استقرار الدولار وسط حالة من عدم اليقين وترقب قرار الفيدرالي

شهد الدولار الأمريكي تداولا متماسكا خلال يوم الثلاثاء، حيث تذبذب ضمن نطاق ضيق في ظل توقعات المستثمرين بشأن قرار أسعار الفائدة المقبل من الاحتياطي الفيدرالي.
وتأتي هذه الحالة في وقت يترقب فيه المستثمرون خطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، والذي قد يؤثر بشكل كبير على توجهات السياسة النقدية وتوقعات السوق، ما يجعل الدولار الأمريكي في حالة ترقب دائم وسط بيئة اقتصادية عالمية مليئة بالتحديات.
تأثير قرار الاحتياطي الفيدرالي والخطاب المحتمل
تشير التوقعات السائدة إلى أن البنك المركزي الأمريكي من المرجح أن يبقي أسعار الفائدة دون تغيير في الاجتماع المقبل، وهو ما سيعتبر خطوة دوفية قد تضعف من قوة الدولار.
وفي المقابل، يمكن أن يوفر خطاب جيروم باول، الذي سيسلط الضوء على آفاق السياسة النقدية، دعما مؤقتا للعملة إذا تبنى موقفًا أكثر تشددا، فإن التباين في التوجهات النقدية قد يؤدي إلى تغيير ملحوظ في معنويات السوق؛ إذ إن موقفا تيسيريا سيؤدي إلى انخفاض الدولار، بينما قد يحفز الموقف المتشدد الطلب على العملة الأمريكية مؤقتا.
المخاوف الاقتصادية العالمية وتأثيرها على الدولار
بالإضافة إلى تأثير قرار الاحتياطي الفيدرالي، يواجه الدولار ضغوطا إضافية نتيجة للمخاوف المتزايدة بشأن النمو الاقتصادي العالمي.
فقد جاءت بيانات مبيعات التجزئة الأمريكية أسوأ من المتوقع، مما أثر سلبا على ثقة المستثمرين، كما أشارت توقعات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي مرتبطا بسياسات التجارة الحمائية التي يتبعها الرئيس ترامب.
وتساهم هذه العوامل في تخفيض الطلب على الدولار، إذ يفضل المستثمرون البحث عن أصول أكثر أمانا واستقرارا في ظل هذه المخاوف.
تأثير عوائد سندات الخزانة والبيانات الاقتصادية
تأثرت عوائد سندات الخزانة الأمريكية في ظل عدم وضوح الاتجاه المستقبلي لسياسات الفيدرالي؛ فقد ظل عائد السند لأجل 10 سنوات قريبا من 4.3%، مما يشير إلى استقرار نسبي في معدلات الفائدة، على الرغم من توقعات بتراجعها إذا ما تبنى الاحتياطي الفيدرالي سياسات نقدية أكثر تيسيرا.
وفي ظل هذه الحالة، قد تضغط البيانات الاقتصادية القادمة، مثل تقرير الناتج المحلي الإجمالي ومبيعات التجزئة، على المستثمرين للبحث عن مؤشرات على تباطؤ اقتصادي قد يدفع البنك الاحتياطي إلى تخفيض أسعار الفائدة، وإذا تحقق ذلك، سيصبح الدولار أقل جاذبية مقارنة بالأصول التي لا تدر عائدا مثل الذهب.
تأثير المحادثات الدبلوماسية على معنويات الدولار
تشكل المحادثات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وروسيا بعدا إضافيا يؤثر على معنويات السوق، ففي الوقت الذي يتوقع فيه أن يجري الرئيس ترامب مكالمة هاتفية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمناقشة سبل إنهاء الصراع في أوكرانيا، قد تسهم التطورات الدبلوماسية الإيجابية في تعزيز الثقة في الاقتصاد العالمي، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب على الدولار كأصل ملاذ آمن.
وعلى النقيض من ذلك، فإن أي تراجع في المساعي الدبلوماسية قد يُفيد الدولار، إذ يظل المستثمرون يميلون إلى اللجوء إلى العملة الأمريكية في أوقات عدم اليقين الشديد.
تأثير السياسات التجارية والحماية الاقتصادية
يواصل تأثير السياسات التشددية التي يتبعها الرئيس ترامب إحداث تقلبات في الأسواق المالية، حيث أدت سلسلة من الإفادات حول فرض وتعليق التعريفات الجمركية إلى خلق حالة من التذبذب في توقعات المستثمرين.
وتعتبر هذه السياسات جزءا من استراتيجية لحماية الصناعات الأمريكية، لكنها في الوقت ذاته تضيف عبئا على النمو الاقتصادي العالمي، وإن تراجع الثقة الناتج عن تلك السياسات يؤدي إلى انخفاض الطلب على الدولار ويزيد من رغبة المستثمرين في تنويع محافظهم باستخدام أصول آمنة.
في النهاية يبدو أن الدولار الأمريكي يشهد استقرارا نسبيا وسط حالة من عدم اليقين المتزايدة التي تنجم عن توقعات قرار أسعار الفائدة من الاحتياطي الفيدرالي وتذبذب السياسات التجارية الأمريكية.
وفي ظل هذه البيئة، يتأثر الدولار ببيانات الاقتصاد الأمريكي التي تشير إلى تراجع الطلب مع زيادة المخاوف من تباطؤ النمو العالمي، إلى جانب تأثير العوامل الدبلوماسية المتعلقة بالمحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا.
وبينما يترقب المستثمرون خطاب جيروم باول والبيانات الاقتصادية المقبلة، سيظل الدولار في وضع حساس، حيث قد تتغير معنويات السوق بسرعة بناءً على تطورات السياسة النقدية والتجارية. وفي هذه الأثناء، يبقى المستثمرون في حالة ترقب لمؤشرات السوق التي ستحدد مدى استمرار الدولار في الحفاظ على مكانته كأصل احتياطي عالمي.
اقرأ أيضا…