توقعات الفيدرالي الأمريكي: تحديث توقعات أسعار الفائدة وسط حالة من عدم اليقين الاقتصادي

من المقرر أن يقوم الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتحديث توقعاته لأسعار الفائدة خلال اجتماع يوم الأربعاء، فيما يبقى التذبذب قائماً في الأسواق المالية بسبب حالة عدم اليقين الاقتصادي والسياسي التي تشهدها الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من أن الغالبية العظمى من المسؤولين في اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) يتوقع منهم الحفاظ على أسعار الفائدة عند المستويات الحالية، فإنهم قد يقومون بتعديل توقعاتهم بشأن مسار الاقتصاد الأمريكي والتضخم ومستقبل تخفيضات أسعار الفائدة.
وسيركز خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، الذي سيلقيه بعد الاجتماع، على توضيح تلك التوقعات في ظل الضغوط المتزايدة الناتجة عن السياسات التجارية التي يتبعها الرئيس دونالد ترامب.
توقعات عدم تغيير أسعار الفائدة والتحديثات الاقتصادية
تشير التوقعات السائدة إلى أن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لن تجري تخفيضا في أسعار الفائدة خلال الاجتماع الحالي، إذ يتوقع أن يبقى النطاق المستهدف لأسعار الفائدة بين 4.25% و4.5%.
وقد أكدت تصريحات جيروم باول في الأسابيع الأخيرة أن الاحتياطي الفيدرالي يتبع نهجا صبورا، حيث يفضل عدم التسرع في اتخاذ خطوات جديدة إلا إذا توافرت بيانات واضحة تؤكد تباطؤا أكبر في النشاط الاقتصادي وتراجعا ملحوظا في ضغوط التضخم.
ومع ذلك، فإن المسؤولين سيحدثون توقعاتهم الاقتصادية، بما يشمل تحديث تقديراتهم للناتج المحلي الإجمالي، والبطالة، والتضخم على مدى السنوات المقبلة، ومن المحتمل أن تشير تلك التوقعات إلى ضرورة تعديل مسار السياسة النقدية في المستقبل، سواء من خلال تخفيضات إضافية أو من خلال تغييرات في توقيت هذه التخفيضات.
التأثيرات المحتملة للسياسات التجارية
تأتي هذه التحديثات في ظل بيئة اقتصادية معقدة تتداخل فيها تأثيرات السياسات التجارية المتقلبة التي يتبعها الرئيس ترامب. فقد أدت تلك السياسات، التي تشمل فرض وتعليق تعريفات على واردات السلع من كندا والمكسيك والصين، إلى خلق حالة من عدم اليقين في الأسواق المالية.
ورغم أن العديد من المستثمرين كانوا يتوقعون أن تدعم تلك السياسات الدولار الأمريكي، إلا أن ردود الفعل كانت مختلطة، مما أدى إلى تقليل الثقة في النمو الاقتصادي المستقبلي.
وأوضح أحد الاقتصاديين البارزين، دان نورث من شركة Allianz Trade North America، بأن “الاحتمالات بتخفيض أسعار الفائدة في الاجتماع الحالي ضئيلة جدا، وأن أي تغيير في توقعات النمو الاقتصادي سيعزز من ميل اللجنة إلى عدم التسرع في تخفيض الأسعار في الوقت الراهن.”
مراجعة توقعات أسعار الفائدة والمخططات المستقبلية
يُستخدم المخطط المعروف بـ”dot plot” أو مخطط النقاط في اجتماعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة لتوضيح توقعات الأعضاء بشأن مسار أسعار الفائدة.
وفي الوقت الحالي، تتباين الآراء حول عدد التخفيضات المحتملة التي قد يجريها الاحتياطي الفيدرالي خلال الفترة المقبلة. فقد يبقي الاحتياطي على توقعاته السابقة التي أشارت إلى تخفيضين، أو قد يقرر تعديلها بناء على البيانات الاقتصادية المتغيرة.
ومع ذلك، فإن توقعات السوق تشير إلى احتمالية تخفيض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في الاجتماع القادم بنسبة ضئيلة، بينما يتوقع أن يكون السيناريو الأكثر احتمالا هو عدم إجراء أي تخفيض في هذا الاجتماع، وذلك لتفادي زيادة حالة عدم اليقين التي قد تؤثر سلبا على الاقتصاد.
المخاوف الاقتصادية وتأثيرها على المعنويات
يرتفع مستوى القلق بين المستثمرين بسبب المخاوف من أن تؤدي السياسات التجارية الحمائية إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، مما قد يدفع اللجنة الفيدرالية إلى تقييد خياراتها في خفض أسعار الفائدة.
وبحسب تصريحات محلل من Macquarie، فإن تلك المخاوف تؤثر سلبا على توقعات الأسواق بشأن مستقبل السياسات النقدية، حيث يتوقع أن يؤجل أي تخفيض إضافي لأسعار الفائدة إلى عام 2026 في حال لم تتحسن المعطيات الاقتصادية.
تأثير البيانات الاقتصادية القادمة
يعتبر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبيانات الاقتصاد الهامة القادمة، مثل بيانات الناتج المحلي الإجمالي ومبيعات التجزئة ومؤشرات سوق العمل، عوامل حاسمة ستحدد ما إذا كانت المخططات المستقبلية ستتضمن تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة أم لا.
ففي ظل البيانات الاقتصادية المتذبذبة، يبقى المستثمرون في حالة ترقب لمعرفة ما إذا كان سيشهد الاقتصاد الأمريكي تراجعا ملحوظا يؤدي إلى ضرورة تحفيز النشاط الاقتصادي من خلال تخفيض أسعار الفائدة، من جانب آخر، تؤثر هذه البيانات أيضا على توقعات التضخم، والذي بدوره يعد من العوامل الرئيسية التي تحدد مسار السياسة النقدية.
في الختام، يتوقع أن يعلن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي عن تحديث توقعاته الاقتصادية خلال اجتماع اليوم، حيث يتوقع أن يظل البنك المركزي متحفظا في عدم تخفيض أسعار الفائدة في الوقت الحالي، إلا أنه قد يحدث تعديلات في توقعاته للناتج المحلي الإجمالي، والبطالة، والتضخم.
وتأتي هذه التحديثات في ظل بيئة اقتصادية معقدة تتداخل فيها المخاوف الناتجة عن السياسات التجارية للولايات المتحدة مع حالة عدم اليقين العالمية.
وبينما ينتظر المستثمرون تصريحات جيروم باول والتحديثات الاقتصادية القادمة، ستظل تأثيرات تلك البيانات والعوامل الاقتصادية المحيطة عاملا رئيسيا يحدد توجهات السوق المالية والاقتصادية في الفترة المقبلة.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد