الذهب يمحو مكاسبه بعد بيانات أمريكية تعزز توجه الاحتياطي الفيدرالي المتشدد
تداولت أسعار الذهب دون تغير يذكر يوم الخميس، بعد أن محا مكاسبه المبكرة نتيجة بيانات أمريكية عززت التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتبع نهجا حذرا في تخفيف السياسة النقدية العام المقبل.
ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.1% ليصل إلى 2,589.43 دولار للأوقية، بينما انخفضت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 1.9% لتصل إلى 2,603.60 دولار.
تأثير البيانات الاقتصادية على أسعار الذهب
أظهرت البيانات الاقتصادية نمو الاقتصاد الأمريكي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثالث، مع انخفاض في طلبات إعانة البطالة بأكثر من المتوقع.
وقال بارت ميليك، رئيس استراتيجيات السلع في TD Securities: “تظهر بيانات الناتج المحلي الإجمالي وطلبات إعانة البطالة أن الاقتصاد قوي، مما يقلل الحاجة إلى تحركات عدوانية من قبل الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما لا يصب عادة في مصلحة الذهب غير المدر للعوائد.”
أما طلبات الإعانة المستمرة، التي تمثل عدد الأشخاص الذين يتلقون إعانات البطالة، فقد انخفضت إلى 1.874 مليون طلب خلال الأسبوع المنتهي في 7 ديسمبر، مقارنة بالتوقعات التي بلغت 1.890 مليون. هذه القراءة جاءت أيضًا أقل من الأسبوع السابق، والذي تم تعديله إلى 1.879 مليون طلب.
أثر البيانات الاقتصادية على أسعار الذهب
قبل صدور البيانات، كانت أسعار الذهب تختبر مستوى الدعم عند 2600 دولار للأوقية. ومع إعلان البيانات الإيجابية لسوق العمل، استمر الذهب في التداول قرب هذا المستوى، حيث سجل سعر الذهب الفوري 2600.55 دولار للأوقية بارتفاع طفيف بلغ 0.58% خلال الجلسة.
البيانات القوية لسوق العمل والناتج المحلي الإجمالي عززت التوقعات بأن الاقتصاد الأمريكي يتمتع بالمرونة، مما قلل من التوقعات بخفض كبير في أسعار الفائدة. هذا الأمر جعل الذهب أقل جاذبية كملاذ آمن في ظل تحسن الظروف الاقتصادية. ومع ذلك، استفادت الأسعار من بعض الشراء الاستثماري بعد التراجع الطفيف، مما حافظ على استقرار السوق عند مستويات الدعم الرئيسية.
تقلبات أسعار الذهب
وتراجعت أسعار الذهب بأكثر من 2% لتصل إلى أدنى مستوى لها في شهر خلال الجلسة، بعد أن خفض مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي توقعاتهم لتخفيف السياسة النقدية في المستقبل نظرا لاستمرار التضخم.
ومع ذلك، أدى هذا التراجع إلى جذب المستثمرين للشراء، مما دفع الأسعار للارتفاع بنسبة تصل إلى 1.5% في وقت لاحق من الجلسة.
وقال أليكس إبكاريان، المدير التنفيذي لشركة Allegiance Gold: “قدم الانخفاض قصير المدى في الذهب فرصة شراء جيدة للمستثمرين على المدى الطويل. لدينا مشاكل الديون المتفاقمة، واحتمالية إغلاق حكومي، وموقف الإدارة الجديدة الساعي لتقليل النفقات والعجز.”
التوترات السياسية وتأثيرها على الذهب
يشير المحللون إلى أن محاولات الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، للتأثير على الكونغرس قبل التنصيب قد تزيد من تعقيد الجهود لتجنب الإغلاق الحكومي، مما يهدد بتعطيل خدمات مثل السفر الجوي وإنفاذ القانون خلال موسم العطلات.
الذهب يعتبر ملاذا آمنا خلال فترات الاضطرابات الاقتصادية والجيوسياسية، وعادةً ما يزدهر في بيئة ذات أسعار فائدة منخفضة.
ينتظر المستثمرون صدور بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية (PCE)، وهو المقياس المفضل للاحتياطي الفيدرالي للتضخم، يوم الجمعة للحصول على إشارات إضافية حول التوقعات الاقتصادية.
أيضا تراجع سعر الفضة الفوري بنسبة 1.9% ليصل إلى 28.80 دولار للأوقية، في حين ارتفع البلاتين بنسبة 0.2% إلى 921.45 دولار، وزاد البلاديوم بنسبة 0.2% ليصل إلى 905.10 دولار.
الدعم الطويل الأجل للذهب مازال قائما
توقعات الاحتياطي الفيدرالي المتشدد بشأن أسعار الفائدة لعام 2025 أثرت على الأسواق، مما وضع ضغوطًا هبوطية على أسعار الذهب. ومع ذلك، يرى المحللون استمرار الدعم للمعدن الثمين في العام المقبل، مدفوعًا بعوامل سوقية أوسع.
بعد إعلان الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع الدولار الأمريكي إلى أعلى مستوى له في عامين، مما يعكس توقعات المستثمرين بأن أسعار الفائدة المرتفعة ستدعم العملة. في الوقت نفسه، تراجعت أسعار الذهب – التي يتم تسعيرها بالدولار – بنسبة 2% لتصل إلى أدنى مستوى لها خلال شهر، متراجعةً عن المستويات القياسية التي سجلتها في وقت سابق من هذا العام.
يواجه الذهب عادة ضغوطا عندما يرتفع الدولار الأمريكي أو ترتفع أسعار الفائدة. فالعملة الأقوى تجعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة للمشترين بعملات أخرى، في حين أن أسعار الفائدة المرتفعة وعائدات السندات تزيد من المنافسة على الاستثمارات الآمنة.
ومع ذلك، تغيرت هذه العلاقات التقليدية في السنوات الأخيرة بسبب عوامل خارجية، مثل الطلب الكبير على الذهب من البنوك المركزية، وخاصةً في الصين.
دور الصين والتوترات الحيوسياسية في دعم أسعار الذهب
استأنف البنك المركزي الصيني شراء الذهب وسط توقعات اقتصادية ضعيفة وتصاعد التوترات التجارية مع الولايات المتحدة. هذا الاتجاه عزز الطلب المحلي على الذهب كملاذ آمن. بالإضافة إلى ذلك، منذ اندلاع الصراع بين روسيا وأوكرانيا في عام 2022، زادت البنوك المركزية عالميًا – من بولندا إلى الهند – من احتياطياتها من الذهب، مما دعم الأسعار بشكل أكبر.
وفقًا لحمد حسين، الخبير الاقتصادي في مجال السلع لدى “كابيتال إيكونوميكس”، فإن مقترحات تعريفات ترامب وسياسات الاحتياطي الفيدرالي المتشددة تفرض مخاطر هبوطية على الذهب، لكن هذه التأثيرات قد تفوقها العوامل غير التقليدية.
وأوضح حسين: “الطلب من البنوك المركزية وعدم اليقين الجيوسياسي العام سيحافظان على أسعار الذهب بالقرب من مستوياتها القياسية العام المقبل”.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد