ستقرار أسعار النفط بالقرب من أعلى مستوى مع تجدد حرب التعريفات

تشهد أسعار النفط استقرارا ملحوظا يوم الخميس، حيث بقيت الأسعار عند مستويات قريبة من أعلى مستوى لها منذ شهر، وسط حالة من الترقب الشديد لتأثيرات الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلنت عنها الولايات المتحدة.
وتأتي هذه التطورات في ظل مخاوف من تجدد حرب التعريفات التجارية، التي أثرت بالفعل على الأسواق العالمية، بالإضافة إلى الضغوط الناجمة عن تراجع الإمدادات وتحولات في بيانات المخزونات الأمريكية.
تأثير الرسوم الجمركية الجديدة على أسعار النفط
فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء رسوما جمركية بنسبة 25% على الدول التي تستورد النفط الفنزويلي، ما أثار حالة من عدم اليقين في الأسواق.
وتعد فنزويلا المصدر الرئيسي للنفط الذي تتعامل معه بعض الدول، ومن أبرز المشترين لها الصين. وقد تسببت هذه الإجراءات في وقف تجارة النفط الفنزويلي إلى الصين، مما أدى إلى زيادة المخاوف بشأن العرض العالمي.
وفي ظل هذه التطورات، أشار محلل شركة Panmure Liberum، تاماس فارغا، إلى أن الضغط على العرض قد يتزايد إذا ما استمرت العقوبات الأمريكية، مما يرفع من توقعات المستثمرين بتقليل الإمدادات النفطية على المدى القريب.
بيانات المخزونات الأمريكية ودورها في دعم الأسعار
أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي انخفاضا ملحوظا في مخزونات النفط الخام والوقود، مما يعتبر مؤشرا إيجابيا للأسعار على المدى القصير.
فقد سجلت المخزونات انخفاضا مدعوما ببيانات تشير إلى انخفاض كمية النفط المخزونة، مما يظهر أن الطلب على المنتجات النفطية لا يزال قويا في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وعلى الرغم من أن الأسعار شهدت ارتفاعا يوم الأربعاء بنحو 1% لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ فبراير، فإن الأخبار المتعلقة بتطبيق الرسوم الجمركية ما زالت تؤثر على توجهات السوق، مما يدفع المستثمرين إلى تبني موقف مترقب قبل اتخاذ قرارات جذرية.
تأثير الرسوم الجمركية على الطلب من قطاع السيارات
يضاف إلى ذلك تأثير الرسوم الجمركية الجديدة على واردات السيارات، إذ أعلن الرئيس ترامب أيضا عن فرض رسوم بنسبة 25% على السيارات والشاحنات الخفيفة المستوردة، مما أثار توقعات بأن يؤدي ارتفاع أسعار السيارات إلى إبطاء تحول المستهلكين نحو نماذج السيارات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود.
ووفقا لتحليل المحلل توني سيكامور من شركة IG، فإن ارتفاع أسعار السيارات الناتج عن الرسوم الجمركية قد يكون له تأثير إيجابي على الطلب على النفط، إذ أن تباطؤ عملية استبدال السيارات القديمة بالجديدة قد يقلل من استهلاك السيارات الأكثر كفاءة، مما يساهم في دعم الطلب على النفط.
توقعات البنوك لأسعار النفط
يشير محلل UBS، جيوفاني ستاونوفو، إلى أن سوق النفط يظهر إشارات إيجابية مؤقتة على الرغم من الضغوط التي تفرضها الرسوم الجمركية والتوترات التجارية.
فقد أُظهرت تحركات الأسعار الأخيرة أن هناك توقعا بقلة العرض العالمي بسبب العقوبات الأمريكية على النفط الفنزويلي، ما قد يؤدي إلى دعم الأسعار في المدى القصير.
ومع ذلك، فإن تزايد المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي العالمي قد يحد من ارتفاع الأسعار، مما يخلق توازنا حساسا بين عوامل العرض والطلب.
من جهة أخرى، تتوقع جهة التحليل في بنك DBS أن لا تعود الأسعار إلى مستويات مرتفعة تشبه تلك التي سجلت في أوائل عام 2025، نظرا للغموض المستمر في السياسات الأمريكية واحتمالية تجدد حروب التعريفات التي قد تضعف الطلب العالمي على النفط.
ويشير المحللون إلى أن هذه الحالة من عدم اليقين ستظل تؤثر على توقعات النمو الاقتصادي، مما قد يؤدي إلى تذبذب الأسعار في الأشهر القادمة.
إدارة ترامب تدعو منتجي النفط والوقود الحيوي للتوصل إلى اتفاق
أمرت إدارة الرئيس دونالد ترامب منتجي النفط والوقود الحيوي في الولايات المتحدة بالتوصل إلى اتفاق حول المرحلة المقبلة من سياسة الوقود الحيوي الوطنية، وذلك لتجنب الصدامات السياسية التي شهدتها إدارته السابقة.
جاء هذا الإجراء استجابة للتحديات الناجمة عن المنافسة التقليدية بين شركات النفط الكبرى ومنتجي الوقود الحيوي في منطقة المزارع الأمريكية، حيث تتصارع هذه الأطراف على حصة من سوق البنزين الأمريكي الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات.
وتعد شركات النفط الكبرى والجهات المنتجة للوقود الحيوي في منطقة المزارع (Farm Belt) منافسين تقليديين في السوق الأمريكي، حيث يتنازعون على حصة السوق بموجب برنامج معيار الوقود المتجدد (Renewable Fuel Standard – RFS).
وينص هذا البرنامج على إلزام السوق بخلط مليارات الجالونات من الإيثانول المستخرج من الذرة وغيره من الوقود الحيوي مع الوقود الأحفوري، ما يؤدي إلى نزاعات مستمرة حول تفاصيل أحجام الخلط والإعفاءات الممنوحة للمصافي الصغيرة.
وقد شهدت هذه الخلافات جدالات سياسية واقتصادية مستمرة خلال الفترات الماضية، مما أدى إلى ضغوط كبيرة على كلا القطاعين.
وأدت توجيهات البيت الأبيض إلى عقد اجتماعات ثنائية بين ممثلي صناعة النفط ومنتجي الوقود الحيوي، وقد عقدت اجتماعين على الأقل حتى الآن، من بينهما اجتماع نظمه معهد النفط الأمريكي (API) الأسبوع الماضي.
وتناولت الاجتماعات قضايا حيوية مثل تحديد حجم أحجام الخلط الإلزامية المستقبلية، وتوفير إعفاءات للمصافي الصغيرة، وكذلك السياسات الضريبية المتعلقة بالوقود الحيوي.
وقد أكدت هذه الاجتماعات على استعداد كلا القطاعين للتعاون والتفاوض على التفاصيل التي طالما كانت مصدر نزاعات وصراعات خلال الفترات السابقة.
اقرأ أيضا…