أخبار الأسواقاخبار اقتصاديةأخبار الدولار الأمريكي

الرئيس الأمريكي القادم قد يرث اقتصادا مزدهرا

في ظل الانتعاش الاقتصادي الواضح في الأسابيع الأخيرة، قد يواجه الرئيس القادم للولايات المتحدة تحديًا كبيرًا: الحفاظ على استقرار النمو الحالي وتجنب أي تباطؤ قد يعكر صفو الاقتصاد الأمريكي المزدهر. مع اقتراب انتخابات 5 نوفمبر، تتصدر مؤشرات اقتصادية إيجابية المشهد، ما يضع الضغط على الإدارة المقبلة للحفاظ على هذا الزخم وتحقيق الاستقرار المطلوب.

المؤشرات الاقتصادية الإيجابية

على مدار الأيام القليلة الماضية، صدرت مجموعة من البيانات الاقتصادية الإيجابية التي تظهر تحسنًا في معظم قطاعات الاقتصاد الأمريكي:

  1. تراجع معدلات التضخم: من المتوقع أن يواصل التضخم انخفاضه من ذروته التي شهدها في فترة جائحة كورونا، مما يعني استقرار أسعار المستهلكين وزيادة القوة الشرائية للأسر الأمريكية.
  2. نمو فرص العمل: تجاوز عدد الوظائف التي أضافها القطاع الخاص التوقعات، مما يعكس زيادة النشاط الاقتصادي وتحسن سوق العمل.
  3. ارتفاع مبيعات المنازل: سجّلت مبيعات المنازل المعلقة قفزة إيجابية، ما يشير إلى تحسن السوق العقاري وانتعاش الثقة بين المستثمرين والمستهلكين على حدٍ سواء.
  4. تحسن ثقة المستهلكين: ارتفعت معنويات المستهلكين نحو التفاؤل، مما يعكس ثقة متزايدة بالاقتصاد الأمريكي وقدرته على النمو المستدام.
  5. نمو الناتج المحلي الإجمالي: بالرغم من أنه أقل قليلاً من بعض التوقعات، فإن الاقتصاد الأمريكي ينمو بمعدل ثابت.

هذا التحسن يعكس نجاح السياسات الاقتصادية الحالية، كما أن مؤشر S&P 500 قد ارتفع بنسبة 50% منذ تولي الرئيس جو بايدن منصبه في يناير 2021، بما في ذلك 24% خلال العام الحالي فقط.

التحدي القادم للرئيس الجديد: الحفاظ على الزخم

قال الرئيس جو بايدن خلال أحد الفعاليات التي أعلن فيها عن مشاريع بنية تحتية جديدة: “لدينا أقوى اقتصاد في العالم. العالم بأسره”، مشددًا على دور إدارته في دعم النمو المستدام وتعزيز الثقة في الاقتصاد. ومع ذلك، يواجه المرشحان للرئاسة، نائب الرئيسة كمالا هاريس والرئيس السابق دونالد ترامب، تحديًا كبيرًا في إبراز نفسيهما كأفضل من يقود الاقتصاد إلى الأمام.

ولكن بالرغم من المؤشرات الإيجابية، لا يزال هناك شعور بالقلق الاقتصادي لدى الشعب الأمريكي. وفقاً لاستطلاع أجرته شركة YouGov في أكتوبر، فإن 44% من البالغين في الولايات المتحدة يرون أن “الانهيار الاقتصادي التام” قد يكون محتملًا أو مرجحًا إلى حد ما. هذا الشعور السائد بالقلق دفع كلا المرشحين إلى طرح وعود اقتصادية طموحة تهدف إلى معالجة هذه المخاوف.

برامج ترامب وهاريس الاقتصادية: رؤى متباينة للمستقبل

برنامج ترامب الاقتصادي: سياسات جذرية محفوفة بالمخاطر

يسعى الرئيس السابق دونالد ترامب إلى فرض تعريفات جمركية شاملة على جميع الواردات، وتنفيذ برامج صارمة لترحيل المهاجرين، إلى جانب تخفيضات ضريبية عميقة على الشركات. يعتقد بعض الاقتصاديين وحتى حلفاء ترامب أن فرض تعريفات جمركية شاملة وبرامج ترحيل جماعية قد تتسبب في تقلبات اقتصادية كبيرة، وقد تؤدي إلى انهيارات محتملة في الأسواق المالية.

برنامج هاريس الاقتصادي: تعزيز الضرائب على الشركات ومكافحة الاستغلال

تدعو كمالا هاريس إلى زيادة الضرائب على الشركات وحظر الاستغلال السعري، خصوصًا في قطاع السلع الأساسية. كما تقترح تقديم دعم مالي وإعفاءات ضريبية لتطوير الإسكان ورعاية الأطفال. تعرضت هاريس لانتقادات من بعض الاقتصاديين وقادة الأعمال بسبب خططها لزيادة الضرائب ومنع الاستغلال السعري، ولكنها ترى أن هذه الإجراءات ضرورية لتحقيق العدالة الاقتصادية.

الاستقرار الاقتصادي: فرصة لتحقيق الوعود الانتخابية

يرى الخبراء أن الظروف الاقتصادية الحالية قد توفر فرصة للرئيس القادم للتركيز على سياساتهم وبرامجهم الانتخابية. يوضح جاستن ولفرز، أستاذ السياسات العامة والاقتصاد بجامعة ميشيغان، أن الاستقرار الحالي يمنح الرئيس الجديد الحرية في تنفيذ سياساته بدلاً من التركيز على إخماد أزمات اقتصادية، كما كان الحال مع الرئيسين السابقين باراك أوباما وجو بايدن الذين واجهوا تحديات اقتصادية كبرى.

يضيف ولفرز: “في فترة الركود، سواء كنت ديمقراطيًا أم جمهوريًا، لديك مهمة واحدة وهي إصلاح الاقتصاد. أما الآن، فقد يكون لدى الرئيس القادم حرية في تنفيذ سياساته الخاصة”.

مهما كانت التوجهات الاقتصادية للرئيس القادم، سيتعين عليه تحقيق توازن دقيق بين الحفاظ على زخم النمو الحالي وتنفيذ التغييرات الاقتصادية التي وعد بها الناخبين. يشير هذا التحدي إلى أن الرئيس الجديد سيحتاج إلى مهارات إدارة استثنائية لتحقيق أهدافه الاقتصادية دون التأثير على مسار النمو الاقتصادي الحالي.

وخلال ولايته، عمل الرئيس بايدن على تنفيذ خطة إنقاذ اقتصادي ضخمة، من خلال تمرير حزم تحفيز اقتصادي لدعم الأسر والشركات الأمريكية، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد وتعافيه من تداعيات جائحة كورونا. ويستعد بايدن الآن لمغادرة البيت الأبيض، تاركاً خلفه أرقاماً اقتصادية قوية تدعم حجته بأن إدارته، بالتعاون مع الاحتياطي الفيدرالي، قد أوجدت استقرارًا اقتصاديًا مستدامًا.

التحدي الأكبر: دعم الطبقة المتوسطة وذوي الدخل المحدود

يعتقد كبير الاقتصاديين في Moody’s، مارك زاندي، أن التحدي الأكبر للرئيس القادم هو تحقيق المساواة الاقتصادية. وقال زاندي في منشور على منصة X: “من الصعب رؤية الاقتصاد يؤدي بشكل أفضل من ذلك. بالطبع، العديد من الأمريكيين من ذوي الدخل المنخفض والمتوسط لا يستفيدون كما يجب. تغيير هذا هو ما يجب أن يركز عليه الرئيس والكونغرس القادم”.

ختامًا، ستكون الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة حاسمة في ظل الاقتصاد المستقر حاليًا. يتعين على الرئيس القادم تنفيذ إصلاحات اقتصادية تطمئن الناخبين دون تعريض النمو الاقتصادي الحالي للخطر، وهو ما يجعل هذا التحدي صعبًا ولكنه ضروري لتحقيق تطلعات الشعب الأمريكي.

اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى