انخفاض أسعار النفط بسبب بيانات الإنفاق الصيني الضعيفة
شهدت العقود الآجلة للنفط انخفاضًا ملحوظًا من أعلى مستوياتها في الأسابيع الماضية يوم الاثنين، ويعزى ذلك بشكل كبير إلى ضعف إنفاق المستهلكين في الصين، التي تُعتبر أكبر مستورد للنفط على مستوى العالم. يُشكل هذا الانخفاض تحديًا لسوق النفط، حيث يُثير تساؤلات حول قوة الطلب العالمي على الطاقة وتأثير التطورات الاقتصادية والسياسية على الأسعار.
انخفضت العقود الآجلة لخام برنت، بمقدار 53 سنتًا، أي ما يعادل 0.71%، لتصل إلى 73.96 دولار للبرميل. ويأتي هذا الانخفاض بعد أن استقرت العقود يوم الجمعة عند أعلى مستوى لها منذ 22 نوفمبر، مما يُشير إلى تغير في اتجاه السوق.
بالمثل، انخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي، بمقدار 65 سنتًا، أو 0.91٪، ليصل إلى 70.64 دولارًا للبرميل، بعد أن سجل أعلى إغلاق له منذ 7 نوفمبر في الجلسة السابقة.
تأثير البيانات الاقتصادية الصينية على أسعار النفط
يُعزى هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى البيانات الاقتصادية الصينية التي صدرت مؤخرًا. فقد نما الناتج الصناعي الصيني بشكل أسرع قليلًا في نوفمبر، إلا أن مبيعات التجزئة جاءت أبطأ من التوقعات.
يُلقي هذا التباين بين النمو الصناعي وتباطؤ الإنفاق الاستهلاكي بظلاله على الاقتصاد الصيني، ويزيد الضغط على بكين لاتخاذ إجراءات تحفيزية لدعم اقتصادها الهش، الذي يواجه أيضًا تحديات إضافية تتمثل في التعريفات التجارية الأمريكية في ظل الإدارة المحتملة لدونالد ترامب.
يُشير المحللون إلى أن ضعف البيانات الاقتصادية الصينية يُلقي بظلاله على أسعار النفط. ينتظر المشاركون في السوق بفارغ الصبر توجيهات واضحة حول كيفية تخطيط المسؤولين الصينيين لتحفيز الاقتصاد.
ويُعتبر الإنفاق الاستهلاكي محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، وبالتالي فإن تباطؤه يُثير مخاوف بشأن قوة الطلب على النفط في الصين، وبالتالي على مستوى العالم. ساهمت هذه التوقعات الصينية أيضًا في قرار مجموعة منتجي النفط أوبك + بتأجيل خطط زيادة الإنتاج حتى أبريل من العام القادم.
ويُشير محللون في سوق النفط إلى أن المستهلكين لا يتفاعلون بشكل إيجابي مع التحفيز الاقتصادي الحالي، وأنه بدون تغيير جذري في سلوك الإنفاق الشخصي، ستواجه الصين صعوبات في تحقيق نمو اقتصادي قوي.
عوامل أخرى مؤثرة في السوق
بالإضافة إلى البيانات الصينية، هناك عوامل أخرى تُؤثر على أسعار النفط. فقد لجأ المتداولون أيضًا إلى جني الأرباح بعد الارتفاع الذي شهدته الأسعار بأكثر من 6٪ الأسبوع الماضي. يُعتبر جني الأرباح ممارسة شائعة في الأسواق المالية، حيث يبيع المستثمرون أصولهم لتحقيق أرباح بعد ارتفاع الأسعار.
كما يُلاحظ أن العديد من البنوك والصناديق المالية قد أغلقت دفاتر حساباتها نظرًا لانخفاض الإقبال على المراكز خلال موسم العطلات. هذا الانخفاض في حجم التداول يُمكن أن يُؤدي إلى تقلبات في الأسعار.
يُراقب السوق أيضًا عن كثب قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة هذا الأسبوع. من المتوقع أن يُخفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية في اجتماعه الذي يعقد يومي 17 و 18 ديسمبر. سيقدم الاجتماع أيضًا نظرة محدثة حول مقدار الخفض الإضافي الذي يعتقد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أنهم سيخفضونه في عام 2025 وربما في عام 2026. يُمكن أن يحفز انخفاض أسعار الفائدة النمو الاقتصادي ويزيد الطلب على النفط، حيث يُشجع الاقتراض والاستثمار.
مخاوف بشأن الإمدادات والعقوبات الأمريكية المحتملة
كما تُساهم المخاوف بشأن تعطل الإمدادات في الحد من انخفاض أسعار النفط. هناك قلق بشأن احتمال فرض المزيد من العقوبات الأمريكية على روسيا وإيران، وهما من كبار منتجي النفط. قالت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين إن الولايات المتحدة تبحث فرض عقوبات إضافية على ناقلات “الأسطول المظلم” التي تنقل النفط الروسي بشكل غير قانوني، ويمكن أن تستهدف أيضًا البنوك الصينية للحد من عائدات النفط التي تساعد في تمويل روسيا في حربها في أوكرانيا. تُؤدي العقوبات الأمريكية الجديدة على الكيانات التي تتاجر بالنفط الإيراني بالفعل إلى ارتفاع أسعار الخام المباع للصين إلى أعلى مستوياته منذ سنوات، مع توقع أن تُزيد الإدارة الأمريكية القادمة الضغط على إيران.
بشكل عام، تأثرت أسعار النفط سلبًا ببيانات الإنفاق الاستهلاكي الضعيفة في الصين، بالإضافة إلى عوامل أخرى مثل جني الأرباح وترقب قرار الاحتياطي الفيدرالي. في المقابل، حدت مخاوف بشأن الإمدادات والعقوبات الأمريكية المحتملة على روسيا وإيران من انخفاض الأسعار بشكل أكبر. سيظل السوق يراقب التطورات الاقتصادية والسياسية عن كثب لتحديد اتجاه أسعار النفط في الفترة القادمة.
اقرأ أيضا…