ماذا يعني تعويم العملة؟ و ما هي ايجابيات و سلبيات سعر الصرف العائم؟
تعويم العملة هو سياسة نقدية تتيح لقيمة العملة تحديد نفسها بناءً على العرض والطلب في السوق، دون تدخل مباشر من الحكومة. يعتبر تعويم العملة طريقة لتعزيز التنافسية الاقتصادية وتحقيق الاستقرار النقدي، ولكنه قد يترافق أيضًا مع تقلبات في قيمة العملة وتأثيرات اقتصادية غير متوقعة.
ما هو تعويم العملة؟
ماذا يعني تعويم العملة؟ تعويم العملة هو سياسة نقدية تُعنى بتحديد قيمة العملة الوطنية بحسب العرض والطلب في سوق الصرف الأجنبي، دون تدخل مباشر من الحكومة أو البنك المركزي. تقوم هذه السياسة على فكرة أن تحديد السعر بناءً على العرض والطلب يؤدي إلى تحقيق التوازن في السوق، وتعزيز التنافسية الاقتصادية. تعتبر العملات التي يتم تعويمها مرنة وقابلة للتغيير بسرعة، حيث يمكن أن تتغير قيمتها بشكل يومي حسب التغيرات في السوق.
ما معنى تعويم العملة الذي يعتبر خطوة جريئة، حيث تترك الحكومة سعر صرف عملتها ليحدده السوق. هذا يعني أن العملة قد تتأثر بعوامل عديدة مثل السياسات الاقتصادية، والأحداث العالمية، وتقلبات السوق. من جهة أخرى، يُعَد تعويم العملة طريقة فعالة للتعامل مع التغيرات الاقتصادية العالمية وتحقيق استقرار اقتصادي.
ومع ذلك، يمكن أن يكون لتعويم العملة بعض الآثار السلبية أيضًا، مثل ارتفاع أسعار السلع المستوردة، وتقلبات في الأسعار تؤثر على الاستهلاك والاستثمار، وتصاعد التضخم. لذلك، يجب أن تكون الحكومات والبنوك المركزية حذرة في تنفيذ هذه السياسة واتخاذ الإجراءات الضرورية للحد من تأثيراتها السلبية المحتملة.
مثال نظري للتوضيح
لنفترض أنك تقوم بشراء الخضار بالجنيه المصري في مصر. عندما يزداد الطلب على الدولار في السوق السوداء وينخفض الطلب على الجنيه المصري، قد تشهد قيمة الجنيه المصري انخفاضًا، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الخضار في الأسواق.
بهذا، يمكن أن يكون لتعويم العملة تأثيرًا مباشرًا على الأفراد العاديين في المجتمع، حيث يرتفع سعر السلع الأساسية مثل الخضروات، مما يؤثر على قدرتهم الشرائية ومعيشتهم اليومية. تظهر هنا أهمية فهم تأثيرات تعويم العملة على مختلف فئات المجتمع، وليس فقط على الجوانب الاقتصادية الرئيسية كالبنوك والشركات.
اقرأ أيضًا: أهم التغيرات في أسواق العملات والسلع
تاريخ تعويم العملة
في بدايات الستينات من القرن الماضي، شهد العالم تحولات سياسية واقتصادية عدة دفعت إلى البحث عن بديل لاتفاقية بريتون وودز، التي كانت تحكم نظام النقد الدولي وتثبت أسعار الصرف للعملات المرتبطة بالدولار الأمريكي. لم يعد النظام قادرًا على تحمل التقلبات المستمرة في أسعار صرف العملات.
في هذا السياق، انهارت اتفاقية بريتون وودز، مما دفع إلى التفكير في نظام جديد، وظهرت اتفاقية سميثسونيان عام 1971 لتعزيز فكرة تعويم العملات. سمحت الاتفاقية للدول بتعديل أسعار صرف عملاتها بنسبة لا تتجاوز 2.25٪. ومع ذلك، لم تدم هذه الاتفاقية طويلاً وواجهت صعوبات عدة، فقررت اليابان وبعض الدول الصناعية تعويم عملاتها في عام 1973.
بعد نجاح تجربة تعويم العملة في تلك الدول، انضمت باقي الدول الصناعية إلى هذا النظام، وشهدت هذه السياسة تطورات عدة، وأصبحت واحدة من أبرز الوسائل التي تهدف إليها الدول لدعم اقتصادها وتحقيق أهدافها الاقتصادية.
وفي إطار إصلاح صندوق النقد الدولي، صادقت اتفاقية صندوق النقد الدولي في مايو 1976 على تبني تعويم العملة، وهي خطوة تهدف إلى مواكبة التطورات الاقتصادية العالمية.
اقرأ أيضًا: اكتتاب العملات الرقمية الدليل الشامل لفهمها وكيفية عملها
أسباب تعويم العملة
في الحقيقة، هناك العديد من الأسباب التي دفعت بعض الدول الكبرى، ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، إلى اتباع سياسة تعويم العملة. ويمكن أن تختلف هذه الأسباب من دولة إلى أخرى، ومن أبرز الأسباب التي دفعت الولايات المتحدة لاتباع هذه السياسة هي:
- اختلاف معدلات النمو الاقتصادي: كانت الولايات المتحدة في الماضي القوة الاقتصادية الرائدة في العالم، ولكن ظهرت قوى اقتصادية أخرى كبيرة بدأت تنافسها مثل اليابان ودول أوروبا الغربية.
- تأثير اختلاف مستويات التضخم: تغيرت أسعار الفائدة بين الدول الصناعية، مما أدى إلى تغيرات في أسعار صرف العملات.
- التنافس العالي: نتيجة التنافس الشديد بين الدول الصناعية الكبرى وتعارض المصالح بينها.
- زيادة الإنفاق الأمريكي: نتيجة لبعض الاستثمارات الخارجية وتمويل الحرب على فيتنام، حدث عجز في الميزان التجاري، واضطرت لتعويم عملتها كوسيلة لمواجهته.
- انهيار نظام بريتون وودز: نتيجة لاحتياجات الاقتصاد العالمي إلى السيولة بالدولار الأمريكي، والتي كانت الولايات المتحدة توفرها قبل حدوث العجز في ميزانها التجاري.
هذه الأسباب تجعل الولايات المتحدة واحدة من الدول الرئيسية التي تتبنى سياسة تعويم العملة، للحفاظ على مكانتها الاقتصادية العالمية وتحقيق أهدافها السياسية والاقتصادية.
اقرأ أيضًا: دليل الاستثمار في العملات الرقمية: المفاهيم، الآليات، وبدء التداول
أنواع تعويم العملة
هناك أنواع مختلفة من تعويم العملة، يمكن تقسيمها إلى نوعين رئيسيين:
تعويم العملة الخالص
تعويم العملة الخالص، المعروف أيضًا بالتعويم الحر، هو نظام يتم فيه تحديد سعر صرف العملة بشكل كامل من قبل قوى العرض والطلب في السوق، دون تدخل مباشر من الحكومة أو البنك المركزي. يتميز هذا النظام بعدم وجود قيود على تحركات العملة، حيث يمكن لسعر الصرف أن يتغير بحرية وفقًا لظروف السوق والاقتصاد. يعتبر تعويم العملة الخالص من الأنظمة الاقتصادية الحديثة التي تتبناها العديد من الدول النامية والمتقدمة لتحقيق التحرر الاقتصادي وتعزيز التجارة الدولية.
تعويم العملة المُوجّه
تعويم العملة المُوجّه، أو التعويم المُدار، هو نوع من أنواع تعويم العملة يتضمن تحديد سعر صرف العملة بشكل أساسي من قبل قوى العرض والطلب في السوق، مع تدخل محدود من الحكومة أو البنك المركزي لتوجيه العملة في اتجاه معين أو لتحقيق أهداف اقتصادية معينة. تتمثل هذه التدخلات في شراء أو بيع العملة لتحقيق توازن في السوق أو لتحقيق أهداف أخرى مثل تعزيز التصدير أو تحقيق الاستقرار الاقتصادي.
فوائد وأضرار تعويم العملة
هذا الجدول التالي يعكس فوائد وأضرار تعويم العملة:
فوائد تعويم العملة | أضرار تعويم العملة |
1. تحسين توازن الميزان التجاري | 1. زيادة التضخم |
2. زيادة التنافسية للصادرات | 2. عدم الاستقرار في الأسعار |
3. جذب الاستثمارات الأجنبية | 3. تقلبات في سعر الصرف |
4. تحفيز النمو الاقتصادي | 4. تكبد الخسائر للشركات التي تعتمد على الواردات |
5. تحقيق الاستقرار الاقتصادي | 5. تأثير سلبي على دخل الفقراء |
6. تعزيز الشفافية والكفاءة في السوق المالية | 6. زيادة الديون الخارجية |
7. تحسين العلاقات التجارية الدولية | 7. تقليل القدرة التنافسية لبعض الصناعات المحلية |
مثال واقعي عن تعويم العملة وتأثيره
تعويم الجنيه المصري كان خطوة جريئة من الحكومة المصرية لتحرير سوق الصرف وتحديد سعر الصرف بشكل أكثر شفافية وعدالة. وقد أثر هذا القرار بشكل كبير على الاقتصاد المصري وعلى المواطنين بشكل عام.
من الناحية الإيجابية، أدى تعويم الجنيه إلى زيادة جذب الاستثمارات الأجنبية، حيث أصبحت الأسعار أكثر تنافسية ومتوافقة مع الأسواق العالمية. كما ساهم في تحسين توازن الميزان التجاري وتحفيز النمو الاقتصادي.
من ناحية أخرى، شهدت فترة الانتقال إلى نظام تعويم الجنيه ارتفاعًا في أسعار السلع الأساسية، مما أثر سلبًا على الفقراء والطبقات المحدودة من المجتمع. كما زادت تقلبات سعر الصرف من التحديات التي تواجه الشركات والأفراد في إدارة ميزانياتهم.
بشكل عام، يمثل تعويم الجنيه خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز التنافسية، ولكن يجب أن يتم برنامج تعويم العملة بحكمة وتدريجية لتجنب الآثار الجانبية السلبية.
شرح مصطلح الإنتربنك
الإنتربنك هو آلية تستخدم لتحديد سعر صرف عملة معينة في الدول التي تتبع سياسة تعويم العملة. تقوم هذه الآلية على إجبار البنوك على الإعلان عن أسعار البيع والشراء للعملات بشكل مباشر يومياً. وتتطلب هذه الآلية من البنوك الامتثال لها وعدم رفض الإعلان عن الأسعار، وذلك لتحقيق الشفافية وتحديد الأسعار بناءً على العرض والطلب دون تأثير من السوق السوداء أو شركات الصرافة.
تعويم العملة يعني تحرير سعر صرف العملة وتركه ليتحدد بناءً على عرضها وطلبها في السوق. تتضمن الإيجابيات تحسين التنافسية الصادرات وتحسين الرقابة النقدية، وجذب الاستثمارات الأجنبية. أما السلبيات فتشمل تضخم الأسعار وعدم الاستقرار الاقتصادي.
الأسئلة الشائعة
ما هو معنى تعويم الجنيه؟
يُعني تعويم الجنيه أن البنك المركزي لم يعد يتدخل في تحديد سعر الصرف، بل يتم تحديده بناءً على كميات العرض والطلب عليه وكأنه بالضبط أحد السلع التجارية.
هل تم تعويم الجنيه في مصر؟
نعم، تم ذلك أكثر من مرة في مصر، حيث كان أول تعويم في عام 1977، وآخره في مارس من عام 2023 الماضي.
ما معنى كلمة تعويم في اللغة العربية؟
تعويم في اللغة العربية تعني الطفو فوق الماء كتعويم الخشب، أو تأتي بمعنى وضع المعادن في المياه وإثارتها ليترسب الثقيل منها ويطفو الخفيف.