انهيار الأسهم الأمريكية وتراجع نفيديا وسط تأكيدات ترامب للتعريفات

شهدت الأسواق المالية الأمريكية تقلبات شديدة خلال جلسة التداول الأخيرة، حيث تراجعت الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ بعد تصريحات الرئيس دونالد ترامب بشأن تنفيذ تعريفات جديدة على السلع القادمة من كندا والمكسيك.
كما تأثرت أسهم شركة نفيديا بانخفاض حاد تجاوز 8% بعد صدور تقرير الأرباح، مما عمّق الهبوط الشهري في مؤشرات الأسهم الأمريكية. تأتي هذه التطورات في وقت تزداد فيه المخاوف من تداعيات السياسات التجارية وتأثيرها على الاقتصاد الأمريكي العالمي.
تأثير تصريحات ترامب على السوق
أعلن الرئيس ترامب عبر منصة Truth Social عن أن التعريفات بنسبة 25% على السلع القادمة من كندا والمكسيك ستدخل حيز التنفيذ في 4 مارس، بعد انتهاء فترة وقف التعريفات لمدة شهر.
وأوضح ترامب أن هذا الإجراء يأتي نتيجة لعدم تمكن الدول المجاورة من الحد من تدفق المخدرات عبر الحدود بالشكل الكافي.
كما ذكر أيضا إمكانية فرض تعريفات إضافية على السلع المستوردة من الصين، التي تواجه بالفعل تعريفات بنسبة 10%. وقد أدت هذه التصريحات إلى تصاعد المخاوف بين المستثمرين، مما أسفر عن بيع مكثف للأسهم الأمريكية. وفي هذه الأثناء، تراجعت العملات المجاورة للدولار؛ إذ انخفض الدولار الكندي والبيزو المكسيكي، مما زاد من الضغوط على الأسواق العالمية.
تأثير الأخبار على مؤشرات الأسهم الأمريكية
تأثرت مؤشرات الأسهم الأمريكية بشكل ملحوظ بهذه التطورات. فقد تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 1.59% ليغلق عند 5,861.57 نقطة، فيما هبط مؤشر ناسداك المركب بنسبة 2.78% ليصل إلى 18,544.42 نقطة، مدفوعا بانخفاض حاد في أسهم الشركات التكنولوجية، وعلى رأسها شركة Nvidia.
كما خسر مؤشر داو جونز الصناعي 193.62 نقطة (0.45%) لينهي اليوم عند 43,239.50 نقطة. وتشير هذه الانخفاضات إلى أن الأسهم الأمريكية تواجه أسوأ أسبوع منذ سبتمبر 2024، حيث تتراجع قيمتها بسبب المخاوف المتعلقة بالسياسات التجارية والتوترات الاقتصادية.
تحليل أداء نفيديا
رغم أن شركة Nvidia تجاوزت تقديرات الأرباح في الربع الرابع من حيث الإيرادات والأرباح المعدلة، إلا أن الشركة واجهت تراجعا حادا في الأسعار، إذ انخفض سهمها بنسبة 8.5% خلال الجلسة.
وتعزى هذه الحركة إلى عدة عوامل؛ فمن جهة، جاءت النتيجة المالية مع تراجع في هوامش الربح الإجمالية وأصغر مفاجأة إيجابية في الإيرادات خلال عامين، مما أثار تساؤلات حول قدرة الشركة على الحفاظ على زخم النمو الذي حققته في الفترة الماضية.
ومن جهة أخرى، أدت حالة السوق المتقلبة والتوترات الناتجة عن تصريحات ترامب إلى زيادة المخاوف بين المستثمرين بشأن استقرار الأسهم الأمريكية بشكل عام، خاصةً وأن القطاع التكنولوجي يشكل جزءًا كبيرًا من المؤشرات الرئيسية.
التوتر الاقتصادي ومؤشرات السوق
أضافت مؤشرات اقتصادية أخرى إلى حالة عدم اليقين في السوق. فقد ارتفعت طلبات إعانة البطالة إلى 242,000 للمرة الأخيرة، بزيادة قدرها 22,000 عن الأسبوع السابق، وهو رقم يفوق تقديرات السوق التي كانت عند 225,000.
كما أظهرت تقارير اقتصادية أخرى انخفاض ثقة المستهلك وتراجع مبيعات التجزئة، مما أثر سلبًا على توقعات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة. ينتظر المستثمرون اليوم بيانات مؤشر إنفاق المستهلك الشخصي، وهو المؤشر المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي لتقييم التضخم، مما يزيد من حالة الترقب في الأسواق.
آراء الخبراء وتوقعات مستقبلية
أشار بعض المحللين إلى أن السوق متوقف بين موجات من التضاؤل والانتعاش، حيث وصفهم جاى هاتفيلد، الرئيس التنفيذي لشركة Infrastructure Capital Advisors، بأن السوق دخل مرحلة “ثابتة ومحدودة” في ظل الانتظار لتوضيح السياسات التجارية.
وفي الوقت نفسه، تناول محللون من بنك أوف أمريكا مثل فيفيك آريا نقاط تقييم شركة نفيديا، معتبرين أن أسعار الأسهم الحالية توفر فرصة جذابة للمستثمرين. وأن الطلب على منتجات نفيديا لا يزال قويا، وأن السعر الحالي للسهم يظهر قيمة مقنعة مقارنة بنمو الأرباح، مؤكدا أن التكاليف الأولية لعملية الانتقال إلى الجيل الجديد من المنتجات تعتبر مسائل قصيرة الأجل.
كما رفع هدفه السعري للسهم إلى 200 دولار، مما يشير إلى إمكانات ارتفاع بنسبة تزيد عن 52% مقارنة بسعر إغلاق الجلسة السابقة.
ختاما تتأرجح الأسهم الأمريكية في ظل بيئة مليئة بالتحديات، حيث أثرت تصريحات ترامب بشأن التعريفات على معدلات التداول والتوقعات الاقتصادية.
ويعد تراجع سهم نفيديا جزءا من هذا السياق العام الذي يشهد ضغوطًا متزايدة على السوق، مع تنامي المخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة.
وبينما ينتظر المستثمرون بيانات التضخم القادمة لتحديد مسار السياسة النقدية المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي، يستمر تحليل الأسواق المالية في الكشف عن ديناميكيات معقدة تجمع بين السياسات التجارية المتشددة والظروف الاقتصادية المتقلبة.
ويبقى من الضروري للمستثمرين متابعة التطورات الدقيقة لاتخاذ قرارات مستنيرة في ظل هذه البيئة المتقلبة، حيث تعكس تحركات الأسهم الأمريكية حالة عدم اليقين والتفاعل السريع مع التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية.
اقرأ أيضا…
تعليق واحد