ما هو التحوط؟ | أفضل استراتيجيات التحوط في التداول لعام 2025

إذا كنت قد سافرت يوما ما إلى مكان خارج بلدك، فقد فكرت في شراء تأمين سفر لحماية نفسك من حدث غير متوقع. يقوم العديد من المستثمرين المستقلين بشيء مشابه، لحماية أنفسهم من تقلبات الأسواق- في عالم التمويل، تسمى هذه الحماية التحوط. يأتي التحوط بتكلفة ويمكن أن يحد من مكاسبك إلى حد ما، ولكنه قد يكون وسيلة للمساعدة في الاحتفاظ بمكاسبك إذا ارتفعت تقلبات السوق.
في هذا المقال سنشرح ما هو التحوط وأنواعه وكيف يستخدم المستثمرين استراتيجيات التحوط في الأسواق المالية المختلفة.
ما هو التحوط في التداول؟ (Hedging)
التحوط هو طريقة تداول تهدف إلى تقليل الخسائر من خلال شراء استثمارات توفر تعرض معاكسا لاستثمار موجود بالفعل في محفظتك، وغالبا ما يمكن تنفيذ التحوط باستخدام خيارات أو عقود آجلة أو مشتقات أخرى بتكلفة أقل. التحوط المثالي، رغم أنه نادر التحقيق، سيقضي تماما على مخاطر أصل معين من خلال ارتباطه العكسي بنسبة 100% مع تحركات سعر الأصل.
المستثمرون المعتمدون – الذين يكونون عادة من أصحاب الثروات العالية – قد يكونون قادرين أيضا على الوصول إلى استراتيجيات أكثر تطورا على شكل صناديق تحوط، وتدار هذه الأدوات الاستثمارية بشكل احترافي وتستخدم استراتيجيات معقدة تهدف إلى تقليل المخاطر وتحقيق عوائد مطلقة غير مرتبطة بأي مؤشر محدد، وعلى الرغم من أن صناديق التحوط قد توفر للمستثمرين وسيلة لتحسين مستوى التنويع – وأحيانا تحقيق عوائد قوية عبر دورات السوق – إلا أنها قد تتضمن عوائق للدخول، ورسوما مرتفعة، ونقصا نسبيا في الشفافية.
وهناك عدة أسباب قد تدفعك إلى التحوط من المخاطر. بداية، يمكن أن تساعدك استراتيجية التحوط على تعويض بعض المخاطر المرتبطة بالأصول التي تعتبرها محفوفة بالمخاطر إذا امتلكتها بشكل منفرد. كما يمكن لاستراتيجية التحوط أن تقلل من الخسائر التي قد تتكبدها في حال لم تحقق السوق الأداء المتوقع، أو تساعدك على حماية الأرباح المحققة من استثمار تمتلكه بالفعل في محفظتك. بدلا من بيع الاستثمار بشكل كامل، قد يفكر المستثمر في إضافة تحوط للحد من أي خسائر محتملة، مع الاستمرار في الاحتفاظ بالاستثمار والاستفادة من أي مكاسب إضافية محتملة.
أيضا الاستثمار ينطوي بطبيعته على المخاطر، ولكن يمكن لاستراتيجية التحوط أن تساعد في تخفيف بعض هذه المخاطر. إحدى الطرق لتحقيق ذلك هي الاستثمار في أصول ذات علاقة عكسية، أي أنها تميل إلى الاستجابة بشكل معاكس لنفس ظروف السوق. بهذه الطريقة، إذا تسببت قوى السوق في انخفاض قيمة أصل معين، فمن المحتمل أن تصبح الاستراتيجية المعاكسة أكثر قيمة وتعوض بعض الخسائر. بالطبع، تقليل المخاطر يمكن أن يعني تقليل العوائد أيضا، حيث إن التحوطات التي تقلل الخسائر قد تحد من المكاسب المحتملة أيضا.
ما هي أنواع التحوط المختلفة؟
التحوط المالي
يتضمن التحوط المالي استخدام أدوات مالية لتقليل بعض المخاطر المرتبطة بتقلب أسعار الفائدة، أسعار الصرف، أو عوامل أخرى قد تؤثر على أرباح الشركة. على سبيل المثال، قد يلجأ منتجي القهوة إلى التحوط لحماية نفسهم من ارتفاع أسعار حبوب القهوة في المستقبل، وهي مكون أساسي في تكلفة تشغيل أعماله.
التحوط التشغيلي
التحوط التشغيلي هو إجراء تتخذه الشركات لتخفيف المخاطر المرتبطة بعملياتها. قد يشمل ذلك تنويع الموردين، استخدام عمليات تصنيع مرنة، أو إقامة منشآت الإنتاج في مناطق جغرافية مختلفة. وعلى الرغم من أن هذا النهج لا يرتبط مباشرة بالاستثمار، إلا أن فهم هذا النوع من التحوط يمكن أن يساعدك في تقييم كيفية إدارة الشركة والخطوات التي تتخذها لتقليل تأثير عدم اليقين التشغيلي على أدائها.
التحوط الطبيعي
يتضمن التحوط الطبيعي الاستثمار في أصول ترتبط بعلاقة عكسية بطبيعتها، مثل الأسهم مقابل السندات، حيث تتحرك عادة في اتجاهين متعاكسين وفقا لأسعار الفائدة. يمكن للشركات استخدام التحوط الطبيعي للحماية من تقلبات أسعار الصرف. على سبيل المثال، قد تواجه شركة كندية تبيع منتجاتها في الولايات المتحدة خطر فقدان جزء من إيراداتها إذا ضعف سعر صرف الدولار الأميركي. لتحوط هذا الخطر بشكل طبيعي، يمكنها زيادة مبيعاتها داخل كندا أو نقل جزء من إنتاجها إلى الولايات المتحدة.
التحوط المتقاطع
التحوط المتقاطع هو استراتيجية تستخدمها الشركات للحماية من قوى السوق، وغالبا في الحالات التي لا تتوفر فيها عقود آجلة لأصل معين. على سبيل المثال، قد يقوم مصنع تقني بتحوط متقاطع لتغطية تعرضه للمعادن الأرضية النادرة من خلال الاستثمار في شركات تساعد على استخراج هذه المعادن أو الاستثمار في أصول أخرى ترتبط إيجابيا بها. في الحالة المثلى، تبحث الشركة عن أصل يميل سعره إلى الارتفاع والانخفاض بالتزامن مع الأصل الذي تحتاجه الشركة لتشغيلها.
أفضل استراتيجيات التحوط
فيما يلي بعض استراتيجيات التحوط التي يمكن للمتداولين استخدامها:
1. العقود الآجلة
العقود الآجلة هي اتفاقيات لتبادل أصل مالي بسعر محدد مسبقا في تاريخ مستقبلي، ويتم استخدامها في الأسواق التي تشهد تقلبات شديدة.
يمكنك استخدام هذه العقود لإغلاق صفقتك وتلقي الدفع قبل موعد التسليم، ونظرا لأن شروط العقد تحدد منذ بداية الصفقة، غالبا ما يستخدم المتحوطون العقود الآجلة لتجنب تقلبات أسعار الأصول. وبالتالي، لن تؤثر التغيرات في الأسعار على قيمة الأصل عند نهاية العقد.
على سبيل المثال، قد يستخدم متداول السلع عقودا آجلة لحماية نفسه من عوامل مثل الطقس أو الكوارث الطبيعية التي قد تؤثر على العرض والطلب للسلع مثل الذرة أو القمح أو السكر. يمكن للمتداولين تثبيت السعر من البداية لتجنب المخاطر التي قد تؤدي إلى خسائر.
2. العقود المستقبلية وعقود الخيارات
تُستخدم العقود المستقبلية وعقود الخيارات في نوع آخر من تداول المشتقات. إذا كنت تنوي شراء أصل في المستقبل، يمكنك اتخاذ صفقة شراء (Long)، وإذا كنت تخطط لبيعه، يمكنك اتخاذ صفقة بيع (Short).
ويساعد تثبيت أسعار المستقبل على تقليل عدم اليقين بشأن ظروف السوق. ومع ذلك، يجب إتمام فترة العقد بالكامل بالنسبة للعقود المستقبلية والخيارات، التي تتميز بكونها أكثر تنظيما من العقود الآجلة.
3. الأصول الآمنة
غالبًا ما يشار إلى الذهب، كونه من المعادن النفيسة، باعتباره “ملاذا آمنا” للعديد من المستثمرين بسبب ندرته واعتماديته واستقراره في سوق السلع.
وظل الذهب محتفظا بقيمته على مدار سنوات عديدة، ويمكن للمتداولين الاستثمار فيه كاستراتيجية لحماية صفقاتهم في الأسواق الأخرى خلال فترات الاضطرابات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
كما يساعد الذهب في حماية المتداولين من التضخم ويستخدم كتحوط ضد انخفاض قيمة العملات، وعندما ينهار سوق الأسهم، تميل أسعار الذهب إلى الارتفاع، مما يجعله خيارا شائعا خلال فترات التقلبات الشديدة.
4. تداول الأزواج
تعتبر استراتيجية تداول الأزواج من أكثر استراتيجيات التحوط شيوعا. تُعرف هذه الاستراتيجية بأنها تقنية تحوط طويلة وقصيرة (Long-Short) محايدة للسوق.
تستخدم هذه الاستراتيجية عندما يكون هناك ارتباط إيجابي بين أصلين. على المتداول تحديد الأصل المبالغ في قيمته والأصل الأقل من قيمته الحقيقية. بناءً على ذلك، يمكنه اتخاذ صفقة شراء للأصل الأقل قيمة وصفقة بيع للأصل المبالغ في قيمته. لتحقيق الربح، يجب أن يعود الأصلان إلى الارتباط الإيجابي الأصلي بينهما.
5. السندات الحكومية
تعتبر أدوات الدين مثل سندات الخزانة (T-bonds) والسندات الحكومية (gilts) استثمارات آمنة طوال العام. توفر السندات معدل عائد ثابت حتى تاريخ استحقاقها، وبعد ذلك تدفع الحكومة القيمة الاسمية للسند لحامله.
هذا يعني أنك ستحصل في النهاية على أموالك المستثمرة. ومع ذلك، قد تتأثر السندات الحكومية بمعدلات الفائدة والتضخم وقوة العملة، لكنها عادة ما تكون أقل تأثرا من الأسواق المالية الأخرى مثل سوق الأسهم. ولهذا السبب، تعتبر السندات الحكومية ملاذا آمنا في أوقات عدم اليقين في الأسواق.
إستراتيجية تحوط بسيطة في الفوركس
قد يختار المتداول التحوط في سوق الفوركس كطريقة لحماية نفسه من تقلبات أسعار الصرف، وعلى الرغم من أنه لا توجد طريقة مضمونة لإزالة المخاطر بالكامل، إلا أن استخدام استراتيجية تحوط يمكن أن يساعد في تقليل الخسائر أو حصرها في نطاق محدد ومعروف.
ويختلف التحوط في سوق العملات قليلا عن التحوط في الأسواق الأخرى، نظرا لأن سوق الفوركس يتميز بطبيعته المتقلبة، وفي حين قد يقرر بعض متداولي الفوركس عدم التحوط لصفقاتهم، معتبرين أن التقلبات جزء طبيعي من تداول العملات، يعتمد الأمر في النهاية على مدى تحملك للمخاطر المرتبطة بتقلبات العملات.
وإذا كنت تعتقد أن زوج عملات معين على وشك الانخفاض في قيمته، ولكنك تتوقع أن الاتجاه سيعكس مساره لاحقا، فإن التحوط يمكن أن يساعد في تقليل الخسائر قصيرة الأجل مع حماية أرباحك على المدى الطويل.
تتضمن استراتيجية التحوط البسيط في الفوركس فتح صفقة معاكسة لصفقة التداول الحالي. على سبيل المثال، إذا كان لديك صفقة شراء على زوج عملات معين، يمكنك اختيار فتح صفقة بيع على نفس الزوج – يعرف هذا باسم التحوط المباشر.
وعلى الرغم من أن صافي الربح في التحوط المباشر يكون صفر، فإنك ستحتفظ صفقتك الأصلية في السوق للاستفادة منه عند انعكاس الاتجاه. إذا لم تقم بالتحوط، فإن إغلاق تداولك يعني قبول الخسارة. ولكن إذا قررت التحوط، فسيمكنك تحقيق أرباح من الصفقة الثانية عندما يتحرك السوق ضد صفقتك الأولى.
إستراتيجية التحوط بعملات متعددة
استراتيجية شائعة أخرى للتحوط في الفوركس تتضمن اختيار زوجين من العملات يكونان مترابطين بشكل إيجابي، مثل زوجي GBP/USD و EUR/USD، ثم اتخاذ صفقات على كلا الزوجين ولكن في اتجاهين متعاكسين.
على سبيل المثال، إذا أخذت صفقة بيع على زوج EUR/USD وقررت التحوط من تعرضك للدولار الأمريكي بفتح صفقة شراء على زوج GBP/USD، ففي حالة انخفاض اليورو مقابل الدولار، قد تتعرض صفقتك الشرائية على GBP/USD لخسارة، ولكن سيتم تعويض هذه الخسارة من خلال الأرباح المحققة في صفقتك على EUR/USD. وفي حال تراجع الدولار الأمريكي، فإن التحوط سيعوض أي خسارة في صفقة البيع الخاص بك.
ومن المهم أن تتذكر أن التحوط باستخدام أكثر من زوج عملات ينطوي على مخاطر خاصة به. في المثال السابق، على الرغم من أنك قد تحوطت ضد تعرضك للدولار، فإنك قد تكون فتحت أيضا تعرضا بيعيا للجنيه الإسترليني وتعرضا شرائيا لليورو.
إذا نجحت استراتيجيتك في التحوط، فسيتم تقليل المخاطر وقد تحقق حتى أرباحا. مع التحوط المباشر، ستكون النتيجة الصافية صفرا، ولكن مع استراتيجية متعددة العملات، هناك احتمال أن تحقق إحدى الصفقات أرباحا أكبر من الخسارة التي تكبدتها الصفقة الآخرى.
وإذا لم تنجح الاستراتيجية، فقد تواجه احتمالية خسائر من عدة صفقات في وقت واحد. لذا، يجب استخدام هذا النوع من التحوط بحذر، مع الأخذ في الاعتبار التأثيرات المحتملة على جميع الأزواج المعنية واستعدادك لتحمل المخاطر المصاحبة.
تحوط الفوركس مع عقود الخيارات
تمنح عقود خيارات العملات لحامله الحق، وليس الالتزام، في تبادل زوج العملات بسعر معين قبل وقت محدد لانتهاء الصلاحية. تعتبر الخيارات أدوات تحوط شائعة للغاية، لأنها تتيح لك فرصة تقليل تعرضك للمخاطر مقابل تكلفة العقد فقط.
مثال على استخدام خيار العملات:-
لنفترض أنك تملك صفقة شراء على زوج AUD/USD، وكنت قد فتحت هذه الصفقة عند سعر 0.76. ومع ذلك، تتوقع حدوث انخفاض حاد وتقرر التحوط من المخاطر عن طريق شراء خيار بيع (Put Option) بسعر 0.75 مع تاريخ انتهاء مدته شهر واحد.
- إذا انخفض السعر إلى أقل من 0.75 عند انتهاء الخيار، فإنك قد تكون تكبدت خسارة في صفقة الشراء الخاصة بك، ولكن خيار البيع سيكون “داخل المال” (In the Money)، مما يعني أنه سيعوض خسائرك.
- أما إذا ارتفع زوج AUD/USD بدلا من ذلك، يمكنك السماح بانتهاء الخيار دون استخدامه، وستكون التكلفة الوحيدة التي تتحملها هي القسط المدفوع لشراء الخيار.
ويوفر استخدام خيارات العملات مرونة كبيرة، حيث يمكنك التحوط ضد المخاطر المحتملة دون الالتزام بتطبيق الخيار إذا كان السوق يتحرك في صالحك. وهذا يجعلها أداة فعالة للتخفيف من الخسائر المحتملة مع الحفاظ على إمكانية الاستفادة من الاتجاهات الإيجابية للسوق.
تعليق واحد