تحليلاتتحليل الدولار الأمريكي

لماذا يرى جيروم باول أن ارتفاع إيجار المنازل عقبة أمام خفض أسعار الفائدة الأمريكية

تشكل إيجارات المنازل العقبة الأكبر المتبقية أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في خفض التضخم إلى هدفه البالغ 2%، وهذا يشير إلى الإيجارات كما تم قياسها في مؤشر أسعار المستهلك (CPI)، وهو معيار رئيسي للاحتياطي الفيدرالي. لكن مؤشرات القياس الأخرى التي تهدف إلى تقديم بيانات أكثر حداثة تظهر أن ارتفاع أسعار الإيجار قد تراجع بوتيرة أسرع مما يشير إليه مؤشر أسعار المستهلك.
ويعود الكثير من هذا التباين إلى الخصوصيات المنهجية لمكون من مكونات مؤشر أسعار المستهلك يُعرف باسم “الإيجار المكافئ لأصحاب المنازل” أو OER.
ونظرا لأن الإيجارات تشكل نسبة كبيرة من مؤشر أسعار المستهلك، فإن قراءات OER التي جاءت أعلى من المتوقع في وقت سابق من هذا العام دفعت مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى الإشارة إلى أنهم سيصمدون لفترة أطول مما هو مخطط له في الأصل قبل خفض أسعار الفائدة التي رفعوها بشكل حاد في عامي 2022 و 2023 لمكافحة التضخم.
ووصف رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في 14 مايو تضخم قطاع الإسكان بأنه “لغز إلى حد ما”، مشيرًا إلى أن التباين بين التدابير المختلفة يعني “علينا الانتظار”. وأظهرت بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر أبريل والتي نشرت في 15 مايو، اعتدالا طفيفا في كل من الإيجارات والتضخم بشكل عام.
كيف يتم قياس الإيجار في مؤشر أسعار المستهلك

يتتبع مؤشر أسعار المستهلك نوعين من الإيجارات. الأول هو إيجار المسكن الرئيسي، والذي يغطي تكاليف السكن التي يواجهها المستأجرون. والثاني هو OER، الذي يتتبع التغييرات في الإيجارات الافتراضية التي ستكون عليها الأمور إذا قرر الملاك تأجير عقاراتهم بدلا من امتلاكها. إن النظر إلى ما يسمى بالإيجار المحسوب يسمح لمؤشر أسعار المستهلك بالتركيز على تكلفة المأوى الذي يوفره العقار، دون التفكير في أي تغيير في قيمته كأصل.

يعد OER أكبر مكون من أربعة مكونات تشكل فئة المأوى في تقرير مؤشر أسعار المستهلك، مما يعكس حقيقة أن معظم الأمريكيين يمتلكون منازلهم بدلا من استئجارها. ويشكل OER نسبة ضخمة تبلغ 27% من مؤشر أسعار المستهلك، بينما يمثل إيجار المسكن الرئيسي 8% أخرى من المؤشر. وهذا يعني أن الإيجارات مجتمعة تشكل أكثر من ثلث مؤشر أسعار المستهلك، مما يجعلها أهم عامل واحد يحدد قراءات التضخم الأوسع.

مفاجآت مقياس الإيجار المكافئ لأصحاب المنازل (OER)

كان انخفاض قيمة الإيجار المكافئ لأصحاب المنازل (OER) خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام أبطأ مما توقعه الاقتصاديين عموما. وقد لعب هذا دورا كبيرًا في أرقام مؤشر أسعار المستهلك التي أظهرت تسارع التضخم بشكل عام. وكانت بيانات شهر يناير مفاجئة بشكل خاص، لأن الإيجار المكافئ لأصحاب المنازل قد ارتفع بالفعل بنسبة 0.56%، وهي النسبة الأعلى منذ بداية عام 2023، بدلا من تسجيل المزيد من الانخفاض مثل مكون إيجار المسكن الرئيسي، الذي ارتفع بنسبة 0.36% فقط.

بعد بضعة أسابيع، أثار موظف في مكتب إحصاءات العمل بعض الجدل عندما أرسل بريدا إلكترونيا إلى “المستخدمين البارزين” لبيانات الوكالة. في البريد الإلكتروني، اقترح المحلل أن الفجوة نجمت عن زيادة وزن الوحدات المنفصلة ذات العائلات الواحدة داخل عينة الإيجار المكافئ لأصحاب المنازل. وأوضح مكتب إحصاءات العمل لاحقا أن الوزن قد زاد بحوالي خمس نقاط مئوية. لكن هذا لم يرضي المحللين الذين أشاروا إلى أن مثل هذه القفزة لن تكون كافية لتفسير الارتفاع المفاجئ في يناير.

ثم استضاف مكتب إحصاءات العمل ندوة عبر الإنترنت في 7 مارس حول هذا الموضوع، حيث قدم معلومات إضافية تشير إلى أن تعديل المرافق لعب دورا مهمًا في التباين بين مكوني مؤشر أسعار المستهلك في يناير. وفقًا للورا روسنر-واربرتون، شريكة في شركة أبحاث MacroPolicy Perspectives، من المتوقع أن تبدأ الزيادات الأخيرة في أسعار المرافق في تقريب أرقام الإيجار المكافئ لأصحاب المنازل وإيجار المسكن الرئيسي في الأشهر المقبلة.

ما يعنيه كل هذا لأسعار الفائدة

ترسل المؤشرات الرائدة، إشارات قوية بأن التضخم في الإيجارات سيعود إلى مستوياته ما قبل الوباء التي تتراوح بين 3% و 4%، (هذا معدل يتوافق مع هدف التضخم البالغ 2٪ الذي حدده بنك الاحتياطي الفيدرالي، حيث تقل عادةً أجزاء أخرى من مؤشر أسعار المستهلك عن 2%.) وهذا يعني أن أكبر ارتفاع في تكاليف الإيجار قد ولى وانتهى، والسوق يعود إلى طبيعته. ولكن من الصعب تحديد متى سيبدأ مؤشر أسعار المستهلك في عكس هذا الاتجاه، بالنظر إلى تعقيدات حساب الإيجار المكافئ لأصحاب المنازل (OER) والتأخير المصاحب لها.
هناك جدل حول ما إذا كان ينبغي على بنك الاحتياطي الفيدرالي أن يتجاوز تلك الخصوصيات المنهجية ويشرع في خفض أسعار الفائدة المخطط له والتي تم تعليقها الآن. لكن يبدو أن تحدي أرقام مؤشر أسعار المستهلك سيكون مهمة صعبة بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، خاصة وأن المسؤولين هناك لا يزالون يعالجون آثار التقليل من شأن ارتفاع التضخم في عام 2021 ويواجهون انتقادات حادة بسبب تحركهم ببطء شديد، في رأي الكثيرين، لبدء رفع أسعار الفائدة.
وقال باول في تصريحاته التي أدلى بها في 14 مايو في فعالية استضافها اتحاد المصرفيين الأجانب في أمستردام، إن بنك الاحتياطي الفيدرالي تعلم أن التأخير “أطول مما كنا نظن” عندما يتعلق الأمر بأرقام مؤشر أسعار المستهلك مقابل إيجارات السوق. وأضاف أن انخفاض التضخم في قطاع الإسكان “سيظهر” في النهاية، “لكن علينا أن ننتظر حدوث ذلك”.
اقرأ أيضا…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى