تراجع أسعار النفط وسط المخاوف من حرب تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والصين

شهدت أسعار النفط انخفاضا ملحوظا يوم الأربعاء، في ظل ارتفاع مخزونات النفط الأمريكية وتزايد المخاوف من اندلاع حرب تجارية جديدة بين الولايات المتحدة والصين.
وجاءت هذه التطورات في وقت تتنافس فيه عدة قوى اقتصادية على السيطرة على الأسواق العالمية، مما أثار مخاوف من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي.
وفي الوقت نفسه، حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استعادة تأثيره السابق من خلال تجديد حملته الرامية إلى تقليل صادرات النفط الإيراني، إلا أن هذه الخطوات لم تستطع تعويض الضغوط الناجمة عن التوترات التجارية.
تأثير المخزونات الأمريكية والتوترات التجارية على الأسعار
أظهرت البيانات أن انخفاض أسعار النفط جاء نتيجة لارتفاع مخزونات النفط الأمريكية بشكل يفوق التوقعات. فقد زادت المخزونات بنحو 5.03 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في 31 يناير، وفقا لبيانات معهد البترول الأمريكي (API).
كما شهدت مخزونات البنزين ارتفاعا قدره 5.43 مليون برميل، في حين تراجعت مخزونات المشتقات النفطية بنحو 6.98 مليون برميل. تشير هذه الأرقام إلى ضعف الطلب على النفط في السوق، وهو ما يستدل عليه من زيادة المخزونات في أكبر مستهلك للنفط عالميا.
تداعيات الرسوم الجمركية وتوترات التجارة الدولية
في خطوة أثارت موجة من الذعر في الأسواق، فرضت إدارة ترامب رسوما جمركية على واردات السلع من الصين، بالإضافة إلى فرض تعريفات على واردات السلع من كندا والمكسيك.
وأدى هذا التصعيد إلى انخفاض أسعار النفط، إذ تراجعت عقود خام غرب تكساس (WTI) بمقدار 1.21 دولار، أي بنسبة 1.65% لتصل إلى 71.95 دولار للبرميل وقت نشر هذا التقرير، بينما انخفضت عقود خام برنت بمقدار 73 سنتا، أي بنسبة 1% لتصل إلى 75.23 دولار للبرميل.
جاءت هذه التحركات بعد إعلان الصين عن فرض رسوم جمركية جديدة على بعض الواردات الأمريكية مثل النفط والغاز الطبيعي المسال والفحم، كرد فعل سريع على التعريفات الأمريكية على الصادرات الصينية. وفي الوقت الذي أثار فيه ترامب تحذيرات بشأن هذه الرسوم التجارية، حاول إعادة تفعيل حملة “الضغط الأقصى” على إيران، والتي سبق أن أدت إلى انخفاض صادرات النفط الإيراني إلى مستويات شبه معدومة خلال فترة رئاسته الأولى.
ردود الفعل في الأسواق العالمية والآثار الاقتصادية المحتملة
هناك قلق بين المستثمرين بشأن تأثير هذه الإجراءات على النمو الاقتصادي العالمي. فإن الفوضى الناتجة عن الرسوم الجمركية وحرب التعريفات التجارية ليست جيدة للنمو العالمي ولزيادة الطلب على النفط، مما قد يؤدي إلى انخفاض الاستثمارات وحجم الإنفاق الاستهلاكي.
وأن هذه الظروف قد تؤدي إلى تراجع الطلب على النفط في المدى القريب، خاصة إذا لم يتم تعديل سياسات الإنتاج من قبل أعضاء تحالف أوبك+.
من جانب آخر أن إعادة فرض العقوبات على إيران قد تؤدي إلى حدوث ضغط عرض إضافي، مما قد يحافظ على زخم ارتفاع أسعار النفط إذا تباطأت إجراءات زيادة الإنتاج لدى منتجي أوبك+.
وقد كانت صادرات إيران تشكل جزءا هاما من إمدادات النفط العالمية، حيث بلغت عائداتها حوالي 53 مليار دولار في عام 2023، مقارنة بـ 54 مليار دولار في العام السابق.
تأثير الرسوم الجمركية على العملات والأسواق المالية
رافق ارتفاع الرسوم الجمركية تصاعد المخاوف في الأسواق المالية العالمية، مما أدى إلى تعزيز قوة الدولار الأمريكي كملاذ آمن. وقد تأثر سعر الدولار الأمريكي اليوم بهذه التطورات، حيث تراجع معظم العملات الرئيسية أمام الدولار.
ويعزى ذلك إلى زيادة الطلب على الدولار في ظل حالة عدم اليقين التجاري، ما يدعم قيمته ويضع ضغوطًا إضافية على أسعار النفط، إذ يعتبر الدولار عاملا معيقا لأداء السلع التي تقاس بالدولار.
ختاما في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، تراجعت أسعار النفط بسبب ارتفاع المخزونات الأمريكية ومخاوف المستثمرين من احتمال اندلاع حرب تجارية جديدة تؤثر على النمو الاقتصادي العالمي.
وبالرغم من محاولات ترامب لاستعادة تأثيره من خلال تجديد حملته ضد النفط الإيراني، لم تستطع هذه الإجراءات تجاوز الضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية الجديدة والردود السريعة من الصين.
وتظل حالة عدم اليقين التجاري والتقلبات في الأسواق المالية عاملاً رئيسيًا يؤثر على أسعار النفط، فيما يترقب المستثمرون التطورات القادمة، خاصة فيما يتعلق بتعديل السياسات الإنتاجية من قبل أعضاء أوبك+ وتأثير ذلك على توازن العرض والطلب العالمي.
اقرأ أيضا…
3 تعليقات