاد الكندي أداءً متفاوتًا عبر القطاعات المختلفة. في أكتوبر، سجلت قطاعات التعدين واستخراج النفط والغاز نموًا بنسبة 2.4% بعد ثلاثة أشهر من التراجع، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز النمو. كما شهد قطاع النقل والتخزين نموًا بنسبة 0.2% للشهر الثالث على التوالي، رغم الإضرابات التي أثرت على الموانئ في مونتريال وعدد من الموانئ الأمريكية الشرقية.
أما في نوفمبر، فقد انعكست هذه المكاسب، حيث ساهمت قطاعات التعدين والنقل والتخزين في الانكماش. انخفض نشاط النقل نتيجة لتراجع حركة الشحن وتأثير الإضرابات في البريد الكندي. كما سجل قطاع التمويل والتأمين تراجعًا ملحوظًا، مما زاد من الضغوط على الاقتصاد الكندي.
وعلى الرغم من التحديات في بعض القطاعات، أظهر قطاع العقارات أداءً قويًا في أكتوبر، حيث ارتفع النشاط بنسبة 0.5%، وهو أعلى معدل نمو شهري منذ يناير. وجاء هذا النمو مدفوعًا بزيادة مبيعات المنازل في الأسواق الرئيسية، مثل تورونتو وفانكوفر. سجلت أنشطة وكلاء العقارات وأعمال الإسكان أعلى مستوى لها منذ أبريل 2022، وهو الوقت الذي بدأ فيه بنك كندا دورة رفع أسعار الفائدة.
توقعات مستقبلية للاقتصاد الكندي
مع انكماش الاقتصاد في نوفمبر، يواجه بنك كندا المركزي تحديات كبيرة في اجتماعه المقبل في يناير 2025. تشير التقديرات الحالية إلى أن النمو الاقتصادي قد يبقى قريبًا من توقعات البنك، مما يزيد من احتمالية أن يتخذ البنك نهجًا أكثر حذرًا في تخفيض الفائدة.
على الرغم من الانكماش في نوفمبر، هناك إشارات على أن تخفيضات الفائدة السابقة بدأت تؤتي ثمارها، خاصة في قطاع الإسكان. ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجه القطاعات الأخرى، مثل التعدين والنقل، تظل قائمة. يتوقع الاقتصاديون أن يستمر بنك كندا في سياسته التيسيرية ولكن بوتيرة أبطأ في العام المقبل، خاصة إذا استمرت الضغوط الاقتصادية والجيوسياسية.
في المجمل، يُظهر الاقتصاد الكندي بوادر تعافٍ في بعض القطاعات، لكن النمو المستدام يتطلب جهودًا إضافية لتحفيز النشاط الاقتصادي، خاصة في القطاعات الأكثر تأثرًا بالعوامل الخارجية والمحلية.
اقرأ أيضا…